حزب الله يسحب 2500 عنصر من سورية.. أديب يطلع عون على الاستشارات.. وشينكر يقصر زيارته على النواب المستقيلين
لا أحد في لبنان وربما في خارجه يصدق حالة التعفف عن المناصب والوزارات من جانب احزاب «المنظومة الحاكمة»، وحتى الرئيس المكلف مصطفى أديب بدا في حالة استغراب، لأن أحدا من رؤساء الكتل النيابية الذي تشاور معه في تشكيل الحكومة لم يسأله شيئا لنفسه، لكتلته او لحزبه، بمن فيهم رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
طبعا هذا التعفف ليس وليد تفهم متأخر ولا انعكاسا لتخمة، إنما للقناعة بأن ما مضى قد مضى والمؤمل غيب.. وآن أوان اعتبار الصمت سيد الاحكام والمثل الشعبي اللبناني «احفظ رأسك عند تغيير الدول»، وما يحصل في لبنان منذ 4 أغسطس، تاريخ الانفجار الكارثي، في مرفأ بيروت، يوحي بأن لبنان دخل مرحلة التغيير الحقيقي.
بعض من تصوب المبادرة الفرنسية على رؤوسهم يراهن على تناقض ما بين وجهتي النظر الاميركية والفرنسية، لكن وصول ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركية، بعد مغادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العاصمة اللبنانية، أظهر من خلال اقتصار لقاءاته على قيادات الحراك المدني والنواب المستقيلين ان واشنطن، وكما اكد وزير خارجيتها مايك بومبيو، لا تتقبل قبول المبادرة الفرنسية بحزب الله في الحكومة، لكن بومبيو اكد على التنسيق الاميركي مع المبادرة الفرنسية.
وقال بومبيو انه ينبغي على الحكومة الجديدة اجراء اصلاحات عميقة، فاللبنانيون يطالبون بتغييرات جذرية حقيقية والولايات المتحدة ستستخدم نفوذها لضمان ان يتحقق ذلك ولاحظ ان الجميع في لبنان سلم سلاحه الا حزب الله، وأكد على عدم تمثل الحزب في الحكومة باعتباره طرفا مسلحا.
من جهته شينكر استبق وصوله الى بيروت بالقول ان حزب الله ليس ميالا للاصلاح وانه اعتمد على الفساد، وهو ليس منظمة سياسية شرعية وانما منظمة ارهابية واعلن تقديره للمبادرة الفرنسية مع الاعتراف بوجود «خلافات صغيرة».
السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا غابت عن المشهد الماكروني تماما لتغرد بالأمس قائلة: الاقتراحات الفرنسية تخص الفرنسيين.
ولعل زيارة شينكر، أمس، توضح الصورة وتضع النقاط على الحروف وقد اختار من المعارضة حزب «الكتائب» الذي استقال نوابه من مجلس النواب في اطار سعيهم للانتخابات المبكرة.
لا معارضون علنيون لهذه الحكومة حتى الآن بل متضررون لن يظهروا معارضتهم الى العيان قبل اعلان ولادتها مقرونة ببيانها الوزاري الذي لن يكون سوى الورقة الاصلاحية الفرنسية التي سلمها الرئيس ماكرون، في قصر الصنوبر، الى رؤساء الكتل النيابية.
وبالطبع فإن هذه الورقة – البيان لا تتضمن «الثلاثية الذهبية» (شعب وجيش ومقاومة) التي لطالما فرضها حزب الله على بيانات الحكومات السابقة، كما فرض وجوده، وهذا ما قد لا يكون في حكومة مصطفى اديب في ضوء طبخة التسوية الجاري اعدادها على الموقد الايراني، والتي من ضمن المقادير التي اضيفت اليها ما اعلنه النائب السابق فارس سعيد، أمس، عن سحب حزب الله 2500 عنصر من قواته المنتشرة في سورية.
وستتركز الحملات على شخصية الرئيس مصطفى اديب وخلفيته الاكاديمية وارتباطاته بالمؤسسة العسكرية الفرنسية من حيث كان يدرس في المؤسسات العسكرية العليا بمعزل عن قول ماكرون انه لم يكن يعرفه قبل ان يسميه له الرئيس سعد الحريري.
ملامح هذه الحملات بدأت تظهر عبر بعض شاشات التلفزة تجنبا من اصحابها التعرض للمبادرة الفرنسية مباشرة وقد بدأت من خلال المقارنة بينه وبين رئيس الحكومة السابق الدكتور حسان دياب الذي هبط على رئاسة الحكومة بالباراشوت كما حال اديب، علما ان المقارنة لا تزال مبكرة، فالأول خذلته التجربة إلى درجة انه ترك القصر الحكومي مهشما من جراء انفجار المرفأ ولم يبادر الى تكليف من يعيد اليه رونقه وفي فترة تصريف الأعمال، بينما الرئيس اديب لم يخضع للتجربة او الاختبار، ولا يكفي ان يكون الرجلان في ذات السياق الاكاديمي حتى تصح المقارنة.
ويركز المتضررون على انتماء اديب الكلي الى الاجواء الفرنسية ثقافيا واجتماعيا والثاني انه سيكون بمثابة «المندوب السامي» الفرنسي في لبنان، علما انه في حالة لبنان المسلوب السيادة والارادة والمناعة الذاتية لا مكان لهذا الترف فلبنان غريق ولا خوف عليه من البلل.
المصادر المتابعة تعتقد ان الرئيس اديب آتٍ لمهمة محددة وعمله يدخل في السياق الانقاذي لوطنه الاول وإذا كان من مسّ بالسيادة وبعض الامتيازات فذلك مردود الى المجموعة الحاكمة التي حولت البلد الى سوق بازار، فضلا عن ان المضيئين على جنسية اديب الثانية يعلمون، ايضا، ان 10 وزراء في الحكومة السابقة على الاقل يحملون جنسية ثانية وبينهم 8 اميركيين.
رئيس الحكومة المكلف عرض مع الرئيس ميشال عون، عصر امس، نتائج استشاراته النيابية حول تشكيل الحكومة.
وتساءلت المصادر المتابعة عما اذا كان تعفف القوى السياسية عن طلب وزارات محددة او سواها من الرئيس المكلف ام تفتح شهيتها مجددا على اساس اعطاء وزارات معينة الى طوائف معينة بات بمثابة العرف والعادة!
الرئيس اديب وفي تغريدة له عبر «تويتر»، أمس، قال: «فاوضنا وناضلنا واستشهدنا لنعيش معا مسلمين ومسيحيين في دولة سيدة حرة، ديمقراطية تفصل بين الدين والدولة». وأضاف: «دعوا الصلاحيات جانبا، الاجيال الجديدة تطالب بوطن يؤمن بقاءها وتقدمها، لا بصلاحيات دستورية تختلف عليها الطوائف».
واخـــتتــم بالقــــول: «سننتصر».
الانباء – عمر حبنجر
Comments are closed.