«أنياب» العقوبات الأميركية مرشّحة لتشمل شخصيات لبنانية في القطاع المصرفي… و«المركزي

واشنطن ستواصل فرض عقوبات على متورطين مع الحزب من دون استهداف مؤسساتهم العقوبات لا تستهدف محاسبة الفساد الحكومي بل منع «حزب الله» والتنظيمات الإرهابية من استغلال النظام المصرفي اللبناني الحزب أقنع بعض أركان الفساد بأن «التدقيق الخارجي» سيكشف المستور تعمل أربع وزارات أميركية، هي الخارجية والخزانة والدفاع والعدل، على إضافة أكثر من 20 شخصية لبنانية على لائحة العقوبات، بتهمة تسهيل وصول «حزب الله»، الذي تصنفه الولايات المتحدة تنظيماً إرهابياً، الى النظام المالي الدولي عبر النظام المصرفي اللبناني.

الرؤساء الأميركيون المتعاقبون، الديموقراطي بيل كلينتون، والجمهوري جورج بوش، والديموقراطي باراك أوباما، والجمهوري دونالد ترامب، كلهم قاموا بتوقيع قوانين أصدرها الكونغرس – غالباً بالاجماع – لفرض عقوبات مالية على الحزب، وأي من المتعاونين اللبنانيين معه، وغير اللبنانيين.


وكان أوباما وقّع قانوناً على عقوبات مالية على «حزب الله» نهاية 2015، تلاه ترامب، الذي وقّع في 2018 على تعديل للقانون نفسه، وحمل القانون الجديد اسم «تعديلات قانون منع التمويل الدولي لحزب الله».

وتمحورت التعديلات، التي أدخلها السناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، حول فرض عقوبات على «المتعاونين» مع الحزب، أي من يقومون بتسهيل وصوله الى النظام المصرفي العالمي.

ومن المرجح أن يواصل الرئيس الديموقراطي المنتخب جو بايدن، سياسة العقوبات على الحزب واللبنانيين المتعاونين معه، بعد دخوله البيت الأبيض في 20 يناير المقبل.

مكافحة وصول «حزب الله» الى النظام العالمي، لا ترتبط بسياسة حزب من الحزبين الأميركيين، أو بهوية الرئيس، بل هي عملية تلقى إجماعاً استثنائياً من الديموقراطيين والجمهوريين، ويقوم بالعمل عليها المتخصصون في الوزارات الأربع المعنية.

المصادر الحكومية الأميركية ترفض عادة تسريب أي من الأسماء التي يستهدفها البحث والتمحيص، السابقان لعملية فرض العقوبات.

لكن المصادر نفسها لا تمانع في شرح وتبيان السياسة المعمول بها خلف عملية فرض العقوبات على «حزب الله» والمتعاونين معه.

وتقول المصادر الحكومية أنه عندما فرضت الأمم المتحدة عقوباتها على ايران بين 2008 و2016، لجأت طهران الى محاولة استخدام الأنظمة المصرفية في الدول التي تفرض نفوذها فيها. في العراق، عمدت الى استغلال المقاصات المصرفية الدورية التي يصدرها «مصرف الرافدين» المركزي لضخّ العملات الصعبة في السوق وتثبيت سعر صرف الدينار.

وأدت هذه السياسة الايرانية لانخفاض سريع وكبير في مخزون العملة الصعبة لدى «الرافدين» من أكثر من 75 مليار دولار الى أقل من 20 ملياراً، وهو ما حمل صندوق النقد الدولي، إلى الطلب الى بغداد التوقف عن استنزاف احتياطها من العملات الصعبة، فيما هدد «الاحتياطي الفيديرالي» الأميركي، بوقف إرسال شحنات الدولارات من مطابعه الى أقبية «المركزي» العراقي.

تراجعت بغداد، لكن طهران لم تتوقف عن محاولتها استخدام النظام المصرفي العراقي لتبييض الأموال وادخالها النظام المصرفي العالمي. وقام الباحث العراقي هشام الهاشمي، بتوثيق الشبكة الايرانية – اللبنانية التي عمدت لاستغلال بغداد في عمليات تبييض الأموال… فتعرّض لعملية اغتيال.

وفي وقت لاحق من هذا العام، عمدت بغداد الى تحديد كمية النقد الأجنبي الذي يمكن لأي مواطن حيازته، شرط تقديم اثباتات الحاجة اليه مثل بطاقات السفر الى الخارج أو تكاليف تعليم خارج العراق أو السياحة أو الاستشفاء.

وحدد «مصرف الرافدين» أقصى ما يمكن للمواطن العراقي شراءه بمبلغ خمسة الاف دولار، وجرى بعد ذلك تخفيض الكمية الى ثلاثة آلاف، بهدف الحفاظ على الاحتياطي الاجنبي في خزائن المركزي العراقي، ومنع ايران – التي تحتاج لهذا النقد بشدة بسبب العقوبات الأميركية عليها – من استنزاف الاحتياطات العراقية.

في لبنان، تقول المصادر الأميركية، يسعى «حزب الله» منذ سنوات لاستغلال القطاع المصرفي – الذي يحكمه مصرف لبنان – في عمليات تبييض أموال وإدخالها في النظام العالمي.

وتشرح أن «حزب الله» ليس الجهة الوحيدة التي تحاول استغلال القطاع المصرفي اللبناني، اذ سبق لمافيات دولية أن قامت بأعمال مشابهة، وهو «ما أدى الى قيامنا بفرض إغلاق البنك اللبناني الكندي وجمال ترست»، فيما أدت عمليات التبييض لانهيار «بنك المدينة».

تتابع المصادر الأميركية أن لكل هذه المصارف اللبنانية التي انخرطت في نشاطات مالية غير مشروعة سجلات مودعة في أقبية مصرف لبنان، وأن صندوق النقد الدولي اشترط إجراء «تدقيق خارجي» مستقل في حسابات البنك المركزي لمعرفة هوية من قاموا بتبييض الأموال، والمسؤولين الذين سهّلوا لهم هذه المهمة ووقّعوا على عمليات مالية غير مشروعة… «بعضهم فعل ذلك خوفاً من تهديد الحزب له، وبعضهم الآخر تقاضى ثمن تعاونه»، بحسب المصادر.

لم يسمح مصرف لبنان بإجراء تحقيق كامل وشفاف، فجاء التدقيق الخارجي شكلياً، وهو ما أثار غضب المعنيين في المؤسسات الأميركية التي تعنى بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب، وهو ما حمل بعض الأوساط في واشنطن الى التسريب الى وسائل الاعلام – رداً على منع حصول تدقيق خارجي مستقي لبيانات مصرف لبنان – أن الولايات المتحدة بصدد فرض عقوبات على عشرات المسؤولين اللبنانيين المتورطين في هذه العملية والمتغاضين عن حصولها.

وتشير المصادر إلى أن الهدف ليس محاسبة الفساد الحكومي، على أهميته، بل «منع حزب الله وأي تنظيمات إرهابية أخرى من استغلال النظام المصرفي اللبناني لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب حول العالم».

لكن يبدو أن الحزب أقنع بعض أركان الفساد، بأن «التدقيق الخارجي» في حسابات مصرف لبنان سيكشف المستور، وهو ما دفعهم الى الوقوف صفاً واحداً ضد التدقيق… «هذا يعني أن بيروت ستجبرنا على زيادة ضغوطنا على المسؤولين المتورطين في التبييض وفي التغطية عليه»، وفق المصادر الحكومية.

وتذكّر المصادر أن واشنطن دأبت على تفادي فرض عقوبات على أي مؤسسات تابعة للحكومة اللبنانية. وتقول إن «سياسات إداراتنا المتعاقبة تقضي بتقوية دولة لبنان ضد حزب الله وعملياته غير المشروعة، لكن هناك مسؤولين حكوميين لبنانيين متورطين، وهو ما يجبرنا على معاقبتهم».

وتختم المصادر الأميركية بأن الولايات المتحدة ستواصل سياستها فرض عقوبات على مسؤولين متورطين مع «حزب الله» من دون استهداف مؤسساتهم، أي أنه حتى لو تم فرض عقوبات على مسؤولين في مصرف لبنان، إلا أن العقوبات لن تستهدف البنك المصرفي نفسه أو أي مؤسسة حكومية لبنانية.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.