المواجهة بين «التيار» و«أمل» انتهت.. مقايضة الدورة الاستثنائية للبرلمان برفع الـ «فيتو» عن جلسات الحكومة
يعيش لبنان حالة متحولات فيروسية وسياسية طاغية تبدأ بمتحور الدولار الذي حلق أمس فوق سقف الـ 30 ألف ليرة، ينافسه متحور كورونا الذي سجل أعلى أرقامه أمس محققا 5089 إصابة و19 حالة وفاة، وصولا إلى «المتحور السياسي» الأخطر الذي يبدأ بحشد الغرائز الطائفية والمذهبية على أبواب الاستحقاقات المفصلية كالانتخابات النيابية، وينتهي بتسويات للتناقضات الظاهرة، قبيل فتح صناديق الاقتراع.
وما جرى في الأيام القليلة الماضية بين التيار الحر وحركة أمل إعادة للسيناريو المسرحي بينهما في ٢٠١٨، حيث تم تبادل اتهامات مشابهة بين الطرفين.
وما يحدث اليوم تكرار لما سبق، فبعد تصاعد وتيرة المواقف، رمى الرئيس ميشال عون بورقة الدعوة للحوار في بعبدا، تلتها حملة جبران باسيل على الرئيس بري، وعبره حزب الله في خطاب الأحد الماضي، حيث أوحى بضرورة إعادة قراءة تفاهم «مار مخايل» مع الحزب الذي كان صارحه بأنه مع التيار وليس ضد الطرف الآخر في الثنائي الشيعي، مما أفهم باسيل بأن الحزب قد يكون معه ضد سمير جعجع والقوات اللبنانية، أما ضد «أمل» فهذا غير وارد.
في هذا الوقت، كانت ردود الفعل على دعوة الرئيس عون للحوار ضعيفة الصدى لدى مختلف القوى الأخرى، التي كانت لها تجربة سابقة غير مشجعة مع طرفي تفاهم «مار مخايل»، وزاد الموقف حدة عندما وضع الرئيس عون توقيعه على مرسوم الدعوة إلى دورة استثنائية لمجلس النواب، التي يطالب بها بري بالكفة المقابلة لعودة مجلس الوزراء إلى الاجتماع، ورفع «فيتو» الثنائي (أمل وحزب الله) عن ذلك. حتى كان الاثنين الماضي، حيث فاجأ الرئيس بري الجميع بقوله «لا يمكن ان أدعى إلى حوار وأقاطع، وان عدم إجراء الانتخابات ستكون له نتائج كارثية».
ومساء النهار نفسه، تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجيبا على غمز الرئيس عون من قناة «تفاهم مار مخايل» ولمز صهره جبران باسيل من التفاهم عينه، بإعلان تمسك الحزب بهذا التفاهم، وملوحا بموقف تفصيلي اكثر وضوحا في وقت قريب.
وبخطاب نصرالله والردود عليه، صح القول الشائع «اشتدي أزمة تنفرجي»، حيث كانت تصريحات الرئيس عون لصحيفة «نداء الوطن» المعارضة له، وسعي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المبكر إلى بعبدا، ومن ثم تواصله مع الرئيس بري، خلال خلوته بالرئيس عون، وتاليا إعلان الإفراج القريب عن مرسوم الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، مع الدعوة القريبة لاستئناف جلسات مجلس الوزراء.
وقال ميقاتي «واتفقنا اولا على توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب تبدأ بشكل فوري إلى حين حلول موعد الدورة العادية، اما الموضوع الثاني فيتعلق بالموازنة العامة لعام 2022، وقد أبلغت الرئيس أنها باتت جاهزة وسأتسلمها خلال اليومين المقبلين، وفور حصول هذا الامر يصبح من الضروري التئام مجلس الوزراء لإقرارها، وبالتالي سندعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد عند تسلم الموازنة للنظر بها كونها المسألة الأهم في الوقت الراهن».
وأضاف «أما الأمر الثالث الذي اتفقنا عليه فهو الافراج عن الاستحقاقات المالية، وخاصة للموظفين في القطاع العام والادارات العامة، أي نصف شهر عن نوفمبر ونصف شهر عن ديسمبر».
ومعنى ذلك، بحسب مصادر، ان تسوية ما تمت بخصوص التحقيق بتفجير مرفأ بيروت، لغير مصلحة المسار الذي يعتمده المحقق العدلي طارق البيطار، لأن فتح الدورة الاستثنائية للبرلمان يعيد الحصانة للنواب، وبالذات الصادر بحقهم مذكرات توقيف غيابية عن البيطار، وبتفعيل جلسات المجلس يمكن للثنائي إعادة إحياء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وبالتالي سحب ملف هؤلاء من يد القاضي البيطار، ما يسقط مبرر مقاطعة وزراء الثنائي لجلسات مجلس الوزراء.
ملامح هذه التسوية لاحت في حديث الرئيس عون لصحيفة «نداء الوطن» أمس، وبعده في توقيعه 16 قانونا أقره مجلس النواب وأحاله إلى النشر.
وفي حديثه، أكد عون ان معارضة بري ألحقت الضرر بالبلد، وارجع الخلاف بينه إلى يوم اتخذ القرار بانتخابه، حيث ابلغه بري صراحة انه سيكون معارضا لوصوله إلى سدة الرئاسة الأولى، وتظهرت هذه المعارضة في أكثر من مناسبة، وصولا إلى المواقف والاتهامات التي خرج بها وزير ماليته السابق النائب علي حسن خليل. وقال عون ان ما تحدث به خليل في مؤتمره الصحافي كذب وافتراء، نافيا ان يكون وتياره أيدا التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
ورفض عون الحديث عن ان عهده سينتهي من دون إنجازات، معتبرا ان إنجازات عدة تحققت، أبرزها استخراج النفط والغاز برغم «القرار الكبير» بإيقافه، مضيفا: اتصلوا بي ليقولوا لي انهم وجدوا نفطا خلال اعمال التنقيب في البلوك رقم 4، فطلبت اليهم التروي بإعلان الامر، وما كانت الا ساعات حتى ابلغوني انها ليست كميات تجارية كبيرة بعدما تبين «وجود مانع دولي».
وعن تمهيده الطريق لإيصال صهره جبران باسيل إلى رئاسة الجمهورية، قال: لأي كان الحق في ان يطمح للرئاسة، لكن البعض يخاف منه «لأنه تربيتي ولا يقايض». وردا على القول ان في بعبدا رئيسين، أجاب عون: «هذا كذب وقلة أدب».
الانباء ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
Comments are closed.