ميقاتي : المهمة صعبة جداً … والتأليف يتعثر
كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : بَدا من المواقف والتحركات المعلنة وغير المعلنة على جبهة الاستحقاق الحكومي انّ هذا الاستحقاق عاد الى مربّع التعقيدات والشروط والشروط المضادة، لكنّ لغة المعنيين لم تَغِب عنها المسحة الايجابية الممزوجة بتوقعات الحلحلة واحتمال ولادة الحكومة خلال الفترة المتبقية من الشهر الجاري وشيوع بعض الكلام عن سَعي جدّي لتوفير مخارج لبعض الحقائب الوزارية العُقد، فيما يدور في كواليس بعض المعنيين كلام يُذكّر بحقبة تكليف الرئيس سعد الحريري التي انتهت باعتذاره الشهر الماضي.
وكانت الاوساط السياسية قد انشغلت خلال اليومين الماضيين في الحديث عن لقاء افترضت أنه كان سيعقد أمس بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي ومن شأنه أن يحدّد مصير التأليف ومساره، لكن تبيّن ان لا موعد كان محدداً لمثل هذا اللقاء لأنّ الاتصالات التي كانت جارية تمهيداً له لم تحقق نتائج ملموسة تستدعي انعقاده، والذي يتوقّع ان يعقد في أي وقت هذا الاسبوع.
وقال ميقاتي لـ”الجمهورية” أمس: “انا أعلم انّ المهمة صعبة جداً وانّ تكليفي أصبح الامل الوحيد، ولقد أقدمتُ على هذه الخطوة لكي أؤلف حكومة وليس لأي شيء آخر، ولكن لن أشكّل حكومة على غرار سابقاتها فنعود بعد 3 أسابيع لنتحدث عن خلافات ونزاعات داخل مجلس الوزراء على مشاريع القوانين والقرارات التي سنتخذها”.
وأضاف ميقاتي: “انا لا اطالب بصلاحيات استثنائية لكن اقله ان استطيع ممارسة صلاحياتي كرئيس لمجلس الوزراء من أجل العمل”. ونفى ان يكون قد ألغى موعداً له في القصر الجمهوري، مؤكداً ان “لا موعد تم الاتفاق عليه أصلاً لأنّ الاتصالات التي قمنا بها لم تثمر لقاء، وهذا الامر كان واضحاً في كلامي بعد اللقاء الاخير”.
مخرج قيد الانجاز
والى ذلك، ابلغت اوساط قريبة من رئيس الجمهورية ميشال عون الى ”الجمهورية” انّ هناك احتمالاً لتشكيل الحكومة في الأسبوعين المقبلين، وانه يسعى بكل طاقته الى ان تتم الولادة المنتظرة خلالهما. وكشفت ان هناك مخرجاً قيد الإنجاز للخلاف حول حقيبة وزارة الداخلية من دون أن توضِح طبيعته “حرصاً على عدم حرقه”، لافتة إلى ان مسألة حقيبة وزارة العدل “سُوّيت تقريباً”.
واوضح مطلعون على موقف عون ان سبب اعتراضه على اختيار مدير العمليات المالية في مصرف لبنان يوسف خليل لوزارة المال يعود إلى احتمال استدعائه الى التحقيق عندما ينطلق التدقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان، فهذا امر سيكون غير مناسب لوزير المال في حكومة يفترض انها حكومة إصلاحية. لكنّ هؤلاء استبعدوا ان يتحول هذا الموقف عائقاً امام تشكيل الحكومة ،اذا تمّت حلحلة العقد الاساسية الأخرى.
لا اتصال ولا لقاء
وفي هذه الاجواء تبخرت المعلومات التي تحدثت عن موعد محتمل للقاء السابع بين عون وميقاتي، من دون ان يصدر عن الطرفين اي موقف يتحدث عن الاسباب التي حالت دون عقده او تحديد موعد جديد له، على رغم إصرارهما على تكثيف الاجتماعات اليومية للاسراع في عملية التأليف، كما وعد ميقاتي بعد يومين على انتهاء استشاراته النيابية غير الملزمة قبل اسبوعين.
وعلى هذه الخلفيات لم تقدم دوائر القصر الجمهوري في بعبدا ولا اوساط الرئيس المكلف اي معلومة لـ”الجمهورية” عن اي اتصال جرى بين الرجلين، كما اتفقا في اللقاء السادس بينهما الجمعة الماضي. وهو ما ادى الى الاعتقاد انّ العقبات ما زالت على حالها، وانّ ما تعهّد به الطرفان من اتصالات، كلّ من جانب حلفائه لتذليل العقبات، لم ينجز بعد، ولو انّ احداً منهما نجح في توفير ما يجمعهما مجدداً لَما تأخّر اي منهما الى المبادرة وعقد اللقاء.
تزامناً، كشفت مصادر واسعة الاطلاع انّ المحاولات الجارية لتذليل عقبة اسم وزير المال لم تصل الى نتيجة ايجابية. فبعد ان تنازل عون عن وزارة الداخلية لوزير سني وميقاتي عن وزارة العدل لوزير مسيحي، لم يتم التفاهم بعد على اسم وزير المال المطروح منذ فترة يوسف خليل وسط حملة اعلامية قادتها اوساط “التيار الوطني الحر” وشخصياته على مختلف وسائل الاعلام الخاصة بالتيار، وأخرى على خليل لِتَدينه قبل ان ينطلق “التدقيق الجنائي” والتكهّن بأنّ هذا التدقيق لا بد ان يطاوله كونه مدير العمليات في مصرف لبنان.
بعبدا تبث الاجواء الإيجابية
الى ذلك، تعددت السيناريوهات التي بثّها اكثر من طرف حول مصير عملية التأليف ضمن ما هو منطقي وتنقلت بين الإنقسام في التوقعات بين قائل بإمكان تذليل العقبات القائمة وتجاوزها وآخرين استبعدوا مثل هذه الخطوة.
وفي الوقت الذي حرص زوار قصر بعبدا على بث الاجواء الإيجابية، منذ ان اعلن الوزير السابق وئام وهاب بعد زيارته بعبدا أمس الأول انّ تشكيل الحكومة سيتم قبل نهاية آب الجاري “ما لم تتدخل الشياطين”، أصرّ بعض مسؤولي “التيار الوطني الحر” على التأكيد ان الاجواء ايجابية، من دون تقديم اي حل لاي من العقد التي ما زالت عالقة لتثبيت هذه الاجواء.
ميقاتي والدلائل
وفي المقابل حرصت اوساط ميقاتي على التزام منسوب عال من الصمت، واكتفت بالإشارة عبر “الجمهورية” الى انها تتمنى ان تصدق الاجواء الايجابية الصادرة عن زوار بعبدا ومسؤولين في “التيار الوطني الحر”. وأكدت انها ما زالت تبحث عن الخطوات التي تترجم هذه الاجواء الايجابية، والتي لم تتضح بعد على اي مستوى.
وقالت المصادر: “ان الحديث عن قبول المداورة في الوزارات يقتضي أن يتوافر حوله الاجماع، سواء تم على مستوى الحقائب الوزارية السيادية كما الخدماتية او شمل الحقائب الأخرى ايضا، وهو امر لم يتبلغه ميقاتي”.
وكان رئيس الجمهورية قد اتصل هاتفياً بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وتداول معه الأوضاع الراهنة والمستجدات الأخيرة. وتطرّق الاتصال الى ما تعرّض له المقام البطريركي وشخص البطريرك من “حملات مُدانة ومرفوضة من أي جهة أتت وتحت أي ذريعة او حجة” بحسب مصادر رسمية، مشيرة الى ان عون شدد خلال الاتصال على انّ “حرية الرأي والتعبير مصانة بموجب الدستور، وأي رأي آخر يجب ان يبقى في الاطار السياسي ولا يَجنَح الى التجريح والإساءة حفاظاً على الوحدة الوطنية ضمانة الاستقرار العام في البلاد”.
Comments are closed.