وزيرة البيئة تمارا الزين: زوجي الفرنسي مغرم بلبنان.. وهذا أكثر ما أخافني

في يوم المرأة العالمي، قد تكون وزيرة البيئة د. تمارا الزين أكثر النماذج المضيئة للمرأة التي قادها سقف عال من الطموح إلى مرتبة عالية من العلم والإدارة والقيادة والنجاح. بهذا المعنى، هي تختصر في شخصها الإنسانة الشغوفة بالتحصيل الجامعي والبحث العلمي والأم الضنينة بلعب كامل دورها إلى جانب أولادها الثلاثة، ولو كان الثمن بخيار فردي إجازة من العمل لخمس سنوات.
البحث في المشوار العلمي للوزيرة تمارا الزين يقود إلى محطات فاصلة فيه، أولها سفر ابنة صيدا بعد إجازة من الجامعة اللبنانية في الكيمياء الفيزيائية إلى فرنسا لتحصيل الدكتوراه بدعم خاص من والدة حرمتها ظروف الحياة من توظيف فطنتها الفطرية في التعلم. ومن دكتوراه وهي ابنة 25 عاما من جامعة الألزاس في فرنسا، إلى باحثة وأستاذة جامعية متفرغة في الجامعة نفسها قبل العودة في العام 2014، وبعد خمسة عشر عاما من الغربة الفرنسية إلى لبنان وانضمامها إلى المجلس الوطني للبحوث العلمية الذي تبوأت فيه منصب الأمانة العامة في العام 2022.
وزيرة البيئة د. تمارا الزين وفي حديث إلى «الأنباء»، وردا على سؤال عما إذا كان المنصب الوزاري يتوج مشوارها ومساهماتها حتى اليوم، قالت إنها لن تدعي التواضع المزيف، لأن من فكر بتوزيرها أخذ في الاعتبار كل مسارها وخبراتها المتراكمة ومساهماتها. وأشارت في الوقت عينه إلى أن «المساهمة لا يحددها حجم الموقع، لأن الإنسان أينما كان قادر على المساهمة، ويمكن أن تكون مساهماته كبيرة وأساسية حتى حين يكون في مركز أدنى في الدرجة الوظيفية». وأضافت: «في المنصب الوزاري ربما المساهمات تظهر أكثر مثلها مثل الفشل، وبالتالي هذا سلاح ذو حدين، لكن المهم هو النية في نهاية المطاف وتقديم أفضل الممكن».
وانطلاقا من عملها السابق كباحثة علمية وإيمانها بأهمية مساهمة كل فرد في الجهد الجماعي، قالت الزين: «الأهم في فريق العمل هو أن يكون متجانسا في الرؤية ومنهجية العمل». وفي حقيبتها الوزارية ثمة ترابط مع وزارات كثيرة كالطاقة والأشغال والتربية والثقافة. «وقد تبين منذ التبادل الأولي للأفكار، وجود توجه مشترك للعمل يدا واحدة، لأن نجاح الواحد سينعكس تلقائيا على الآخر».
وأضافت: «حتى من منطلق نرجسي، كل وزير في الحكومة الحالية وفي هذه المرحلة يتوق إلى النجاح وعدم عرقلة عمله وعمل غيره».
وتتحدث الوزيرة الزين عن مفارقة وصولها إلى وزارة البيئة، بعد علاقة حب نشأت أخيرا بينها وبين الأشجار والنباتات. وتقول:«مع الأعوام تمنيت لو أني كنت مهندسة زراعية بدلا من التخصص في الكيمياء. وما حصل حين بات لدي منزل في القرية، أني صرت مغرمة بالأشجار، وقبل أن أدخل البيت، أتفقد الأشجار، إلى هذا الحد نشأت علاقة بيني وبينها، فالشجرة في النهاية حياة نتعلق بها مثلها مثل البشر».
والدكتورة تمارا الزين الأم لثلاثة أولاد تنظر إلى الأمومة كأجمل وأهم صفة لديها، لكنها وكأي امرأة عاملة تخشى التقصير تجاه أولادها. وتقول في هذا الصدد: «طبعا المسؤولية الحالية تأخذ الكثير من الوقت، لكن ما أخافني أكثر وكان موضع نقاش مسبق مع زوجي وأولادي ووالدتي، هو مدى استعدادهم لتحمل تبعات وجودي تحت الضوء كتعرضي مثلا للهجوم، إلا أنهم أبدوا الاستعداد والتفهم وهم متحمسون وفخورون جدا».
وعما توصي به دائما أولادها، قالت الوزيرة الدكتورة إنها تسألهم باستمرار «أن يحكموا عقلهم، مع ترك حيز للقلب كي يوجههم». وأضافت: «قد تستغربين ذلك كوني شخصا علميا، لكني من النوع الذي يتبع حدسه وأؤمن بأن الله يفتح أمامنا الطريق، لكن يعود الينا ألا نعاند مصيرنا، ولحظة سلوكنا هذه الطريق، يجب أن ننجز ما علينا إنجازه على أكمل وجه».
وتكشف تمارا الزين المتزوجة من فرنسي (جان نويل باليو، المدير الإقليمي للوكالة الجامعية للفرنكوفونية) أن «زوجي مغرم بلبنان ويشاطرني الرأي بأنه من الأفضل أن ينشأ أولادنا في لبنان على النشوء في فرنسا». وعما إذا كانت علمته اللغة العربية التي تعشق فصحاها، قالت: «تعلم العربية وهو يفهمها ويقرأها، لكنه لا يتقنها مائة في المائة». ولكن هل من مشكلة لديها في حال تغرب الأولاد في المستقبل للدراسة، كما فعلت هي في الماضي؟ تجيب: «لن أكذب عليك، نعم عاطفيا عندي مشكلة وأفضل بقاءهم إلى جانبي. حين سافرت إلى فرنسا، كان القرار الأكيد بالعودة ذات يوم إلى لبنان، هالقد أنا متعلقة بالبلد، لكن العمل والحياة جعلا الغربة تمتد 15 سنة. أما القرار الفاصل بالعودة، فأتى على خلفية أني في كل مرة كنت آتي إلى لبنان، كنت أجد أن والدتي تتقدم في العمر، إلى أن كان قراري الحاسم في النهاية إني لا أريد لأمي«أن تختير» وأنا بعيدة عنها.
وماذا عن كلمتها لوالدتها ولكل سيدة لبنانية، تقول الوزيرة تمارا الزين: «المرأة اللبنانية هي أكثر امرأة متمكنة في العالم، لأن المرأة التي تواجه حروبا وأزمات وغربة الأولاد وتظل مستمرة ومتمسكة بأرضها، هي امرأة تعطي دروسا للعالم، وأنا أتعلم من كل سيدة لبنانية في كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة».
الانباء ـ بولين فاضل
** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
Comments are closed.