نظرية سحب التكليف سحبت من التداول.. من عتمة الكهرباء إلى عتمة الفراغ الرئاسي

رجال إطفاء يخمدون حريق الحبوب في الصوامع الشمالية في مرفأ بيروت لليوم الثاني على التوالي (محمود الطويل)

بعد عتمة الكهرباء المطبقة على لبنان، عتمة الفراغ الرئاسي تدق الأبواب، رئيس الجمهورية ميشال عون يحذر من فراغ مزدوج، رئاسي وحكومي، ويعتبر امام زواره ان فراغ السلطة التنفيذية، عبر حكومة غير مكتملة الأوصاف، لا يمكنها أن تملأ الفراغ الرئاسي.

وفي هذا الكلام الذي نقله بعض زوار الرئيس عون، يعني انه لا يستطيع تسليم رئاسة الجمهورية الى الحكومة القائمة، والسؤال هنا، هل ان الغاية من هذا القول، الضغط على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، أم التمهيد لخطوة، لطالما نفاها الفريق الرئاسي تكرارا، ألا وهي اعتزامه عدم ترك القصر الجمهوري، عند انتهاء ولايته في 31 أوكتوبر.

رد ميقاتي كان سريعا، فقد اعتبر ان ما قاله عون امام زواره المقربين منه، مخطط له من قبل المقربين اليه، ومن دون ان يسمي وريثه الطموح جبران باسيل، كما يكشف السبب الحقيقي لتعطيل تشكيل الحكومة، واستغرب ميقاتي استخدام منبر الرئاسة المفترض ان يكون فوق كل الاعتبارات الطائفية لاطلاق مواقف تؤجج الأوضاع.

وفي رد على الرد، استغرب مكتب الاعلام الرئاسي، رد ميقاتي على موقف الرئيس عون، وسأل اي كلام ورد في التصريح يستوجب استغرابه، علنا نشترك في رفضه، اما القول باستخدام منبر الرئاسة المفترض ان يكون فوق كل الاعتبارات الطائفية، فهو قول مستغرب، في وقت كانت ردود الفعل الطائفية والمذهبية تصدر من مواقع رسمية أخرى.

وفي هذا السياق تقول قناة «المنار» الناطقة بلسان حزب الله، ان ملء الفراغ على المستوى الحكومي، دونه الكثير من العقبات الى الآن، وكل المحاولات عالقة او معلقة بفعل فاعلين.

اما كتلة الوفاء للمقاومة، التي تمثل حزب الله في مجلس النواب، فقد دعت الى استنفاد كل المساعي والمحاولات للتفاهم حول تشكيلة مناسبة.

لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فالفريق الرئاسي يحاول السيطرة على القرار الحكومي في مرحلة ما بعد الفراغ، ان حصل، والمفترض، كما يبدو انه سيحصل. ونرى الرئيس المكلف يصد ضربات الترجيح، لتوريث باسيل عهد جهنم القوي، وفق تعبير قناة «الجديد».
وبمناسبة الحديث عن باسيل، فقد نقلت المواقع الاخبارية ومختلف وسائل الاعلام ما اشارت اليه «الأنباء» عن توجه رئاسي نحو تكليف رئيس التيار الحر جبران باسيل بتشكيل حكومة انتقالية تغطي فترة الفراغ الرئاسي المرتقبة، ومن دون صدور رد فعل حيال ما نشر من جانب الجهات المعنية.

وقد غابت المساعي والوساطات لتقليص مساحة التباعد بين بعبدا والسراي الكبير، وتوصل الفريق الرئاسي، ومن خلال رئيس الرابطة المارونية، ان يستدرج بكركي، وعبر مصادر كهونتية الى صف الاعتراض على ادارة الشغور الرئاسي، من خلال حكومة مستقيلة، فيما بدا من بيانات المكتب الاعلامي لميقاتي، انه خرج من دائرة تدوير الزوايا، التي اتصف بها، بعدما تحولت الزوايا الى دوائر من كثرة التدوير، وبات يميل الى القول للاعور، اعورا بعينه، مع ترك هامش للتلاقي مع الرئيس عون، رهانا على تبدل مجرى الرياح الاقليمية لمصلحة سفن السلطة اللبنانية المتعثرة بارتباطاتها الاقليمية والدولية.

المصادر المتابعة لاحظت تراجع التسريبات، حول تفكير المطبخ الرئاسي، بسحب تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة، ومرد ذلك عجز هذا المطبخ عن تأمين المقومات الدستورية والسياسية لتوجهه هذا، وقد اعترف المستشار الرئاسي سليم جريصاتي، المنسوبة اليه معظم الاجتهادات والبدع الدستورية الصادرة عن القصر الجمهوري، لقناة «أم تي في» بأن سحب التكليف غير ممكن، الا بعد اجراء استشارات نيابية جديدة لهذا الغرض، وبعد التشاور مع رئيس مجلس النواب عملا بمبدأ «موازاة الصيغ»، لكن جريصاتي، نصح الرئيس ميقاتي بقوله: «شكل، تستلم…».

وتجدر الاشارة الى ان فكرة سحب التكليف من رئيس الحكومة المكلف، سبق ان طرحت في ديسمبر 2018، بعد تأخر الرئيس المكلف تمام سلام في تشكيل حكومته، نتيجة التعقيدات المماثلة لما يواجهه ميقاتي اليوم، يومها استغرب سلام مثل هذا الطرح، ورأى في بيان صدر عن مكتبه الاعلامي انه يستبطن القول ان النواب الذين منحهم الدستور حق تسمية الرئيس المكلف، بإمكانهم اعادة النظر بهذا التكليف، وقال: هذا استخراج من الدستور ما ليس فيه، وبدعة جديدة تضاف الى سلسلة البدع التي ترمي الى خلق اعراف منافية للنص الدستوري.
وفي حينه علق الرئيس فؤاد السنيورة بقوله: «ان معالجة مشكلة تشكيل الحكومة من خارج السياق الدستوري كوضع هذا الموضوع بيد مجلس النواب، يخالف المادة 53 من الدستور التي تنيط برئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، ويشكل خروجا عن مبدأ فصل السلطات، وهو ما اعتبره في حينه ايضا، النائب فارس سعيد «فصل غير دستوري، قد يدخل لبنان في مغامرة سياسية ووطنية».

الانباء ـ عمر حبنجر

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.