مستشفيات لبنان تعاقب موظفي المصارف: الدفع وفق السوق السوداء للدولار

قرّرت مستشفيات لبنان اعتماد إجراءات تعاقب موظفي المصارف والبنك المركزي، تحت مبرر الرد على القيود المصرفية التي تطاول العاملين في المستشفيات.

يأتي ذلك وسط احتجاز إدارات المصارف، بقرار سياسي ونقدي، أموال غالبية اللبنانيين، في مقابل تحوّل المستشفيات الخاصة منذ عام 2019 إلى ملاذ للأثرياء فقط، بسبب الفواتير التي تفرضها على المرضى.

وأعلنت نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، في بيان اليوم الثلاثاء، أنه “اعتباراً من 1 إبريل/ نيسان المقبل سوف تضطر مكرهة إلى تكليف جميع موظفي المصارف ومصرف لبنان ومن هم على عاتقهم بتسديد فواتيرهم عند أي دخول للاستشفاء أو لخدمات خارجية وذلك نقداً بالدولار أو ما يوازيه بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف في السوق، مهما كانت الجهة الضامنة التي يستفيدون منها، مع مراعاة الحالات الحرجة التي يمكن أن تشكل خطراً على حياة المريض، وذلك رداً على ما تفرضه المصارف من قيود على موظفي المستشفيات تطاول أجورهم”.

ولفت البيان إلى أن “المستشفيات تعاني من صعوبات مالية ولا سيما لجهة تأمين الأموال النقدية وما يفرضه مستوردو الأدوية والمواد الطبية وسائر المشتريات غير الطبية، من محروقات ومأكولات وسواها عليها من دفع ثمنها نقداً بحجة السياسة النقدية التي تتبعها المصارف والتي بدورها تلقي باللائمة على تعاميم مصرف لبنان، علماً أن معظم مقبوضات المستشفيات تتم إما بواسطة الشيكات أو بواسطة حوالات مصرفية، أما الأموال النقدية التي تدخل إلى المستشفيات فلا تغطي سوى جزء بسيط جداً من حاجاتها النقدية”.

وتابع البيان “في ظل هذا الواقع اتخذت المصارف قراراً بعدم تسديد أجور موظفي المستشفيات الموطنة لديها وفرضت على المستشفيات تأمين الأموال النقدية اللازمة بأكملها أو بمعظمها كي تسدد هذه الأجور ضمن سقوف السحب التي يحددها كل مصرف”.

وشددت النقابة على اعتبار “الإجراء المتخذ من قبل المصارف مجحفاً وخطيراً لأنه يحرم موظفي المستشفيات من أجورهم وهو أمرٌ غير مقبول بتاتاً ولا يمكننا السكوت عنه في أي حال من الأحوال، لا سيما بعد اتخاذ مختلف المتاجر والسوبرماركت قرار بحصر قبول المدفوعات إما نقداً 100 في المائة أو خمسين في المائة نقداً على الأقل”.

خطوة النقابة تبعاً للمطلعين على الملف ليست قانونية أو حتى إنسانية فهي تصب في دائرة الفوضى التي ضربت القطاع الصحي، وتأتي بذريعة القيود المصرفية التي كذلك شكلت أكبر سرقة لجنى عمر اللبنانيين من دون أي رادع أو حسيب أو رقيب.

يقول رئيس الهيئة الوطنية الصحية “الصحة حق وكرامة” الدكتور والنائب السابق إسماعيل سكرية لـ”العربي الجديد” إنه “ما عاد بإمكاننا أن نسأل عن قانونية هذا الاجراء أم لا، فالسلسلة باتت مترابطة والتبريرات حاضرة كما رمي المسؤوليات”.

ويتابع: “من جهة يمكن للمستشفى أن تتذرع بإجراءات يتخذها التأمين والمشاكل مع الضمان الاجتماعي كذريعة لتصرفها، وكذلك لا يحق للمصارف أن تضع يدها على أموال المودعين، هي التي عند سؤالها تتحدث عن عدم قدرتها على الدعم، وهذا مردّه إلى فساد السياسيين ونهبهم للمال العام وهكذا دواليك”.

ويلفت سكرية إلى أن “المستشفيات الخاصة تماماً كشركات الأدوية وشركات المستلزمات الطبية اعتادت منذ سنين طويلة على الأرباح الطائلة وعندما حصلت الأزمة وانهارت الليرة اللبنانية تصرّفت بما يحفظ لها أرباحها، فرفعت أسعارها وعمّت الفوضى. وكل مستشفى بات يسعّر على ذوقه بلا رقيب أو حسيب، وهو حال الأدوية التي انقطعت من السوق نتيجة جشع الشركات والتجار”.

ويتوقف سكرية عند واقع القطاع الصحي والاستشفائي في لبنان وعدد الحالات الإنسانية التي ماتت على أبواب المستشفيات عدا عن ملف الأدوية المزورة وما إلى ذلك، مشيراً إلى اتفاق من التسعينيات بين وزارة الصحة والمستشفيات ينص على أن أي مريض يصل إلى باب الطوارئ على المستشفى تثبيت وضعه الصحي وإبعاد الخطر عنه، وهذا ما لم يحصل حتى قبل الأزمة الاقتصادية.

ويشدد سكرية على أن كل عمليات خرق القوانين ونفخ الفواتير والتزوير وجني الأرباح الطائلة البعيدة كلها من الإنسانية حصلت على أعين الجميع من مسؤولين وقادة أحزاب وحتى منظمات غير حكومية ولم تحصل أي ردة فعل والمسار مستمرّ للأسف.

وإلى جانب معاناة مرضى السرطان والشح الكبير في الأدوية، شهدت مستشفيات لبنان في الفترة الماضية الكثير من الإشكالات والحوادث الأمنية وصلت إلى حد الاعتداء على الأطقم الطبية ربطاً بارتفاع الفاتورة الاستشفائية، ورفض استقبال المرضى قبل الدفع، وعدم تقديم العناية اللازمة للمريض وغيرها من الأسباب، وهو ما دفع المستشفيات إلى تنظيم أكثر من تحرك احتجاجي وصل إلى حدّ إقفال اقسام الطوارئ.

العربي الجدبد- ريتا الجمّال

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.