“المدينة 40”.. “مقبرة الأرض” التي أنشأها ستالين ويخفيها بوتين
يشهد التاريخ بأن المأساة التي أحدثها مفاعل تشيرنوبل النووي تعد واحدة من أسوأ الكوارث النووية التي شهدها العالم، لكن مدينة أخرى حاولت موسكو إخفاءها على مدى سنوات، تتخطى بـ 2.5 مرة التسرب الإشعاعي الذي كشفته تشيرنوبل.
مدينة أوزيرسك، أو “المدينة 40″، عزلت عن العالم كليا، فالأجانب غير مرحب بهم إلا إن حملوا تصريحا من الشرطة السرية الروسية.
وذكر تقرير نشرته صحيفة “إكسبرس” البريطانية، الأحد، بأن المدينة تعكس فشل جهود الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، برسم صورة لروسيا المتحضرة بعيدا عن الاتحاد السوفييتي.
المدينة هي الأقرب من “ماياك” الذي يعد أول معمل نووي أنشأه الاتحاد السوفييتي قرب بحيرة “إرتياش”، ويشير التقرير إلى أن المعمل تخلص من 200 مليون كوري (وحدة تستخدم لقياس المواد المشعة) من الفضلات النووية.
وبكونها مولد البرامج النووية للاتحاد السوفييتي إبان الحرب العالمية الثانية، لم تظهر مدينة أوزيرسك على أي خريطة، كما أن الإحصاءات السكانية لم تشمل عدد سكان المدينة البالغ 100 ألف نسمة.
وأورد التقرير وصفا للمدينة، مع صور عكست شكلها الذي يغلب عليه طابع حقبة الخمسينيات، وحيث يقوم السكان بفحص فاكهتهم وخضارهم بأجهزة الإشعاعات في المحال التجارية، فالمياه ملوثة والفطر والتوت مسممان، ما ساهم في تسمية المدينة بـ “مقبرة الأرض”.
وقد أنشأت المدينة عام 1946، حيث نقل أبرز عمال روسيا وعلمائها لبناد قنبلة نووية في منطقة نائية، “بعيدا عن أعين الغرب المترصدة”، وفقا للتقرير.
وقطعت السبل بسكان أوزيرسك، إذ منعوا من الخروج منها أو مراسلة العالم خارج حدودها، خلال السنوات الثماني الأولى.
ودعت البروباغندا السوفييتية سكان المدينة إلى لعب دور البطولة، ووصفتهم بأنهم “الدرع النووي” ومنقذو العالم”، وتلقوا “معاملة الأبطال فعلا” وفقا للتقرير، الذي ذكر أن المدينة كانت أشبه بـ الفردوس” تزامنا مع الفقر والمجاعة في كافة أنحاء البلاد.
إذ عاش السكان في شقق خاصة وكان بإمكانهم شراء الأطعمة الفاخرة مثل الكافيار، إضافة إلى حصولهم على أفضل الخدمات الطبية والتعليمية المتوفرة في الاتحاد السوفييتي.
وقد شهدت المدينة عددا من الحوادث النووية، من ضمنها كارثة كيشتيم عام 1957، التي تعد أسوأ كارثة نووية قبل تشيرنوبل.
وقالت المخرجة الأميركية سميرة غوتشيل، في مقابلة مع صحيفة “ذا غارديان” البريطانية عام 2016، إن سكان المدينة 40، ظنوا بأنهم “الشعب المختار”، الذي تمكن من العيش في المدينة المحرمة برفاهية، وأن نظام ستالين تمكن من خداعهم بالخدمات المجانية مقابل تكتمهم.
وأضافت غوتشيل أن “السلطات محت أي توثيق لنشاطاتها في المدينة، لكن مقابر المدينة تقف شاهدة على محاولة دفن أسرارها مع سكانها إلى جانب عمال معمل ‘ماياك’ النووي”.
وادعت المخرجة أن أقرب البحيرات إلى المعمل النووي تحوي درجات عالية من الإشعاعات، إلى حد وصفها بـ “بحيرة الموت” أو “بحيرة البلوتونيوم”.
وتقول إن قرابة نصف مليون شخص في المدينة وحولها تعرضوا لكم إشعاعي يفوق خمس مرات للإشعاعات التي تعرض لها سكان المناطق القريبة من تشيرنوبل في أوكرانيا.
يذكر أن غوتشيل أخرجت فيلما وثائقيا بعنوان “سيتي فورتي” أي “المدينة 40”.
الحرة
Comments are closed.