واشنطن: خطة ميقاتي جيدة… ومخاوف من محاولات لتخريب الانتخابات

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: تتلاحق التطورات وتتنوع المواقف حيناً وتتناقض احياناً، ولكن الازمة ما تزال ترواح مكانها ربما انتظاراً لتبلور معطيات اقليمية ـ دولية معينة وفي وقت ليس ببعيد، حتى تنفرج او تنفجر تبعا لما ستكون عليه طبيعة هذه المعطيات سلبا او ايجاباً. ولكن حتى الآن تدل كل المؤشرات الى ان المجتمع الدولي يتمسك بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ويدعمها على رغم خطورة الازمات والملفات التي تتصدى لها، وذلك بغض النظر عن الازمة الناشئة بين لبنان والمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي وما تثيره من مضاعفات تفاقم حال الانهيار التي يعيشها سياسيا واقتصاديا وماليا ومعيشياً.

في موقف يعكس تمسّك الادارة الاميركية بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ودعمها في مواجهة معارضيها ودعوات البعض الى استقالتها، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي سيزور لبنان قريبا “أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لديه خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام”. واضاف: “نعمل على توفير الوقود في لبنان، ونعمل مع الجيش هناك لضمان الاستقرار”.

وفي غضون ذلك حضرأمس ملف لبنان بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي خلال غداء عمل بينهما في قصر الاليزيه على هامش المؤتمر الدولي حول ليبيا المنعقد في العاصمة الفرنسية.

استقالة مشروطة بضمانات

وعلى صعيد الازمة مع السعودية ودول الخليج لم يطرأ اي تطور بارز أمس سوى زيارة وزير الاعلام جورج قرداحي لرئيس مجلس النواب نبيه بري وما رافقها من كلام عن انه وضع استقالته في تصرفه، ليتبين لاحقاً عدم صحة هذا الامر.

ولكن قرداحي الذي أثارت تصريحات له قبيل توزيره الأزمة ديبلوماسية مع السعودية، أبدى بعد لقائه بري استعداده للاستقالة في حال توافرت “ضمانات” بعدما اتخذت دول خليجية إجراءات عدة بحق لبنان. وقال “لم يكلمنا أحد عن ضمانات لا في الداخل ولا في الخارج، فإذا قدمت الضمانات (…) أنا حاضر”، من دون أن يحدد طبيعة هذه الضمانات المطلوبة.

وأكد قرداحي “أنا لست متمسكاً بمنصب وزاري وأنا في موقعي لست في وارد ان أتحدى أحداً، لا رئيس الحكومة الذي أجله وأحترمه ولا المملكة العربية السعودية التي أحترمها”. وأضاف “نحن ندرس الموضوع ونرى التطورات وعندما تكون هناك ضمانات أنا حاضر”.

في هذه الاثناء حاول عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله، توضيح مواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الاخيرة التي انتقد فيها حزب الله وحمله مسؤولية الازمة مع السعودية، فقال في حديث متلفز ان جنبلاط “وجه رسالته السياسية من منطلق الحرص الوطني بعدما لمس عجز الدولة اللبنانية والإصرار الموجود لدى فريق حزب الله وحلفائه في ما يتعلق بالأزمة مع دول الخليج”. وأضاف : هل يستطيع لبنان تحمل نتائج الدور الإقليمي للحزب؟ هذا الدور الذي يصب في محور معين يحمّل لبنان الكثير من الأعباء التي تزيد من عزلته في حين نحن بحاجة لفتح علاقاتنا مع الدول العربية لنقوم بالخطة الإصلاحية.” ولفت الى أنه “يجب أن نحترم عقول الجميع وأن نعود جميعا إلى المصلحة الوطنية إلّا إذا كان هناك نيّة لتغيير طبيعة النظام السياسي في لبنان ومع إحترامي لمسيرة قرداحي المهنية “بس مكبر حجرو كثير وهوي وكلنا خلينا نتواضع.”

مع الصندوق

من جهة ثانية وفيما تتواصل الاجتماعات الوزارية والحكومية تحضيرا للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أبدى مصدر سياسي رفيع خشيته من التأخير في تسليم الأرقام النهائية والخطة الى الصندوق رغم ان الفريق الحكومي انجز الأرقام التي تسلمها من مصرف لبنان المركزي والمصارف. وقال المصدر لـ”الجمهورية”: “الخوف هو ان يكون هناك من يستمر في شراء الوقت لإمرار سياسات معينة ترتكز على بيع او خصخصة لمقدرات الدولة “، محذرا من”استفادة اكثر من فريق سياسي من الأوضاع الحالية لتخريب اجراء الانتخابات النيابية” وقال: “اذا كانت الانتخابات هذا الشهر، اي في الاوضاع التي نحن عليها اليوم، لا يمكن اجراؤها، فكيف اذا تطورت وساءت اكثر وهو ما سيحصل فعلا ومقدراً”.

ولم يقلل المصدر من “اهمية الجهود الجبارة التي يبذلها الرئيس نجيب ميقاتي لكنها تبقى جعجعة بلا طحين من دون توافق وقرار سياسي جامع لتنفيذ القرارات ولا سيما منها الإصلاحية”. وكشف المصدر ان ميقاتي كان يعول جدا على تغيير في الموقف الخليجي والسعودي خصوصا بعد تشكيله الحكومة، لكن الرسالة لم تتأخر ووصلته وتكرست في وضوح من خلال أزمة قرداحي، فهو يدرك جيدا ان المقصود حكومته وليس وزيرا بالتحديد، وعليه فإن الأمور باتت اكثر تعقيدا من اي وقت مضى لأن الحصار المُقَنّع سقط قناعه وأصبح عالمكشوف… فكيف ستستطيع الحكومة العمل في هذه الظروف. وختم : “حتى الفرملة اصبحت صعبة!!”.

“إفقار شرس”

الى ذلك، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر إن المسؤولين اللبنانيين ليس لديهم أي شعور بضرورة التحرك العاجل أو العزم اللازم لتحمل مسؤولياتهم إزاء أزمة اقتصادية أدت إلى “إفقار شرس” للمواطنين.

وقال دي شوتر لوكالة “رويترز” في ختام مهمة استمرت أسبوعين لدرس الفقر في لبنان “أنا مندهش جدا من حقيقة أن هذه دولة في طريقها للفشل، إن لم تكن فشلت بالفعل، واحتياجات السكان لم تتم تلبيتها بعد”. وأضاف “يعيشون في عالم خيالي… وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل البلاد”.

وقال دي شوتر “هذه خسارة هائلة للثروة… تكاد تكون غير مسبوقة”، وأشار إلى أن الخسائر في القطاع المصرفي اللبناني التي جرى تقديرها في خطة الحكومة لعام 2020 بحوالي 83 مليار دولار يجب أن يتحملها المساهمون في البنوك وكبار المودعين، وليس المواطنين العاديين. واضاف إنه سيوصي بدخول برامج الحماية الاجتماعية حيز التنفيذ الفوري بعد تعليقها لأشهر وكذلك بزيادة الحد الأدنى للأجور وبضريبة على الثروة لمكافحة معدلات انعدام المساواة التي تعد من بين الأعلى في العالم.

وأكد دي شورتر الذي سيُنشر تقريره النهائي في أوائل سنة 2022، إن البابا يوحنا بولس الثاني أشار ذات مرة إلى لبنان باعتباره “رسالة” للتعايش الطائفي، إلا أنه أصبح “جرس إنذار للعالم” حول تبعات “تحالف بالغ الضرر بين رجال الأعمال فاحشي الثراء والنخب السياسية”.

وقد التقى دي شوتر خلال زيارته للبنان رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتسعة وزراء. ولم يعلق مصدر رسمي في مكتب ميقاتي على تصريحاته لكنه أشار إلى أن ميقاتي عقد اجتماعا مثمرا هذا الأسبوع مع مسؤول آخر في الأمم المتحدة وهو المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي.

الحماية الاجتماعية

من جهة أخرى، أعلنت منسقة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان نجاة رشدي، “تقديم النسخة الأولى من استراتيجية الحماية الاجتماعية”، التي وضعت بالتعاون بين الحكومة اللبنانية والمؤسسات الأممية”.

وعلى أثر اجتماع حكومي-أممي، ترأسه ميقاتي للبحث في هذه النسخة التي وضعت بالتعاون بين الحكومة اللبنانية والمؤسسات الأممية بما فيها “اليونيسف” قالت رشدي إن “الاجتماع كان مهما في إطلاق استراتيجية الحماية الاجتماعية، وكانت الحكومة اللبنانية قد طالبت الأمم المتحدة أن تساعد في أول نسخة لهذه الاستراتيجية، وتم اليوم تقديم النسخة الأولى التي وضعت بمشاركة من المؤسسات الأممية بما فيها اليونيسف”.

وأضافت أن “هذه الخطة هي جزء من إطار التعافي والإصلاح وإعادة الإعمار التي عملنا عليها وتشارك فيها مجموعة من الجهات المانحة وممثلو القطاع الخاص والمجتمع المدني تحت إشراف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهذه بداية لتفعيل الاستراتيجية عمليا على أرض الواقع”.

من جهتها، قالت ممثلة اليونيسف يوكي موكيو: “إنه الوقت المناسب من أجل أن يكون للبنان استراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية في ظل هذه الظروف الصعبة، والتي وبحسب رأينا، يجب أن تكون على خمس مراحل: المساعدة النقدية، الخدمة الاجتماعية، الوصول إلى الخدمات الأساسية، إدراج العمال ودمجهم، والمساهمة في دعم صندوق الضمان الاجتماعي”.

النزوح السوري

وعلى صعيد النزوح أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أمس أن لبنان لم يعد قادرا على تحمل الأعباء التي يرتبها استمرار النزوح السوري إلى لبنان.

وأبلغ عون الى نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس سكيناس، أن “لبنان لم يعد قادرا على تحمل الأعباء التي يرتّبها استمرار النزوح السوري الى لبنان”، بحسب موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية.

وطالب عون الاتحاد الأوروبي بالعمل على تسهيل عودة النازحين السوريين الى المناطق السورية الآمنة.

وكان سكيناس التقى ميقاتي وشكر للبنان “الجهود الكبيرة التي بُذِلَت لخفض عدد الرحلات الجوية إلى مينسك والالتزام الشامل بالإدارة المشتركة لتحديات اللاجئين في المنطقة”. وقال: “للاتحاد الأوروبي ولبنان علاقات عميقة وقوية، ولدينا الفهم نفسه للامور والكثير من المصالح الإستراتيجية المشتركة ونحن أصدقاء ثابتون ومخلصون للبنان، ونتمنى أن يتمكن هذا البلد من الخروج من الصعوبات التي يعاني منها وان يجد الطريق نحو الاستقرار ، ونحن سنساند لبنان كما فعلنا سابقا”.

اقتراع المغتربين

وعلى صعيد الاستحقاق النيابي أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في بيانٍ، أنه “في إطار مواكبة عملية تسجيل المغتربين للمشاركة في الانتخابات النيابية 2022 وقبل انتهاء مدة التسجيل في 20/11/2021، يهم الوزارة الإفادة بأنه سيتم فتح مكاتب بعض البعثات وتأمين حضور موظفين فيها بالأخص تلك التي تواجه ضغطاً في التسجيل، اليوم السبت وذلك لمساعدة المواطنين في عملية التسجيل للإنتخابات وللإجابة على استفساراتهم”.

الراعي وابي المنى

على صعيد آخر استقبل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى في دار الطائفة بفردان، أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في زيارة تهنئة بعد انتخابه شيخا للعقل، وقبيل خلوة بينهما قال الراعي: “إن لبنان لم يتألف اليوم، إنما عمره مئات السنوات. لقد حلق بالثقافة والرقي والاقتصاد، وبتلك المقولة الشهيرة بأن لبنان مستشفى وجامعة العرب والحرية، فهنا كانت الحياة الجميلة، ونحن نشعر اليوم بأننا غرباء. وأنتم أيضا كموحدين دروز، مع كل تاريخكم وتاريخنا، أصبحنا جميعا غرباء في الجبل اللبناني، فليس هذا هو الجبل. في لبنان نشعر كلنا بالغربة، أين هويتنا؟ وفي أي بلد نحن؟ وبأي عالم نعيش؟”.

من جهته، قال أبي المنى: “لبنان لولا الرسالة لا معنى له، فهو رسالة في العيش الواحد والتنوع والوطنية والانفتاح”. وأضاف: “مهمتنا كما أراها ليست سياسية حيث السياسة للسياسيين، لكن علينا تمهيد الطريق لخلق هذا الجو الإيجابي وان نلتقي دائما على الخير وتكون كلمتنا الطيبة التي تدعو إلى الخير والمحبة والوحدة، وعلى السياسيين ان يتلقفوا المبادرات، والاستفادة من الأجواء التي يجب خلقها وتعميمها على مستوى كل طائفة وعلى مستوى الوطن ككل”. وختم: “هناك تجاذبات وأمور يومية تشغل بالنا، اقتصادية وسياسية مختلفة، لكن المهم كيفية المحافظة على الرسالة، وألا تشغلنا تلك المشاكل عن الهم الأساسي، وهو البقاء على صيغة لبنان التي حصنها الطائف وعنوانها الوحدة الوطنية والمصلحة الوطنية والانفتاح على إخواننا والأشقاء في هذه المنطقة لكي لا تغلق الأبواب في وجهنا ووجه أبنائنا”

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.