لبنان بين التصعيد والتهدئة وهذه سيناريوهات المرحلة المقبلة

لم تهدأ الساحة اللبنانية منذ انتهاء آخر جولة من المواجهات بين إسرائيل وحزب الله. فبينما تستمر الغارات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع الحزب في جنوب لبنان، يبدو أن الحزب بدوره يعمل على إعادة بناء بنيته العسكرية.
هذا المشهد يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل الصراع وما إذا كانت المنطقة على أعتاب جولة جديدة من التصعيد.
خلال الأسابيع الأخيرة، كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية، مستهدفة عناصر ومرافق تابعة لحزب الله، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو استهدف “عنصرًا من حزب الله كان يشارك في ترميم البنية التحتية للحزب”.
هذه الاستهدافات، التي وصفت بالأعنف منذ اتفاق وقف إطلاق النار، تعكس تصعيدًا إسرائيليًا لافتًا، خصوصًا مع تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بيتسلئيل سموتريتش، الذي أكد أن “البنية التحتية اللبنانية ستدفع ثمنا باهظًا إذا استمر حزب الله في تحركاته”.
يرى الباحث في العلاقات الدولية علي شكر خلال الحوار الذي أجراه مع “سكاي نيوز” عربية أن حزب الله يتعامل مع الوضع الراهن وفق استراتيجيتين أساسيتين. الأولى ترتبط بالتغيرات في المعادلة العسكرية، لا سيما تطور القدرات الإسرائيلية على مستوى التكنولوجيا العسكرية والاستخباراتية، والتي تمكنها من استهداف قيادات الحزب بدقة أكبر. أما الاستراتيجية الثانية، فهي ذات بعد سياسي داخلي، إذ يلتزم الحزب بإعطاء فرصة للسلطة السياسية اللبنانية والمجتمع الدولي لاتخاذ موقف حيال الاعتداءات الإسرائيلية، وذلك ضمن الاتفاقات التي سبقت قرار 1701 ووقف إطلاق النار.
شكر يوضح أن “هناك اتفاقًا غير معلن على أن تتولى السلطة السياسية اللبنانية الردع الدبلوماسي، في مقابل التزام حزب الله بالتهدئة”، لكنه يشير إلى أن استمرار التصعيد الإسرائيلي قد يؤدي إلى انهيار هذا التفاهم، مما يفتح الباب أمام رد فعل عسكري من قبل الحزب.
في ظل استمرار القصف الإسرائيلي والتوتر الأمني، يواجه لبنان تحديا اقتصاديا كبيرا يتعلق بملف إعادة الإعمار. بعد حرب 2006، قدرت الخسائر اللبنانية بحوالي 7.6 مليار دولار، تحملت معظم تكاليفها دول عربية.
واليوم، يقدر البنك الدولي أن أي تصعيد جديد قد يكلف لبنان نحو 11 مليار دولار إضافية، مما يثير تساؤلات حول مدى استعداد أي جهة دولية أو إقليمية للمساهمة في تمويل إعادة الإعمار في حال اندلاع حرب جديدة.
بحسب شاكر، فإن المرحلة الراهنة هي “مرحلة اختبار” لقدرة الأطراف السياسية اللبنانية والمجتمع الدولي على ردع إسرائيل. لكنه يحذر من أنه إذا استمر الوضع الحالي دون تدخل فاعل، فإن حزب الله قد يجد نفسه مضطرًا للرد عسكريًا، ما قد يجر المنطقة إلى مواجهة واسعة النطاق.
كما يشير إلى أن “الاعتداءات الإسرائيلية تجاوزت الانتهاكات الجوية والقصف، ووصلت إلى دخول أكثر من ألف إسرائيلي إلى مناطق لبنانية حدودية بحجة زيارات دينية”، وهو ما يضع تحديًا إضافيًا أمام الدولة اللبنانية.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن حزب الله يوازن بين خيار التهدئة مؤقتًا وخيار التصعيد في حال استمرار الاعتداءات الإسرائيلية.
أما إسرائيل، فهي تواصل عملياتها العسكرية مدفوعة باعتقادها أن الظروف الإقليمية والدولية تسمح لها بتوجيه ضربات استباقية دون رد فعل كبير. السؤال المطروح الآن: هل نشهد تصعيدًا عسكريًا وشيكًا، أم أن التفاهمات السياسية لا تزال قادرة على ضبط إيقاع المواجهة؟
المصدر: المركزية
** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
Comments are closed.