تساؤلات عن علاقة «تفجير التسوية» بمهمة الأمين العام «الحدودية».. وبري أرسل الخليلين ليلاً لاسترضاء ميقاتي بعد اللقاء «العاصف»

تساؤلات عن علاقة «تفجير التسوية» بمهمة الأمين العام «الحدودية».. وبري أرسل الخليلين ليلاً لاسترضاء ميقاتي بعد اللقاء «العاصف»

ما حصل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، من عصف كلامي، مع وجود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في لبنان، يسمح بتفسيرين: إما الرد على دعوات غوتيريش للبنانيين «بالتوحد والتضامن والتحاور»، بما يعني ان ذلك من سابع المستحيلات، وإما صرف الأنظار عن الزيارة الأممية، التي توسعت لتشمل مدارس «الأونروا» للاجئين الفلسطينيين في طرابلس، وجمعيات الحراك المدني في أكثر من منطقة ومنها صور، فضلا عن تفقده قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، متجاوزا حدود المنظومة الحاكمة في لبنان، انسجاما مع حرص المجتمع الدولي على التعامل مع الشعب اللبناني، دون حكومته.

وحذر غوتيريش من أن الأزمة الاقتصادية في لبنان مأساوية وهي أزمة عميقة وان المجتمع الدولي لن يستجيب لحاجات لبنان في حال لم يلاحظ القيام بإصلاحات.

وأكد في مؤتمر صحافي في ختام زيارته أمس الى لبنان، أنه «لابد من أن تعقد ​الانتخابات النيابية​ اللبنانية وحصلنا على ضمانات لإتمام ذلك، ولدينا الدعم الفني والتقني لدعم الانتخابات وهذا ما سنفعله تحديدا بتسهيل تنظيم انتخابات نيابية نزيهة وحرة».

وأضاف: «قمت بحض المسؤولين اللبنانيين على العمل معا لإجراء الإصلاحات المطلوبة والالتزام بالشفافية ولا يحق لهم تعطيل العمل، والأزمة الاقتصادية هي أزمة عميقة، ومن الضروري استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والمجتمع الدولي لن يستجيب في حال لم يلاحظ القيام بإصلاحات وهناك بعض الإجراءات التي يجب أن يتم اتخاذها في لبنان». وبالنسبة للتحقيق بملف ​انفجار مرفأ بيروت​، أوضح غوتيريش أن «هناك عملية تحقيق وأدعم آلية فصل السلطات في لبنان ولا يمكنني اتخاذ أي مبادرة بعملية التحقيق، ومن الضروري أن يكون التحقيق مستقلا ونزيها وشفافا، وآمل أن تجري عملية التحقيق بهذه الطريقة».

وعن ​قوات اليونيفيل​، قال: «أؤمن بمراجعة مهام البعثات في سبيل التحسين، ونحن لا نعيد النظر بأي مهام لأي قوة بشكل يؤثر على تراجع الأداء، وليس من مهامنا أن نغير الصلاحيات، من مهام اليونيفيل أن تعبر عن تضامنها مع لبنان دعما للشعب، وهذا قرار اتخذه مجلس الأمن بأن يقدم الدعم بمختلف أشكاله لتوفير المساعدات الغذائية والأدوية وغيرها وتتعاون مع الجيش بمجالات مختلفة».وواضح للمتابعين ان غوتيريش، أتى الى لبنان في زيارة أممية، لمتابعة القرارات الدولية الصادرة بخصوص لبنان، وبالذات القرار 1701 الذي ينص على حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وكذلك لمعالجة مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وهي المسألة التي يتنكبها رئيس مجلس النواب نبيه بري بصورة أساسية، بالتنسيق الضمني مع حزب الله، وبتسليم متفاوت من أطراف السلطة الآخرين، وقد شجع غوتيريش المسؤولين اللبنانيين على ترسيم هذه الحدود.

والسؤال الذي يطرحه المتابعون هنا، هل ثمة من طرح صادم عرضه غوتيريش بخصوص ترسيم الحدود، أوجب الرد عليه من خلال افتعال أزمة سياسية بين رئاسة المجلس ورئاسة الحكومة، عبر طرح «صفقة» المقايضة بين التعديلات على قانون الانتخابات العامة امام المجلس الدستوري، الذي حسمها امس برد الطعن المقدم من التيار الحر، وبين اطاحة المحقق العدلي بجريمة تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار، ومعه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المطلوب رأسه من قبل جبران باسيل وحزب الله؟

واستطرادا، ألم يكن بالإمكان تأجيل فتح ملف هذه «الصفقة» السياسية المهينة الى اليوم، بعد مغادرة الزائر الأممي للبنان؟ هنا تقول المصادر ان جماعة الصفقة، حشروا بموعد صدور القرار بخصوص التعديلات لقانون الانتخابات من قبل المجلس الدستوري أمس، بحكم كونه آخر المهل القانونية التي لا تحتمل التأجيل.

وأهداف الصفقة كما بات معروفا، إعادة مجلس الوزراء الى الانعقاد، كهدية يريدها ميقاتي للزائر الدولي، خاصة وان تعطيل الحكومة بات عبئا على المعطلين تجاه المجتمعين العربي والدولي، وتجاه اللبنانيين قبل سواهم، وفك الحجر عن الحكومة يقابله من وجهة نظر «الثنائي» إزاحة البيطار، عن ملف التحقيق بانفجار المرفأ، ومعه رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، ومعهما النائب العام التمييزي غسان عويدات، ورئيس التفتيش القضائي بركان سعد، ثم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. والطرف الآخر الداعم لطرح الثنائي يتمثل بالرئيس عون والنائب جبران باسيل الطامح لوراثته في بعبدا. وكان يفترض أن يتولى المجلس الدستوري الؤلف من 10 قضاة، جرى تعيينهم بمحاصصة سياسية، تنفيذ «الصفقة – التسوية»، بقبوله طعن التيار الحر بتعديلات قانون الانتخابات، الأمر الذي يخفف من هواجس السقوط لدى باسيل، لكن قرار المجلس جاء بعكس مشتهى المقايضة المطروحة، والذي حدث ان ثلاثية «الصفقة» او «التسوية» المؤلفة من الثنائي والتيار الحر، شعرت بحجم الخسارة الشعبية التي يمكن ان تقع بها، وخصوصا فريق العهد والنائب باسيل، فالانتخابات على الأبواب، وسوق تعيين البدائل لمن سيطاح بهم، مفتوح وكل طرف يريد التبضع من هذا السوق بالأسماء التي ستملأ الفراغ بعد انتهاء الولاية الرئاسية. اما الرئيس ميقاتي، فقد يربح رفع الحظر عن اجتماعات حكومته، لكنه سيخسر دعم المجتمع الدولي والأوروبي والفرنسي خصوصا، فضلا عن زعامته السنية، وتحديدا في مدينة طرابلس.

من هنا كانت النهاية الدرامية لهذه الصفقة، حيث يقول المطلعون، انه عندما دخل ميقاتي على بري، بادره الأخير بالقول: اذا دعوتم الى جلسة لمجلس الوزراء قبل التسوية المطروحة، فإن استقالة وزراء «الثنائي» جاهزة، فرد عليه ميقاتي قائلا: وأنا أستقيل أيضا، عندها ارتفعت حدة الكلام، بري يريد التسوية، أي فصل التحقيق مع الرؤساء والوزراء في قضية المرفأ عن ملف القاضي البيطار وإحالتهم الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بعد تفعيله.

وميقاتي يجيب: الأولوية عندي للأمور المعيشية والاجتماعية ودعم الليرة، أما مسألة القاضي البيطار فلا شأن للحكومة بها. وأمام هذه التعارضات، خرج الرئيس ميقاتي من عين التينة، غاضبا بخلاف ما اعتاده منه الجمهور. وقد زاره الخليلان(علي حسن خليل المعاون السياسي للرئيس بري) وحسين خليل (المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله) في منزله ليلا، للتهدئة من روعه، كما حاول الرئيس بري تلطيف الأجواء بتصريح لـ«النهار البيروتية»، نفى فيه حصول أي اشكال مع ميقاتي.

الأنباء – عمر حبنجر

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.