إصابة مسيحيين بإطـلاق نـيـران على كنيسة غرب الخرطوم
مع استمرار الحرب في السودان منذ نحو شهر، أظهر تقرير لفرانس برس أن الرواتب المرتفعة الناتجة عن أموال الذهب تجذب المرتزقة من دول مجاورة، فيما تشكل ليبيا “قاعدة خلفية” لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وبميدان القتال في السودان، لا يكتفي الجنرالان المتحاربان بالقوات التابعة لكل منهما، بل يتحلق حولهما مرتزقة وحراس خاصون ومقاتلون قبليون أو مدربون أجانب يجذبهم الربح الكبير والذهب.
ومنذ عقود، تشكل الاستعانة بالميليشيات في السودان نشاطا مربحا. فالخرطوم لجأت إليهم من قبل، إما لتوكل لهم قمع الأقليات الاثنية وحركات التمرد المسلحة، أو لإرسالهم للمشاركة في حروب في الخارج.
وقاتلت هذه الميلشيات بوقت من الأوقات في اليمن لصالح السعودية والإمارات، كما شاركت بالقتال في ليبيا لمعسكرات مختلفة، وحاربت في الساحل.
الآن وقد باتت الحرب على أرضها، تنشر قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمقاتلين في تشاد أو النيجر يعلنون دعمهم لها.
ويقول قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان العدو اللدود لدقلو، إن “مرتزقة جاؤوا من تشاد و(جمهورية) أفريقيا الوسطى والنيجر” يقاتلون مع قوات الدعم السريع. وأكد الجيش أخيرا أنه قتل “قناصا أجنبيا”.
والأمر نفسه أورده موفد الأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيرتس، فقد صرح أن “عدد المرتزقة الذين جاؤوا من مالي وتشاد والنيجر بدعم من قوات الدعم السريع لا يستهان به”.
وأكد شهود في الخرطوم لفرانس برس أنهم سمعوا مقاتلين من قوات الدعم السريع يتحدثون الفرنسية، وهي لغة لا يتحدث بها السودانيون، مما يشير الى أنهم قد قد يكونوا تشاديين.
مرتبات أفضل
وتدير عائلة حميدتي جزءا كبيرا من مناجم الذهب في السودان، ثالث أكبر منتج للمعدن الأصفر في أفريقيا، وبالتالي فهو “يستطيع أن يدفع رواتب لا يمكن لكثيرين في أفريقيا جنوب الصحراء مجاراته فيها”، كما قال لفرانس برس أندريا كريغ من “كينغز كولدج” في لندن.
وأضاف أن “تشاديين انضموا فعلا خلال السنوات الأخيرة إلى قوات الدعم السريع من أجل الرواتب”.
وتعتبر تشاد البلد المتاخم لإقليم دارفور بغرب السودان، امتدادا طبيعيا بالنسبة لحميدتي الذي ينتمي إلى قبيلة الزريقات في دارفور، حيث لا يكترث الكثير من الرعاة والمزارعين المهددين بالجفاف بالحدود الرسمية.
ومعظم قادة المجموعات المسلحة، بمن فيهم حميدتي لهم أصول تشادية، حسب ما أوردت “فرانس برس”، وعلى امتداد الأجيال جندوا رجالا ثم أبناءهم ومنحوهم جميعا “جوازات سفر سودانية وأراضي هجرها أصحابها من القبائل غير العربية الذين اضطروا للنزوح” بسبب الحرب في الإقليم، بحسب ما أكد منذ 2017 مركز أبحاث “سمول أرمز سيرفاي”.
وحسب تقرير الوكالة الفرنسية، يساند مرتزقة آخرون قوات الدعم السريع، وهم مقاتلو مجموعة فاغنر.
ومنذ أن لجأت أفريقيا الوسطى عام 2018 إلى هؤلاء المقاتلين الروس لقمع تمرد لديها، يقول دبلوماسيون غربيون إنهم كانوا يرون قوافل من المرتزقة الروس في مطار الخرطوم وفي فنادق العاصمة السودانية.
ويشكل السودان قاعدة خلفية، ولكن كذلك مصدر تمويل لفاغنر. فقد وقعت مناجم الذهب التابعة لعائلة حميدتي عقودا مع شركات تعمل كواجهات لرئيس فاغنر يفغيني بريغوجين، وفق وزارة الخزانة الأميركية.
وأكد الخبير الأميركي كاميرون هدسون لفرانس برس أن “مجموعة فاغنر لا تحارب اليوم في السودان ولكن لديها مستشارين فنيين”.
شركة عابرة للحدود
والقاعدة الخلفية لحميدتي تقع في واقع الأمر في ليبيا، وفقا لفرانس برس.
ويؤكد كريغ أن المناطق الخاضعة لسيطرة اللواء خليفة حفتر، الرجل القوي بشرق ليبيا، تشكل “ملتقى لتسليم الأسلحة إلى قوات الدعم السريع”.
ويتابع الخبير أن “دولة الإمارات أرسلت إلى حفتر في 2019 و2021 أطنانا من الأسلحة التي يمكن أن تمنح الآن لقوات الدعم السريع من دون أن يتم رصدها”.
وجاء أجانب آخرون إلى السودان وسط الفوضى التي عمت بسبب مغادرة الدبلوماسيين وموظفي الأمم المتحدة والأجانب الآخرين.
ويؤكد هدسون أن “شركات صغيرة خاصة عدة تضم بالأساس متقاعدين من القوات البريطانية الخاصة قاموا بإجلاء أشخاص (من السودان) مقابل مبالغ تتراوح أحيانا بين 20 و50 ألف دولار”.
ويقول ألكس دوفال الخبير في الشؤون السودانية، إن “المال والقتال قابلان للتبادل في السوق السياسية السودانية”. ويضيف في نشرة “لندن ريفيو أوف بوكس”، أن “حميدتي يتاجر في الاثنين”.
وهو يعتبر أن “قوات الدعم السريع باتت الآن شركة خاصة للمرتزقة عابرة للحدود”، و”شركة لاستخراج وبيع الذهب” و”الذراع المسلحة للإمبراطورية التجارية لحميدتي”.
المصدر: الحرة
Comments are closed.