منصّة سلامة: لا ضمانة بوقف السوق السوداء… تأليف الحكومة: في انتظار الخارج

كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : اتفاق رئيسي الجمهورية والحكومة على اتساع هوة التفاهم بينهما وتعذّر ‏الحلول حدث منذ مدة ولم يكن وليد اجتماع يوم أمس. فشل تأليف حكومة ‏كان متوقعاً مسبقاً، رغم ذلك قفز الدولار نحو 3 آلاف ليرة دفعة واحدة ‏بغياب أي عمليات تداول بالنقد وأي معطى عملي لهذا الارتفاع الكبير، ‏سوى أنه سعر سياسي. وسط ذلك، أصدر مصرف لبنان تعميماً لإنشاء ‏منصة تنظم عمليات الصرافة، معتقداً أنها ستسهم في خفض سعر الدولار، ‏بينما في حال لم يجر ضبط آلياتها لن تكون سوى مورد جديد للتجار ‏ووسيلة أخرى للمضاربة

لم يغلق باب التفاوض بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري يوم أمس؛ ففي ‏حسابات عون، الفرصة الأخيرة للحلّ سقطت مع رفض الحريري مبادرة بعبدا، يوم تخلى رئيس الجمهورية عن الثلث ‏الضامن. بعد ذلك، كل زيارة أو مناورة أو اجتماع، بات لزوم ما لا يلزم ويدخل في إطار الإخراج السياسي السيّئ لرفع ‏المسؤولية كلّ عن نفسه. أزمة الثقة والصلاحيات بين الرئيسين لم تعد مشكلة يمكن حلها من دون اتفاق سياسي شامل ‏يستحيل تأمينه من دون رعاية خارجية (أسوة باتفاق الدوحة، على سبيل المثال). من هذا المنطلق، نتائج زيارة ‏الحريري لبعبدا كانت معروفة مسبقاً ولم تشكّل أي مفاجأة، حتى إن الرئيس المكلّف كان قد كتب مسبقاً البيان الذي تلاه ‏بعد الاجتماع‎.

حتى اللحظة، لم يعد في الداخل من وسطاء بين الرئيسين. في الاجتماع الذي عُقِد أمس بين حزب الله وحركة أمل ‏‏(حضره النائب علي حسن خليل وحسين الخليل ووفيق صفا وأحمد بعلبكي)، تقرر إجراء وساطة بين عون ‏والحريري لمحاولة تقريب وجهات النظر بينهما. وهو الاجتماع الذي تلى الكثير من المعلومات عن توتر بين ‏الحزب والحركة، وخاصة بعد بيان المكتب السياسي للأخيرة، أمس، الذي أعلن التمسك بحكومة اختصاصيين ‏وبالمبادرة الفرنسية، فيما الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، “نصح” الأسبوع الفائت بحكومة يشارك ‏فيها سياسيون‎.

ارتفاع سعر صرف الدولار فور إعلان عدم الاتفاق على تأليف الحكومة، كان متوقعاً. فسريعاً قفز الدولار من ‏نحو 11 ألف ليرة لبنانية صباحاً الى 14 ألف ليرة مساءً بحجة عدم الاستقرار السياسي، فيما بات واضحاّ أن ‏السعر الذي بلغه الدولار مساء أمس في ظل غياب أي عمليات نقدية هو سعر وهمي يمثل السعر السياسي للدولار ‏لا القيمة الحقيقية؛ اذ غداة كل مطبّ سياسي، يُرفع سعر الصرف بطريقة لا تعبّر عن حال سوق التداول. الدولار ‏دخل في مسألة التجاذب السياسي وصار يستعمل من ناحية كأداة ضغط على رئيس الجمهورية وحزب الله لزيادة ‏الحصار الداخلي، ومن ناحية أخرى لتأجيج الشارع. وبدا لافتاً خروج قلة قليلة من الشباب الذين لا يتخطون في ‏كل منطقة عشرة أشخاص لقطع الطرقات احتجاجاً على عدم التوافق بين الرئيسين، خلال مدة تكاد تعادل عشر ‏دقائق بعد تلاوة الحريري لبيانه. في غضون ذلك، يبدو أمر إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال غير وارد ‏إطلاقاً في حسابات حسان دياب. يصرّ الأخير على الانكفاء، رابطاً ممارسته دوره بالحصول على إذن البرلمان. ‏ولأجل هذا الغرض، أرسل مستشاره خضر طالب للاجتماع بفريقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس ‏الحكومة المكلف سعد الحريري. أبلغه الطرفان أنهما لا يحبّذان بالمطلق أي تفعيل لحكومته، وهو ما دفع دياب الى ‏إبلاغ بعض الوزراء ممّن طرح أسئلة متعلقة بالموازنة وبالصحة وبأمور ملحّة أخرى، أنه يتعذر عليه عقد أي ‏جلسة حكومية، وعليهم الالتزام بتصريف الأعمال في نطاقه الضيّق‎.

في موازاة ذلك، أصدر مصرف لبنان بياناً يتعلّق بالمنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة التي تضم الى جانب ‏المصرف، المصارف ومؤسسات الصرافة. ودعا “المصارف العاملة في لبنان خلال مدة أقصاها تاريخ ‏‏16/4/2021 الى الاشتراك في المنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة المنشأة من مصرف لبنان، والتسجيل على ‏التطبيق الإلكتروني العائد لهذه المنصة، والالتزام بالشروط التي سيصدرها مصرف لبنان بهذا الخصوص”، ‏وذلك “تحضيراً للقيام بعمليات الصرافة بالعملات الأجنبية مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية، بحيث يعتبر كل ‏مصرف حائزاً، حكماً، على رخصة صرافة، وعليه اتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بعمليات الصرافة النقدية وفقاً ‏لمفهوم القانون الرقم 347 تاريخ 8/6/ 2001 أسوة بمؤسسات الصرافة”. وربط البنك المركزي أسباب إنشاء هذه ‏المنصة بـ”الظروف الاستثنائية الحالية التي يمر بها لبنان، والتي أثرت بشكل كبير على سعر صرف العملات ‏الأجنبية النقدية، وبما أنه يقتضي تنظيم عمليات الصرافة وذلك حماية لاستقرار سعر صرف الليرة اللبنانية”، من ‏دون أن يوضح ما الذي حال دون إقدامه على هذا الاقتراح منذ أشهر، إذا ما كانت المنصة تسهم حقيقة في استقرار ‏سعر صرف الليرة، إلا إذا كانت عمليات المضاربة في السوق السوداء جرت عمداً خدمة لمصالح خاصة‎.‎

بيان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يؤكد إصراره على قدرة هذه المنصة على خفض سعر الصرف، بالرغم ‏من أن هذا الإجراء لن يلغي السوق السوداء الموازية. بل ثمة تخوّف من أن تكون هذه المنصة مشابهة للمنصة التي ‏فُتحت لتجار المواد المدعومة، والتي استفاد منها التاجر حصراً من جيوب الناس، ولم تحقق مبتغاها في خفض ‏سعر السلع الأساسية، يل ساهمت في تأمين دولارات للتاجر حتى يودعها في حسابات خارج لبنان. على هذا ‏المنوال، وفي حال لم توضع آليات جدّية مرفقة بمراقبة دقيقة لعمليات الاستيراد والفواتير، يمكن لمنصة سلامة ‏الجديدة أن تؤمن مورداً جديداً للمضاربة على العملة، بحيث يشتري التاجر دولارات من المصارف وفق سعر ‏صرف يقارب العشرة آلاف، ويخرج ليصرفها لدى الصرافين على سعر صرف أعلى، ثم يعيد العملية مجدداً ‏ليكدّس الأرباح. على أن اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان أمس سيتبعه اجتماع ثانٍ غداً، للتباحث في ‏الإجراءات التقنية‎.

من جهة أخرى، تحدث وزير المال غازي وزني، في مقابلة الى قناة “الحرة” الأميركية، عن أن “كلفة المنصة ‏ستكون من أموال المودعين”، داعياً مصرف لبنان إلى الحدّ من كلفتها على الاحتياطي الإلزامي. ولفت الى أن ‏‏”الرقم المتوقع الذي سيصل إليه سعر صرف الليرة أمام الدولار هو 10 آلاف”، واصفاً المنصة بأنها “مؤقتة ‏وظرفية وضرورية”. كلام وزني عن استخدام أموال المودعين تنفيه مصادر مطلعة، مؤكدة أن “هدف المصرف ‏المركزي، على ما أفضى به حاكمه، ليس التدخل بمعنى البيع والشراء، بل ضبط عمليات العرض والطلب ‏وتسجيلها للجم المضاربات‎”!‎

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.