«دفعة بيروت».. دائرة التكرار والخروج عن المنطق

وانتهى «دفعة بيروت» بعد 30 حلقة امتد عرضها على مدار الأشهر الماضية، عبر منصة «شاهد» الإلكترونية. المسلسل ودعه الجمهور على منصات التواصل الاجتماعي، وتصدر «تريند» على «تويتر» بخلاف «بوستات» «إنستغرام»، وبعيدا عن التقدير للمجهود المبذول وظروف التصوير التي سبق ونشرتها «الأنباء» في تحليل الحلقات العشر الأولى من المسلسل، نتناول فيما يلي التفاصيل:

الدفعات

«دفعة بيروت» هو العمل الثاني الذي يتناول رحلة لمجموعة من الطلاب الكويتيين يكملون دراستهم الجامعية خارج الكويت في بقعة جغرافية وبعد زمني، وكانت التجربة الأولى للكاتبة هبة حمادة في مسلسلها «دفعة القاهرة» وأيضا مع المخرج علي العلي، ويبدو أن الدفعات ستستمر بعد تصريح حمادة بأنها تحضر لـ«دفعة لندن».

القصة والشخصيات

القصة كالعادة يصعب أخذها ومحاكمتها على أساس الحقائق والوقائع التاريخية أو الزمنية، كون «دفعة بيروت» نبتا خالصا وكاملا لمخيلة الكاتبة الكبيرة وتستطيع بها إيقاف الزمن وتقديمه وكتابة الحدث ونفيه بحادث أو استيقاظ الشخصية، وجمع المتناقضات والأضداد، وحبكت قصتها حول مجموعة من الطلاب الكويتيين الملتحقين بالجامعة الأمريكية في بيروت وتشابك خيوط شخصياتهم مع أقرانهم، ونرى علاقات الصداقات وقصص الحب والانتقام بينهم طوال سنوات دراستهم الجامعية.

المحاور الأساسية للقصة دارت حول قصة غرام رباعية الأطراف بين حب فاطمة الصفي «شاهة» لذو الفقار خضر «عبدالكريم» الذي تحبه أيضا صديقة طفولته روان المهدي «ناعسة» والتي هي في الوقت نفسه أقرب صديقات «شاهة»، ويأتي الضلع الرابع في هذه القصة ناصر الدوسري «خلدون» العاشق لـ«ناعسة».

مطبات درامية

ومع المطبات الدرامية التي عصفت بالقصة بين حب وهجر، نتابع هروب «شاهة» في يوم عرسها من «خلدون» لعدم قدرتها على الارتباط بسبب حادثة مرت بها في طفولتها منعتها من الإنجاب وجعلتها تكره الرجال.

القصة الثانية في المسلسل رباعية الأطراف كذلك بين نور غندور «جميلة» الحسناء التي يقع في حبها مهند الحمدي «منصور» والذي يجبره والده على الارتباط بشقيقتها ليال دهراب «حصة»، لينضم لهذا الزخم حمد أشكناني «مبارك» الشاب ذو الموهبة والقدرات الخاصة الذي يقع في حب «جميلة» مسخرا كل أموال وعلاقات والده لإتمام هذا الارتباط. العلاقات تتعقد لتصل بـ«جميلة» و«منصور» بالإقدام على الارتباط في السر ولضعف منصور وعدم قدرته على مواجهة أسرته بحبه وارتباطه ومع اقتراب موعد ارتباطه بـ«حصة» يقع الطلاق بينه وبين «جميلة» التي لا تجد أمامها إلا «مبارك» ليستر عليها ويقبل بالزواج بها خاصة انها تشك في أنها قد تكون حاملا من «منصور»، وبالفعل تصح توقعاتها.

أما «حصة» فتجد أن يوسف البلوشي «بندر» زميلهم في الجامعة يقع في غرامها بعدما تعرض حبه لبائعة الورد بالفشل وعدم ارتباطها لرفض أسرتها المسيحية من ارتباطها بشاب مسلم.

وبموازاة ذلك، قصة محمود نصر «مشعل» الذي تسعى نور الشيخ «لطيفة» للانتقام منه لما فعله بشقيقتها التوأم «فتحية» التي تسبب في انتحارها بعدما حملت منه سفاحا. ولكن المعايير تختلف مع دخول أنس طيارة «مساعد» في القصة ويقع في غرام «لطيفة» زميلته في الجامعة، وتتابع الأحداث مع إيجاد «مشعل» ابنه من «فتحية» بعدما تتسبب والدته هدى الخطيب «أم مشعل» في قتل زوجته الحامل بعدما اختنقت من رائحة الغاز، فيقرر «مساعد» الاحتفاظ بابنه والتسبب في قتل العائلة التي كانت ترعاه، ومع توالي الأحداث نراه يقع في حب «شاهة» ويقرر الارتباط بها.

بعد سياسي

للعمل أيضا بعد سياسي مع قصة علي كاكولي «طارق شخشيخة» الطالب المنتمي إلى إحدى الجماعات الدينية المتشددة والذي يصل به إخلاصه وتفانيه معهم إلى بلوغ أعلى المراتب وتمكينه بالسلطة والمال، لكنه ينقلب ويظهر بصورة علنية كمعارض لهم وكاشفا لكل ما كان يدور في كواليسهم وهذا يدفعهم لقرار الانتقام منه.

«دفعة بيروت» سرد قصصا أخرى فرعية، قصة لولوة الملا «نورية» ووائل منصور «فرحان» ونرى البعد الطبقي والمساواة في المجتمع.

قصة مناير العازمي «شفيقة» وزوجها كارلوس عازار «مازن» الذي على الرغم من خيانته المتكررة لا تستطيع أن تتخلى عنه وتستمر في إعطائه المزيد من الفرص.

حكاية خالد الشيخ الطالب السكير الذي يفتعل المشاكل باستمرار لينسى حبه لزوجة شقيقه، وعندما يكتشف شقيقه ذلك يقرر الانفصال عنها.

اختيار الممثلين

يحسب لفريق العمل اختيار ممثلين كانت «دفعة بيروت» هي بوابتهم لدخول الدراما الخليجية بأدوار رئيسية، خاصة الفنانين محمود نصر «مشعل»، ذو الفقار خضر «عبدالكريم»، أنس طيارة «مساعد»، وائل منصور «فرحان»، فحالة الانسجام التي وجدت بينهم وبين الفنانين تحسب لفريق العمل وأضافت حالة من التنوع للقصة، خاصة أن «دفعة بيروت» تكرر فيه أغلب الفنانين من «دفعة القاهرة» وفي أدوار رئيسية كفاطمة الصفي، نور الغندور، حمد أشكناني، خالد الشاعر ونور الشيخ.

الديكور والموسيقى التصويرية

أماكن التصوير والديكورات لم تحمل إضافة تذكر مقارنة بالأعمال الدرامية الأخرى التي تناولت حقبات مشابهة، وربما تكون الظروف التي رافقت تصوير العمل هي ما حالت دون ذلك، أما الموسيقى التصويرية فكانت إحدى أبرز علامات القوة والعلامة الفارقة من جمالها وعذوبتها والإتقان الذي صنعت به.

الرؤية الإخراجية

قدرات علي العلي وإمكاناته كمخرج معروفة، لكننا لم نر كادرات متميزة بالقدر الكافي لتشكل علامة مميزة في المسلسل رغم تنوع وثراء الموقع الجغرافي الذي تم تصوير العمل فيه، وهنا تعود الظروف الصعبة التي مر بها العمل خلال تنفيذه والمشاكل التي شهدها لبنان.

الخلاصة

«دفعة بيروت» عمل توافرت له كل الإمكانات ونفذ في ظروف استثنائية، لكنه وقع في أكثر من مكان في دائرة التكرار والنمطية والخروج عن المنطق مقتربا من القصص الخيالية بل الفنتازيا البعيدة عن المنطق البسيط للأشياء، فضلا عن الاستهلاك المستمر للقضايا الشائكة دون وضع جذور القصة بالصورة الكاملة والشاملة، وكأن المهم هو إثارة الجدل.. وهو أمر تحقق بالفعل!

سماح جمال – الأنباء

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.