طاولة مستديرة في جامعة الكسليك حول الحماية القانونية والدبلوماسية للتراث اللبناني

جامعة الكسليك

عقدت كليّة الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الروح القدس – الكسليك وكرسي الأونيسكو “التربية على ريادة الأعمال المسؤولة والتنمية المستدامة” في الجامعة، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية اللبنانية للأونيسكو، طاولة مستديرة بعنوان “حماية التراث اللبناني: الحماية القانونية والدبلوماسية لمواقع التراث العالمي للأونيسكو في لبنان خلال فترات السلم والنزاع”، أدارها الإعلامي يزبك وهبة.

وقد سلّط المتحدثون الضوء على دور القانون الدولي والدبلوماسية الثقافية في حماية التراث الإنساني العالمي. وشملت محاور النقاش اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية، التعمق في إنجازات لبنان في دبلوماسية الأونيسكو ومساهمات عدد من الخبراء القانونيين والثقافيين.

وهبة

بعد النشيد الوطني، أكد الإعلامي يزبك وهبة “أهمية وضع قوانين دولية تتكامل مع التشريعات الوطنية لحماية الآثار”، مشددا على “الدور البارز لمنظمة الأونيسكو في هذا المجال، خاصة من خلال اتفاقية لاهاي لعام 1954، التي تنص على حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، سواء من الاستيلاء أو الغنيمة والحجز، مع توفير حماية خاصة عبر آليات مثل المادة 16 والشعار الأزرق”.

وأشار إلى “الجهود الدبلوماسية والإدارية البارزة للبنان بقيادة السفير الدكتور مصطفى أديب والمدير العام للآثار المهندس سركيس وجيه الخوري، والتي أسفرت عن صدور قرار دولي من المجلس التنفيذي للأونيسكو في 20 تشرين الأول 2024، يهدف إلى حماية المواقع الأثرية، ودعم التعليم وحماية الصحفيين. كما نجح لبنان في استصدار قرار دولي جديد في 18 تشرين الثاني 2024 خلال جلسة استثنائية، لتعزيز حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة”.

الخوري

ثم تحدث عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الروح القدس – الكسليك الأب الدكتور وسام الخوري، الذي أعرب عن “اعتزاز الجامعة بإنشاء كرسي بحثي بالتعاون مع اليونيسكو يُعنى بالتربية على ريادة الأعمال المسؤولة والتنمية المستدامة”، مؤكدا أن “التنمية المستدامة تبدأ بحفظ الآثار وصون ذاكرة الشعب وتاريخه، وهو ما يتطلب تضافر الجهود القانونية والإدارية والدبلوماسية، كما تجلى في النجاحات الدبلوماسية الأخيرة في أيلول وتشرين الثاني الماضيين”.

وأشاد بجهود المدير العام للآثار المهندس سركيس وجيه الخوري، مندوب لبنان الدائم لدى الأونيسكو السفير الدكتور مصطفى أديب، اللذين كان لهما “دور محوري في استصدار القرار الخاص بحماية المواقع الأثرية اللبنانية المدرجة على لائحة التراث المادي العالمي للأونيسكو”.

مداخلات

وكانت مداخلات لأستاذ الهندسة المعمارية والآثار كلية الهندسة في جامعة الكسليك الدكتور المهندس هاني قهوجي جنحو الذي عرض لخريطة المواقع الأثرية اللبنانية المدرجة على قائمة التراث العالمي، ورئيس المدرسة الوطنية للإدارة الأستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة الدكتور جورج لبكي، الذي تحدث عن حماية المواقع الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي في أوقات السلم، والأستاذة الباحثة في كلية الحقوق والعلوم السياسية الدكتورة ماريان حنا، التي تناولت موضوع حماية المواقع الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي في أوقات الحرب.

الخوري

وتناول المدير العام للآثار المهندس سركيس وجيه الخوري مفهوم التراث الثقافي في لبنان وأهمية حمايته، مركزا على دور المديرية العامة للآثار. ورأى “أن التراث الثقافي هو الموروث الذي يعكس طرق المعيشة والعادات والتقاليد والقيم الفنية التي ينقلها المجتمع من جيل إلى آخر. ويمثل هذا التراث مزيجًا غنيًا من الحضارات التي تشكل قوة الهوية اللبنانية، لذا تقع على عاتق المواطنين مسؤولية حمايته والحفاظ عليه”، مشجعًا الطلاب على التخصص في مجال حماية التراث الثقافي، وهو اختصاص جديد يعاني من نقص كبير، مع فتح أبواب المديرية أمامهم لفرص التدريب”.

ثم عرّف بالمديرية العامة للآثار ومهامها وأهدافها، موضحا أنها “هيئة حكومية تابعة لوزارة الثقافة اللبنانية، مسؤولة عن إدارة الآثار وحمايته، وتُعد حارسا للذاكرة التاريخية، وتسعى للحفاظ على الإرث الثقافي باعتباره جزءًا أساسيًا من الهوية الوطنية وأداة فعالة في تحقيق التنمية المستدامة”.

وعرض لأعمال الإصلاح والترميم التي قامت بها المديرية لا سيما بعد إنفجار مرفأ بيروت الذي “شكل حدثا فارقا أثّر بشكل كبير على القطاع الثقافي، إذ تكبّد هذا القطاع خسائر جسيمة قُدرت بنحو 5 مليار دولار، بعد الأضرار التي لحقت بأكثر من 850 مؤسسة ثقافية. ومع ذلك، أثر هذا الانفجار هو بسيط مقارنةً بأثر الحرب التي شنّها العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان. وحتى اليوم، لا تزال المديرية العامة للآثار تدفع ثمنا باهظا، إذ لم يكن هذا النزاع مجرد صراع بين مقاتلين، بل كان أيضًا حربًا استهدفت تدمير تراثنا الثقافي بامتياز”.

وقال: “بعدما كنا أطلقنا استراتيجية التنمية المستدامة، أصبحت خطتنا اليوم تشمل حماية المواقع الأثرية واتخاذ التدابير الاحترازية لتجنيبها التدمير أثناء الحروب”.

أضاف: “تعمل المديرية بالتعاون مع الأونيسكو على تسجيل المزيد من المواقع الأثرية في قائمة التراث العالمي بهدف حمايتها وجذب الاهتمام الدولي. كما أطلقت برنامج “الجهوزية”، بالتعاون مع الجيش اللبناني، الدفاع المدني، الصليب الأحمر، ورؤساء البلديات والجامعات، لضمان الاستجابة السريعة والفعالة لأي حالة طارئة وتقليل الأضرار المحتملة”.

وعرض للنشاط الإداري والدبلوماسي في حماية المواقع الأثرية المدرجة في قائمة التراث العالمي، لاسيما أثناء الحرب الأخيرة على لبنان، مفصلًا الجهود التي بذلت من أجل استصدار قرار دولي من المجلس التنفيذي للأونيسكو في 20 تشرين الأول 2024، بمنح الحماية لأربعة وثلاثين موقعا أثريا.

وأكد أن “حماية التراث الثقافي مسؤولية وطنية مشتركة، تتطلب التعاون بين الحكومة والمواطنين والمؤسسات الدولية لضمان الحفاظ على هذا الإرث الثمين للأجيال القادمة”.

شاهين

من جهته، شكر الأستاذ المحاضر في الجامعة ومدير كرسي الأونيسكو فيها القاضي البروفسور غابي شاهين المتحدثين على مداخلتهم التي “أثرت النقاش وسلّطت الضوء على هذا الموضوع الحيوي والبالغ الأهمية”، مؤكدا أن “من سيئات العالم الحاضر الذي نعيش فيه أن العظماء يفرضون حضارتهم اليوم وقد لا تكون الحضارة الأمثل”.

ساسين

وتحدث رئيس اللجنة الوطنية للأونيسكو الدكتور شوقي ساسين عن تأثيرات الحرب الأخيرة على لبنان، لافتا الى “الدمار الواسع الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي، حيث أورد المجلس الوطني للبحوث العلمية تقريرًا يوثق أكثر من 17,000 اعتداء بين تشرين الأول 2023 وأواخر الشهر نفسه، مستهدفًا السكان، البيئة، الزراعة، البنى التحتية، وحتى بعض الممتلكات الثقافية”، متسائلًا: “رغم قرار الأونيسكو بمنح الحماية المعززة لأربعة وثلاثين موقعًا أثريًا، فمن كان ليحمي السكان والبيئة والزراعة والبنى التحتية الحيوية؟ أم ترى الإنسان فينا أقل قيمة من تاريخه؟”

وتطرق إلى مقارنة تاريخية مع سقوط بغداد على أيدي المغول عام 1258، مشيرا إلى أن “الحزن الأكبر في تلك الكارثة لم يكن على الأرواح بقدر ما كان على دمار دار الحكمة، رمز المعرفة والحضارة. هذه المقارنة تبرز أهمية الإنسان كأعظم قيمة وأعظم مصدر للمعرفة”.

ورأى أن “لبنان المدمر نجح في استصدار حماية معززة لمواقعه، بالطريقتين القانونية والدبلوماسية”، وقال: “واجبنا الوطني يفرض علينا التشبث بالعدالة الدولية إطارًا وبالقانون وسيلة من وسائل المواجهة، لأن الظلم الذي يطاولنا يستوجب مواجهات كثيرة في ميادين الحق جمعاء، ومنها المواجهة القانونية التي لا بد أن تثمر مهما طال جفاف الزمان

** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.