لبنان حائر أمام من يلملم دورا للسنة بعد انسحاب وهم المستقبل
قالت أوساط سياسية لبنانية إن هدف الطبقة السياسية هو ضمان مشاركة الطائفة السنية بأيّ شكل في الانتخابات القادمة بعد انسحاب تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري، معتبرة أن ما يهم هو لملمة دور للسنة ليظلوا جزءا من معادلة الحكم في بيروت بما يضفي عليه نوعا من الشرعية الخارجية.
وأضافت أن المطلوب مشاركة سنية في الانتخابات لمنع نقل صورة إلى الخارج مفادها أن تجربة حكم المحاصصة مازال قادرا على الاستمرار في لبنان، وما يعنيه ذلك من محافظة على مصالح مختلف الأطراف وارتباطاتها الخارجية، مشيرة إلى أن السنة باتوا يلعبون دورا ثانويا منذ 2005 تاريخ مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري واستلام ابنه سعد مهمة القيادة من بعده، وأن دورهم لم يعد يثير قلق حزب الله المستفيد الأكبر من المعادلة القائمة.
ومنذ إعلان سعد الحريري انسحابه من الحياة العامة الاثنين الماضي، عبّرت شخصيات لبنانية عن أملها ألا يفضي انسحاب الحريري إلى مقاطعة سنية للانتخابات، ونشطت الاتصالات بالأطراف السنية المؤثرة مثل رئيس الوزراء الحالي نجيب ميقاتي أو المفتي الشيخ عبداللطيف دريان من أجل حث السنة على المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة بالرغم من أن نتائجهم ستكون ضعيفة في ظل صدمة انسحاب الحريري وعدم التهيؤ المادي للمشاركة، حيث لم تتحدد بعد القوائم السنية ورؤساؤها.
وطرح اسم مثل وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق الذي يتحرك منذ استقالة حكومة الحريري الأخيرة بعيدا عن سعد الحريري ولكن ضمن إطار تيار المستقبل، وقد أطلق مؤسسة إعلامية صارت لسان حال السنة من جهة والشيعة والمسيحيين المتذمرين من هيمنة حزب الله والتيار العوني.
كما أن أنصار تيار المستقبل الذين لم يقبلوا قرار الانسحاب بدأوا بالتحرك من أجل ترتيب مشاركتهم في الانتخابات من خارج مظلة التيار وضمن تحالفات سنية أو مع أحزاب أخرى خاصة من حزب القوات اللبنانية من أجل الوصول إلى تمثيل سنيّ وازن في البرلمان.
وكان اللقاء الذي جمع الرئيس اللبناني ميشال عون بالمفتي دريان جزءا من مساعي دفع السنة إلى المشاركة في الانتخابات، وحثهم على الخروج سريعا من حالة الفراغ التي تركها انسحاب الحريري، مشددا على أنه لا يري سببا لتأجيل الانتخابات.
وقال عون “أكدت للمفتي دريان الدور الذي تلعبه الطائفة السنية في المحافظة على وحدة لبنان وتنوعه السياسي، وأهمية المشاركة مع سائر المكونات بالحياة الوطنية والسياسية والاستحقاقات”.
وأضاف “لبنان اليوم في حاجة أكثر من أيّ وقت مضى إلى تعاضد أبنائه والتفافهم حول دولتهم والمؤسسات الدستورية كافة”.
وأردف “لا نريد مقاطعة الطائفة السنية للعمل السياسي حتى لا يخسر لبنان مكونا من مكوناته مما يهدد المجتمع”.
والاثنين، أعلن سعد الحريري، في مؤتمر صحافي، “تعليق” عمله السياسي وعدم الترشح للانتخابات المقبلة، أو التقدم لأيّ ترشيحات من تيار المستقبل الذي يتزعمه.
واعتبر أنه “لا مجال لأيّ فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة”.
وستؤثر مقاطعة الحريري وتيار المستقبل الذي يتبعه على العشرين مقعدا التي حصل عليها في انتخابات 2018، والعديد من المقاعد التي فازت بها جماعات أخرى لها تحالفات محلية مع تيار المستقبل.
ولم تخف جهات لبنانية من بينها حزب القوات الذي يرأسه سمير جعجع مسعاها لاستثمار ارتباك تيار المستقبل في غياب الحريري خلال الأشهر الماضية، وهي رغبة ستتضح أكثر مع إعلانه الانسحاب واختلاف الساحة السنية بين الدعوة إلى المشاركة وأخرى إلى المقاطعة.
وقال مراقبون إن الطائفة السنية سواء استجابت لمحاولات دفعها إلى المشاركة في الانتخابات أو اختارت المقاطعة فستكون في وضع صعب خلال المرحلة القادمة، حيث تغيب الشخصية السياسية السنية القادرة على لعب دور تجميعي داخل الطائفة، فضلا عن تمثيلها وطنيا وخارجيا.
واستبعد المراقبون أن يكون ظهور بهاء الحريري في الواجهة بديلا عن غياب شقيقه، أو أن يكون شخصية قادرة على تجميع مختلف قوى الطائفة وبناء حوار داخلي سواء أكان مستعجلا لضبط آليات المشاركة في الانتخابات وتقسيم الدوائر حسب نفوذ الأشخاص وشعبيتهم، أم تعلق هذا الحوار بمسائل متوسطة المدى وتُعنى خاصة بالموقف من التحالفات ما بعد الانتخابات، وهل ستميل الطائفة إلى تسويات جديدة كالتي شارك فيها سعد الحريري أم ستختار مسار المعارضة لمشهد يسيطر عليه حزب الله.
ولمّح بهاء، الشقيق الأكبر لسعد الحريري الجمعة بأنه سيدخل الحياة السياسية، مضيفا أنه سيواصل مسيرة والده.
وقال مستشاره الإعلامي إنه لن يرشّح نفسه في الانتخابات، لكنه عوضا عن ذلك سيساند قوائم انتخابية.
ويوجه بهاء انتقادات شديدة لحزب الله والأسلوب التوافقي الذي اتبعه شقيقه سعد في التعامل مع الجماعة في الأعوام الماضية.
Comments are closed.