صراع أمريكي صيني على المريخ.. مَن يصل أولاً لـ«العينات»؟
في تطور مثير، تسعى الصين للتفوق على الولايات المتحدة في سابقة تاريخية لاستعادة عينات من المريخ، مما يزيد من حدة التنافس الفضائي بين القوتين العظميين.
في خطوة مفاجئة، أعلنت الصين عن تسريع خططها لبعثة استعادة عينات المريخ، مع استهداف موعد الإطلاق في عام 2028، أي قبل الموعد المقرر لبرنامج ناسا بسنوات.
وتواصل وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) العمل على خطة استعادة عينات المريخ بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية، لكن الخطط الأمريكية تواجه تحديات كبيرة، في وقت بدأ فيه فريق مراجعة استراتيجي جديد التقييمات اللازمة للبرنامج، بهدف تقديم توصيات بحلول نهاية العام أو بداية العام المقبل.
ويأمل مسؤولو ناسا في تطوير خطة طموحة تؤمن استعادة عينات المريخ إلى الأرض بحلول عام 2040، بتكلفة لا تتجاوز 11 مليار دولار.
الصين تسرع خططها لاستعادة العينات في 2028
وتعد بعثة “تيانوين 3 ” الصينية أحد أبرز مشروعات الفضاء الصينية، وقد تم الإعلان مؤخراً عن تسريع موعد إطلاقها إلى 2028، أي قبل الموعد المخطط له سابقاً.
وقال ليو جيجونغ، كبير مصممي مشروع استعادة عينات المريخ في الصين، إن المهمة تتطلب إطلاق صاروخين من طراز “لونغ مارش 5 ” لنقل العينات إلى الأرض.
وعلى الرغم من أن المهمة الصينية ستكون أصغر حجما مقارنة بالخطط الأمريكية، فإنها تهدف إلى جمع عينات من سطح المريخ وإعادتها إلى الأرض في العام نفسه.
وتستند هذه الخطط إلى نجاح الصين الكبير في استعادة عينات القمر عبر بعثات “تشانغ’e 5″، و”تشانغ’e 6″، ما يعزز من قدرة الصين على مواجهة التحديات الكبيرة في مجال استكشاف الفضاء، وهو ما يضعها في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة.
السياسة وراء السباق الفضائي
ويشير الخبراء إلى أن السباق الفضائي لاستعادة عينات المريخ بين الصين والولايات المتحدة ليس مجرد قضية علمية بحتة، بل يتجاوز ذلك إلى الصراع الجيوسياسي.
سكوت هوبارد، الذي كان أول مدير لبرنامج المريخ في ناسا، وصف فوز الصين في هذا المجال بأنه سيكون بمثابة “لحظة سبوتنيك” جديدة، في إشارة إلى التحدي التاريخي الذي فاجأت به الاتحاد السوفياتي الولايات المتحدة عندما أطلق أول قمر اصطناعي إلى الفضاء في عام 1957.
وحول أهمية العينات التي ستسترجعها الصين أكد هوبارد أن العينات التي ستسترجعها الصين قد تكون أقل قيمة علمياً من تلك التي تجمعها بعثة بيرسيفيرانس التابعة لناسا، إلا أن “الرمزية السياسية” قد تكون أكثر أهمية بالنسبة للصين، حيث إن العنوان الإعلامي “الصين تتفوق على أمريكا” قد يكون له تأثيرات بعيدة المدى في المشهد العالمي.
ماذا عن ناسا؟
على الجانب الأمريكي يواجه برنامج استعادة عينات المريخ تحديات تمويلية وتكنولوجية كبيرة، خاصة في ظل تكلفة البرنامج التي تقدر بمليارات الدولارات.
وأكد هاري ماك سويين، أستاذ الجيولوجيا في جامعة تينيسي، أن “ناسا كانت في طليعة استكشاف المريخ منذ عقود، وإذا فشلت الولايات المتحدة في استعادة العينات قبل الصين سيكون ذلك محبطا”، مضيفا أن “العينات المريخية يمكن أن تحدث ثورة في فهمنا للكواكب الأخرى”.
ويشير الخبراء إلى أن التنافس في استعادة عينات المريخ سيحمل تداعيات كبيرة على مسار استكشاف الفضاء في المستقبل، خصوصا فيما يتعلق بتحقيق الأسبقية في إرسال البشر إلى المريخ.
في حال نجحت الصين في استعادة العينات أولاً فإن ذلك قد يعزز مكانتها الدولية ويجعلها القوة الأولى التي تحقق مهمة ذهاب وإياب بين الأرض والمريخ.
التوقعات المستقبلية
يبقى التساؤل: هل ستتمكن الصين من تحقيق هذه المهمة الفضائية الطموحة أولاً؟ وما العواقب التي قد تترتب على ناسا في حال فشلت في السباق؟
ما مؤكد هو أن هذا التنافس سيشكل محطة مهمة في تاريخ استكشاف الفضاء، ويحدد مستقبل التعاون والتنافس بين القوى الكبرى في هذا المجال.
Comments are closed.