فنون

خان صاصي في صيدا القديمة ينبض بالحياة: الفن والموسيقى يلتقيان في أمسية روتارية استثنائية

صيدا القديمة

في قلب صيدا القديمة، وبين حجارة خان صاصي العابقة برائحة التاريخ، عاد الأثر العريق ليولد من جديد بحلّة فنية مبهرة بعد أعمال التأهيل والتوسعة التي أعادت إليه الحياة والوهج الثقافي. فقد افتُتح الخان في أمسية فنية وثقافية استثنائية نظمها نادي روتاري بيروت بالتعاون مع نادي روتاري صيدا ومؤسسة صاصي، جمعت بين عبق التراث وروح الحداثة في مشهد مدهش احتضن الألوان والموسيقى والإبداع.

تحوّلت الباحات الداخلية للخان إلى معرض فني نابض بالحياة يروي حكاية صيدا وأبنائها، بمشاركة فنانين من الجنوب ومختلف المناطق اللبنانية. وقد خصص ريع الأمسية لتقديم منح دراسية ودعم مشروع “Polio Plus” العالمي الهادف إلى القضاء على مرض شلل الأطفال.

خان صاصي… لوحة من التاريخ والفن

احتضنت جدران خان صاصي الأثري أعمالًا فوتوغرافية استثنائية للمصوّر بيار دبانة، ولوحات فنية من غاليري شريف تابت، إلى جانب أعمال تشكيلية لخمسة فنانين جنوبيين هم: دلال القيسي، دوريش شمعة، حسين حسين، يوسف عون، وديفيد داود.
وتزيّنت الأمسية بعرض فريد من نوعه لمجموعة من القفاطين الفنية من مشروع “She” للمصممة دانا كنج خطيب، حيث تحوّل القفطان من قطعة أزياء إلى لوحة متحرّكة رسمها فنانون لبنانيون بارزون، بينهم: فادي يازجي، فيليب فرحات، ليلى داغر، شارل خوري، غسان عويس، ندى متى، رنا روضة، غادة زغبي، تالا الأمير، هنيبعل سروجي، وأسامة بعلبكي.

أنغام البلوز تملأ صيدا القديمة

وفي موازاة الألوان التي غمرت أروقة الخان، تحوّلت الردهات الداخلية إلى مسرح موسيقي حيّ أحياه أعضاء فرقة “Monday Blues” بمشاركة الفنانين عيسى وفؤاد غريب، غسان صقر، طوني رزق الله، وكمال بدارو، حيث امتزجت أنغام البلوز مع أجواء المكان التراثي في لوحة فنية تُعيد للمدينة القديمة رونقها.

حضور لافت ورسائل فنية ملهمة

شهدت الأمسية حضورًا واسعًا من الفاعليات الرسمية والروحية والثقافية، وأعضاء ناديي روتاري بيروت وصيدا، وجمهور من المدعوين من صيدا وبيروت وسائر المناطق اللبنانية. وكان في استقبال الحضور رئيس نادي روتاري بيروت أنطوان صاصي، الذي عبّر عن فخره بهذا الحدث قائلاً:

“اليوم نفتتح الخان بحلّته الجديدة، نجمع فيه الفن والموسيقى والثقافة في ليلة واحدة. نعرض أعمالاً تشكيلية وقفاطين مرسومة يدويًا، إلى جانب مشغولات لبنانية تقليدية تعبّر عن روح تراثنا”.

رسالة حياة من صيدا إلى الجنوب

من جهته، قال راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران إيلي حداد:

“تفاجأت بالمواهب المعروضة اليوم، وهذا يدل على أن الجنوب مليء بالإبداع. الجنوب ليس رمزًا للحرب والموت، بل للحياة والأمل. ما نشهده اليوم هو انتفاضة على الموت وكوّة ضوء في جدار الظروف الصعبة”.

أما المصممة دانا كنج خطيب، فشرحت فكرة مشروعها الفني قائلة:

“مشروعي يحمل اسم She – هي، حيث أعمل مع فنانين لبنانيين على تصميم قفاطين يدوية يرسم عليها الفنانون لوحاتهم، فتتحوّل إلى أعمال فنية متحرّكة ذات قيمة ثقافية وجمالية”.
وأضافت أنها تعرض نحو 14 قفطانًا رسمها فنانون كبار، مازجة بين الموضة والفن التشكيلي في تجربة فريدة من نوعها.

الفن يلتقي التاريخ

وفي ختام الأمسية، عبّرت الفنانة ليلى داغر عن سعادتها بالمشاركة في المعرض داخل خان صاصي، قائلة:

“هذه المرة الأولى التي نشارك فيها بمعرض في هذا المكان الأثري العريق. رسمت على القفطان لوحات مستوحاة من صيدا، فشعرت أن العمل جاء متناسقًا مع روح المدينة وتاريخها”.

هكذا، تحوّل خان صاصي في تلك الليلة إلى مساحة تجمع بين الماضي والحاضر، بين الفن والتراث، وبين صوت البلوز ودفء الحجارة القديمة. فكان المشهد رسالة من صيدا القديمة إلى كل لبنان: أن الإبداع لا يعرف حدودًا، وأن الحياة قادرة دائمًا على الانتصار على الصعاب.

🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Back to top button