لبنان.. التشكيل الحكومي بين «الأبيض والأسود»

(AP Photo/Hussein Malla, File)

بعد طول انقطاع، عادت المياه السياسية في لبنان إلى مجاريها، و«النبْع» من مقر الرئاسة الثانية، حيث كان اللقاء الذي جمع، أول من أمس، رئيس مجلس النواب نبيه برّي برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في حين لا تزال الصورة الحكومية «مغبشة» و«ملتبسة» وتحتمل قراءات متناقضة، بين حدّي أمرين لا ثالث لهما: إما في اتجاه تسهيل التأليف وصياغة تفاهم على حكومة بلا ‏عقد بين عون والحريري، وإما في اتجاه الاصطدام بجدار ‏التعطيل، وبالتالي إلقاء البلد في مهب التداعيات والاحتمالات ‏السلبية.

وعملياً، خطت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي أولى خطواتها الملموسة، عبر الجلسة التي عقدها مع الحريري، لبحث تقريب المسافات بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيال التشكيلة الحكومية وخريطة توزيع الحقائب، فكانت الأجواء «إيجابية» وفق تأكيد أوساط مواكبة للأجواء الحكومية لـ«البيان».

والتي وضعت الأنباء السارية عن اعتذار الحريري في خانة «البروباغندا الممنهجة» التي يدير ماكينتها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في سياق الوقوف بالمرصاد لأي مساعي حلحلة قد ينتج عنها تشكيل حكومة برئاسة الحريري. ومن أجواء هذه «البروباغندا»، كانت إشاعة مفادها أن الحريري لا يبدي تفاؤلاً كبيراً بالتطورات، وهو بات في وارد الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة، باعتبار أن الظروف غير مؤاتية لتأليف الحكومة.

فرصة أخيرة

وفي ضوء لقاء برّي – الحريري، ترددت معلومات مفادها أن الساعات القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد الاتجاهات الحكومية بين «الأبيض والأسود»، لا سيما لجهة أن تسلك الأمور منحى إيجابياً يفضي إلى تقديم الرئيس المكلف تشكيلة محدثة لرئيس الجمهورية. وبمعنى أدق، فإن تحديد مصير مبادرة برّي.

ومن خلالها المحاولة الأخيرة لإنقاذ عملية تأليف الحكومة من أفخاخ التعطيل، لن يطول كثيراً، وخصوصاً أن عبور تشكيلة الـ24 وزيراً لن يكون متاحاً إلا إذا قوبلت إيجابية الحريري الحذِرة بتجاوز حاجز الثلث ‏المعطل للعهد وفريقه، قولاً وفعلاً وبلا تفخيخ، وإلا فإن استمرار الكباش الرئاسي يعني، في القراءات السياسية، التعثر في عملية تشكيل «الحكومة الإنقاذية»، وعدم استبعاد ‏خيار الاعتذار نهائياً في حالة وحيدة وهي الاتفاق على المضي قدماً نحو تشكيل «حكومة ‏انتخابات»، تكون مؤلفة من ‏وزراء غير مرشحين للاستحقاق الانتخابي. مع الإشارة إلى «همْس» بدأ يدور في ‏بعض الأروقة حول تكليف الرئيس تمام سلام مهمة تشكيل مثل هذه الحكومة، في حال قرر ‏الحريري الاعتذار عن عدم التأليف.

وثمة ارتفاع في منسوب الكلام عن أن مبادرة برّي هي بمثابة فرصة أخيرة، فإنْ لم يتم اقتناصها سيكون البديل شغوراً حتى نهاية العهد (31 أكتوبر 2022)، مع ما يعنيه الأمر من بقاء لبنان «أسير» أزمتين: الخروج من المؤسسات وعليها، والتقاء المتحكمين بالمؤسسات على تدميرها من الداخل. الأولى تضعه على شفا الاضطراب، والثانية تضعه في مصاف الدول الفاشلة.

البيان – وفاء عواد

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.