موجة تفاؤل بانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف الحكومة يكبحها تعدد الخيارات ورغبات بالتريث إلى ما بعد الرئاسة

رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مستقبلا في معراب سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد البخاري (محمود الطويل)

موجة تفاؤل سياسي عارمة تغمر اللبنانيين منذ اواخر الاسبوع الفائت، وفجأة عاد الحديث عن الحكومة وعن الاستحقاق الرئاسي، وتاليا عن ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، بعد طول تعقيد ومعاناة دفعت بالدولار الاميركي الى حدود الأربعين ألف ليرة، وبالمودعين الى اقتحام المصارف التي أغلقت ابوابها منذ الاثنين حتى اليوم الأربعاء.

البعض يرد الفضل لوساطة حزب الله بين حليفيه، الرئيس ميشال عون وتياره، برئاسة الصهر الظل جبران باسيل، وبين الرئيس نبيه بري وعبره، رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، وتاليا سليمان فرنجية مرشح الحزب وفريق الممانعة لرئاسة الجمهورية.

والبعض الآخر يعطي الموجة التفاؤلية، أبعادا دولية واقليمية أوسع، انطلاقا من عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

وواضح ان حل عقدة الترسيم بات في متناول اليد، في ظل التفاؤل الذي عبر عنه الرئيس عون أثناء لقائه ممثلة الأمم المتحدة.

وقد أوفد الرئيس عون مفوضه الى هذه المهمة، نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الى نيويورك امس، للقاء الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين وإبلاغه، كما يبدو قبول الجانب اللبناني بآخر الطروحات الاسرائيلية، والتي يخشى ان تتضمن مقايضة البر بالبحر، أي ان يتنازل لبنان عن نقطة BI عند رأس الناقورة، التي تطل على ساحل نهاريا وتوابعها، على الجانب الاسرائيلي، مقابل الاستجابة لمطالب لبنان على مستوى الخطوط البحرية.

وسبق هذه التطورات اعلان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الوقوف خلف السلطة اللبنانية في موضوع مفاوضات ترسيم الحدود، وانه يريد ان يأكل العنب وحسب، أي دون مشكلة مع احد.

الانعكاسات الايجابية لهذه المستجدات يفترض ان تظهر في السياق الحكومي أولا، ثم على مستوى الاستحقاق الرئاسي.

وبات هناك توافق على تعويم الحكومة عبر مسارين، إما اصدار مراسيمها بتركيبتها الحالية، وإما تغيير بعض الأسماء فيها.

وهنا كشف مصدر رسمي لبناني لـ«الأنباء» عن ان مسار تأليف الحكومة الجديدة قطع شوطا كبيرا، وان القرار بتأليفها قد اتخذ ولا رجوع عنه، وبعد عودة ميقاتي من نيويورك، سيعقد اللقاء السابع والحاسم بينه وبين الرئيس عون للاتفاق على الأسماء المقترح استبدالها».

ورجح المصدر ان «تولد الحكومة الجديدة وتصدر مراسيم تأليفها قبل نهاية الشهر الجاري، وسقف الاتفاق على تأليفها ربما يكون يوم الخميس من الاسبوع القادم على ابعد تقدير، وكل ما يشاع عن وجود عقبات تتصل بتغيير من 4 الى 6 وزراء مع اتجاه رئيس الجمهورية لاستبدال وزراء محسوبين من حصته أمر غير صحيح».

واشار المصدر الى ان «أكثر من جهة دخلت على خط تذليل العقبات، بحيث حصلت تنازلات متبادلة من قبل عون وميقاتي، سهلت العودة الى مسار التأليف، والجهة الأبرز التي ضغطت في هذا الاتجاه هي حزب الله الذي يخشى من تنازع دستوري على تسلم حكومة تصريف الاعمال صلاحيات رئيس الجمهورية، فتحرك باتجاه ميقاتي وباسيل، واثمر هذا التحرك تجاوز مسألة اضافة ستة وزراء سياسيين والابقاء على تشكيلة حكومية من 24 وزيرا».

في المقابل، ثمة من يرفض فكرة تعويم الحكومة الحالية. وللقوات اللبنانية وجهة نظر خاصة، اذا انها ترى في الدفع الحاصل باتجاه تأليف حكومة جديدة، او تعويم الحكومة الحاضرة، جانبا من الضغوط التي يمارسها الفريق الرئاسي الذي سبق ان هدد علنا، باتخاذ خطوات غير دستورية، لمنع حكومة تصريف الاعمال من تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية، واعتبرت القوات ان اي حكومة يحاولون تمريرها قبل انتخاب رئيس الجمهورية، لن تنال ثقتنا.

كما أن مطلب انتخاب رئيس الجمهورية قبل أي استحقاق آخر، يحظى ايضا بدعم عربي ودولي واسع، وهذا ما نقلته سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو الى فريق الممانعة وبالذات حزب الله، وسيبلغ سفراء الدول المهتمة بالشأن اللبناني مختلف القوى والفعاليات السياسية والنيابية مثل هذا التوجه، لتتحمل مسؤوليتها في اختيار الرئيس الانقاذي المناسب.

وفي هذا السياق التقت السفير غريو رئيس التيار الحر جبران باسيل.

بدوره، السفير السعودي وليد البخاري التقى أمس رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي قال بعد اللقاء إن الاجتماع «طال وقمنا بجولة أفق وتركيزنا كان على مختلف جوانب الأزمة وانتخابات الرئاسة ولا خلاص للبنان إلا بعمقه العربي».

وأضاف «لمست اهتمام السعودية الكبير بلبنان ولكنها تريد دولة لتتعاطى معها وهي تحضر حزم مساعدات كبيرة إذا كانت هناك دولة جديرة بالثقة وإلا فهي ليست مستعدة للتعاطي مع مسؤول منغمس بالفساد».

في هذه الاثناء، دعا بري مجلس النواب الى عقد جلستين يوم الاثنين المقبل، لمتابعة درس وإقرار مشروع الموازنة العامة لعام 2022.

وضمن هذا الاطار يقع اجتماع النواب السنة في دار الفتوى يوم 24 الجاري، والذي سيحضره 24 نائبا من اصل 27. وحرصت المصادر المتابعة على التأكيد أن الاجتماع مخصص للنواب الحاليين فقط، درءا للمطالبة بالتوسعة.

وقد اكتملت صورة المواقف من اللقاء بحيث ان النواب التغييرين الخمسة منهم اثنان أكدا حضورهما وهما ياسين ياسين ومحمد فنج، فيما النواب الثلاثة حليمة قعقور اعتذرت وإبراهيم منيمنة ووضاح الصادق لايزالان يدرسان المشاركة أو الاعتذار، أما النائب أسامة سعد فقد اعتذر لأنه لا يشارك في أي اجتماع على هذا الصعيد منذ سنوات انتخابه.

وكشفت «الأنباء» عن ان اللقاء سيفتتح بكلمة للمفتي دريان يؤكد فيها على الثوابت الوطنية والتمسك باتفاق الطائف وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتعزيز العلاقات مع الدول العربية.

وأكدت مصادر نيابية لـ«الأنباء» ان اللقاء له رمزية وطنية لا طائفية، واي كلام غير ذلك هو عملية تشويه ومحاولة لإفشال ما سيصدر عنه، ومن المتوقع ان يصدر في نهاية الاجتماع توصيات او بيان، يضع فيها النقاط على الحروف.

وشددت المصادر على ان الدعوة التي وجهها المفتي دريان الى النواب السنة لاقت ترحيبا وتأييدا ودعما واسعا سياسيا وشعبيا محليا وعربيا.

الانباء ـ عمر حبنجر ـ داود رمال

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.