في مدرسة الزوق الرسمية.. انتظم كل شيء والتعليم جنباً إلى جنب مع الإيواء
لا يمكن لزائر مدرسة زوق مصبح الرسمية في بلدة الزوق الكسروانية، والتي تؤوي 34 عائلة من الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع (116 شخصا)، إلا أن تستوقفه صلابة أفراد هذه العائلات الذين لا يزالون يبتسمون ويقدرون أي لفتة أو مبادرة، على رغم أن السواد الأعظم منهم قد خسر منزله أو ربما هو على طريق خسارته طالما الحرب مفتوحة وممتدة زمنيا.
وفي كل مرة تتوقف سيارة أمام مدخل المدرسة وينزل من يحمل اليهم من سكان البلدة أكياسا من الثياب والأحذية، يسارع من يتلقفها ويغرف في محتوياتها علها تكون غب الطلب من القياسات المطلوبة، لاسيما أن موسم الأمطار على الأبواب والبرد عدو كبار السن كما الأطفال.
وفي استطلاع لأحوال هذه العائلات قامت به «الأنباء»، تبين أنها تقطن ثلاثة مبان من المدرسة في موازاة مبنيين منفصلين عادا ليستقبلا التلاميذ بعد انطلاق العام الدراسي قبل أيام في المدارس الرسمية.
وفي حديث لـ «الأنباء»، قالت مديرة مدرسة زوق مصبح الرسمية ميرنا زيتوني، التي تتوزع مهامها اليوم بين إدارة المدرسة وتنظيم شؤون النازحين، إن «الأمور بدأت تنتظم أكثر بعد بدء التعليم، وثمة 7 أولاد من النازحين التحقوا بالصفوف في المدرسة، فيما يتابع الأولاد الآخرون التعليم عن بعد في مدارسهم الأصلية».
وعن العلاقة السائدة بين هذه العائلات التي لم تكن تعرف بعضها من قبل، قالت «كانت الأمور صعبة في البداية، فالنزوح فرضهم على بعض وبعد مشاكل «عالخفيف»، أخذوا يتكيفون وثمة عائلات باتت قريبة من البعض الآخر».
وكما يبدو، فإن ما قرب هذه العائلات من بعضها هو أن مطبخا وضع بالتصرف لتتوزع الأمهات الأدوار في عملية إعداد الطعام، وهذا ما انعكس بعضا من الراحة النفسية على الأولاد الذين عادوا يأكلون من أيدي أمهاتهم، تقول زيتوني في هذا الصدد «بعض الرجال في المدرسة عادوا إلى مزاولة أعمالهم في مجال النقل وسيارات الأجرة، فيما آخرون فقدوا وظائفهم ويمكثون في المدرسة. أما النساء فيوزعن الوقت بين الطبخ والغسيل وتنظيف الحمامات والملعب والحديقة، والجميع ملتزم بالبرنامج الذي وضعته ومتعاون جدا».
في ثنايا مركز الإيواء في الزوق، طاعنات في السن هن بركة المكان، يؤثرن الصمت والتأمل وربما التفكير بقساوة القدر، في مقابل نساء تصفهن مديرة المركز ميرنا زيتوني بالقبضايات، وتضيف «الأمهات هن الأقوى، والأم التي لديها صغار تبدو قوية جدا وتفعل كل شيء لتنظيم حياة أولادها الجديدة».
قاطنو أحد أبنية الإيواء الثلاثة «محظيون» لوجود جهاز تدفئة فيه، لكنهم ينتظرون مادة المازوت الموعودة من الحكومة ليبدأ سريان الدفء في الغرف.. أما المبنيان الآخران، فربما تتوافر لهما مدافئ على الغاز. ولكن ماذا عن السجاد؟ تجيب زيتوني «أهالي البلدة والبلدية ومنذ بدء النزوح قاموا بمبادرات قبل أن تتحرك الجمعيات. والأهالي قدموا حتى اليوم أربع سجادات انتظرو أن تصبح 15 سجادة لأوزعها على الغرف، وإن لم يكتمل العدد، ستكون الأولوية للغرف التي فيها رضع وأطفال».
البرد لا يرحم وموسمه يقرع الأبواب قريبا، وعلى لائحة الحاجات المنتظرة في كل مركز إيواء وسائل للتدفئة وبطانيات وثياب شتوية.. الحكومة وأمام كم الحاجات تعتمد شعار «العين بصيرة واليد قصيرة»، لذا ما أضيق عيش العائلات النازحة لولا فسحة المبادرات من جمعيات وأفراد لا تحركهم سوى الإنسانية.
الانباء ـ بولين فاضل
Comments are closed.