تحذير من المراوغة الإسرائيلية في تنفيذ خطة الانسحاب من الجنوب
منذ لحظة إعلان وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية، تسعى إسرائيل إلى فرض شروطها لتنفيذ ورقة الالتزامات المتبادلة مع لبنان، ولكن بأسلوب يضمن لها الهيمنة والتحكم بالمسار وفق أجندتها.
ويأتي هذا الإصرار الإسرائيلي في سياق سلسلة من الخروقات العدوانية التي تهدد استقرار المنطقة وتضع الاتفاق على المحك، كما حصل في مدينة الخيام بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها وانتشار الجيش اللبناني، حيث أغارت الطائرات الإسرائيلية على ساحة البلدة، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى، في رسالة واضحة من إسرائيل لفرض إرادتها العسكرية حتى في زمن الهدنة.
وأوضح مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء» ان «إسرائيل اعتادت على استخدام تكتيك المراوغة في تنفيذ الاتفاقات، عبر تجزئة الالتزامات وربط كل مرحلة بشروط إضافية، مما يهدد بتنفيذ جزئي أو غير مكتمل للاتفاق. هذه السياسة تظهر نواياها في استغلال الوقت لتثبيت وقائع جديدة على الأرض، أو انتزاع تنازلات إضافية من الجانب اللبناني. والخطر الأكبر يكمن في أن هذه الاستراتيجية تعطي إسرائيل الفرصة لمواصلة خروقاتها العسكرية بحجة الردع أو الرد على تهديدات، ما يجعل وقف إطلاق النار هشا وقابلا للانفجار في أي لحظة».
وأشار المصدر إلى انه «في ظل هذا الواقع، تتزايد مسؤولية الدول الضامنة، وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، لضمان تنفيذ الاتفاق وفقا للمهلة المحددة بستين يوما. فهما يتحملان واجب الضغط على إسرائيل لإلزامها بوقف خروقاتها، وضمان تنفيذ بنود الاتفاق بشكل متزامن وعادل. والولايات المتحدة، باعتبارها الحليف الأكبر لإسرائيل، لديها قدرة فعلية على ضبط إيقاع الممارسات الإسرائيلية، في حين تلعب فرنسا دورا محوريا كطرف يحظى بثقة نسبية في الداخل اللبناني».
ورأى المصدر ان «ما جرى في الخيام يجب أن يكون بمثابة تنبيه واضح إلى المجتمع الدولي والدول الضامنة. واستمرار إسرائيل في مثل هذه الاعتداءات، يظهر افتقارها إلى الجدية في الالتزام بالاتفاقات، ويؤكد أن هدفها الرئيسي هو تثبيت معادلات القوة بدلا من تحقيق سلام مستدام. هذا التصرف يضع لبنان في مواجهة خيارين أحلاهما مر: إما الرد العسكري الذي يعيد إشعال الجبهة، أو القبول بالأمر الواقع الذي يكرس الخروقات الإسرائيلية كجزء من المعادلة».
ولفت المصدر إلى انه على الجانب اللبناني، «تتمسك حكومة تصريف الأعمال والجيش وكذلك حزب الله بموقف موحد لتنفيذ الاتفاق ضمن إطار السيادة الوطنية ومنع إسرائيل من فرض شروطها. ولكن التحدي الحقيقي يكمن في الحفاظ على هذا الثبات في وجه الضغوط والمناورات الإسرائيلية».
وشدد المصدر على انه «لتجنب الفشل في تنفيذ الاتفاق، يجب على الدول الضامنة وضع آليات مراقبة ومحاسبة واضحة لإسرائيل، مع ضمانات جدية لعدم تكرار ما حدث في الخيام. فوقف إطلاق النار الحقيقي لا يتحقق بالبيانات والتعهدات فقط، بل يتطلب التزاما فعليا بكل بنود الاتفاق، وإلا فإن منطقة الجنوب ستظل عرضة لانفجارات متكررة تهدد الأمن والاستقرار».
الانباء – داود رمال
Comments are closed.