في “اتفاق الحدود”.. لبنان ” أبرأ ذمته” وإسرائيل في سباق مع خلافاتها الداخلية ورحيل عون

التوقيع المرتقب على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان يظهر كحدث مهم في العلاقات بين الدولتين. لبنان في الواقع حذر من أي اتصال مع إسرائيل، والحديث بالطبع لا يدور عن اتفاق سلام، فثمة مدخل لبداية استقرار ما في العلاقات مع تقليص خطر اندلاع حرب أخرى بين إسرائيل و”حزب الله”، وهو التهديد الذي يحلق فوق المنطقة منذ سنوات كثيرة.
الاتفاق الذي تبلور بوساطة أمريكية حثيثة قد يحرم رئيس “حزب الله”، حسن نصر الله، من الذريعة الأكثر حضوراً لإشعال مواجهة عسكرية، “نهب الغاز” كما يبدو من قبل إسرائيل. إذا بحث “حزب الله” عن مواجهة كهذه فيما بعد، فعليه محاولة الاستناد إلى نقاط خلاف أكثر قدماً، التي هي غير موجودة في قلب الإجماع اللبناني، مثل السيطرة على مزارع شبعا، ونقاط أخرى على طول الحدود البرية.
على المدى الأبعد يرسم الاتفاق بإيجاز مستقبلاً تكون فيه طوافتان منصوبتان إحداهما أمام الأخرى، في حقل الغاز كاريش في الطرف الإسرائيلي وفي حقل قانا في الطرف اللبناني، حيث يكون الاتفاق مدعوماً بضمانات أمريكية. بمصطلحات الشرق الأوسط، هذا مبنى صلب جداً. إذا توفرت لسلطات لبنان إمكانية لأرباح في المستقبل من حقول الغاز، التي هو بحاجة ماسة إليها، وتجسد أمامه في المقابل ثمن الخسارة التي سيدفعها (الخوف التسبب بضرب الطوافة الإسرائيلية بشلل الطوافة اللبنانية) فتلك خطوة مهمة لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
صباح أمس، نشر الطرفان بيانات متفائلة عززت التقديرات المسبقة بشأن حدوث اختراقة في المفاوضات. وصلت البيانات الأولية من لبنان وسارعت إسرائيل للرد على ذلك ببيان إيجابي لرئيس هيئة الأمن القومي ايال حولتا، وبعد ذلك بتصريح لرئيس الحكومة يئير لبيد. فقد أعلن لبيد عن التوصل إلى “اتفاق تاريخي”. وأعلن بأنه سيعقد جلسة للحكومة للمصادقة عليه اليوم، وردت عليه المعارضة بهجوم فوراً.
يبدو أن هذا الآن هو العائق الأساسي الذي يقف أمام الاتفاق: المعارضة السياسية والعقبات القانونية الداخلية في إسرائيل. الطرف اللبناني فعلياً التزم بالاتفاق بدون أي تحفظات إضافية. ستنقل الحكومة رسالة بهذه الروحية للولايات المتحدة ولبنان، نحن نلتزم بالاتفاق، ولكننا بحاجة إلى إجراءات قد تؤجل موعد المصادقة على الاتفاق حتى نهاية الشهر.
بلورة الاتفاق ستجدد النقاش في ثلاثة التماسات قدمت للمحكمة العليا في محاولة على الأقل لاستصدار أمر مؤقت ضد المصادقة عليه. طرحت الالتماسات ثلاثة ادعاءات رئيسية مرتبطة ببعضها، هناك حاجة إلى إجراء استفتاء شعبي للمصادقة على الاتفاق؛ والاتفاق بحاجة لمصادقة الكنيست؛ والحكومة الانتقالية التي على شفا الانتخابات غير مخولة باتخاذ قرارات مصيرية. ستدعي الحكومة رداً على ذلك بأن قانون الاستفتاء مخصص لقرارات تتعلق بالسيادة، مثل إعادة هضبة الجولان، وليس لقضايا مثل المياه الإقليمية. وكدليل على ذلك، علينا التذكر بأن اتفاق المياه الإقليمية الذي تم التوقيع عليه مع قبرص لم يتم طرحه للاستفتاء.
بخصوص الكنيست، تنص المادة 10 أ في نظام عمل الحكومة الحالية على أن المصادقة على ميثاق دولي مشروط بإيداع صيغة بالعبرية له في الكنيست مدة أسبوعين من أجل إبلاغ أعضاء الكنيست به. وتنص المادة 10هـ على أن الحكومة “مخولة بتقرير أنه وبسبب أهمية الميثاق سيتم تقديم الميثاق الدولي أيضاً للحصول على موافقة الكنيست”. يبدو أن لبيد غير متحمس لفحص وضعه في التصويت، ويفضل الاكتفاء بالإيداع فقط على خلفية المشكلات الداخلية. فعدد من أعضاء قائمة “يمينا” المرحومة يعارضون، ومن غير الواضح إذا كان سيتم الحصول على دعم أعضاء “القائمة المشتركة” بصورة تضمن الأغلبية للحكومة.
أما بشأن صلاحيات الحكومة الانتقالية فإن الدولة قد تحاول الاستناد إلى ادعاء الأمن. حولتا، وربما جهات أخرى في جهات الأمن، سيدعون أمام المحكمة العليا بأن الأمر يتعلق بفرصة حاسمة. إذا تم تأجيل النقاش إلى ما بعد الانتخابات في إسرائيل فسيتم تفويت فرصة التوقيع. لأن ولاية الرئيس اللبناني ستنتهي في نهاية الشهر، ومن غير الواضح متى ستستكمل إجراءات التعيين لوريثه، الذي يعد توقيعه شرطاً للمصادقة على الاتفاق.
بقلم: عاموس هرئيل