أسعار الدولار: استنسابية أم قوة للمصرف المركزي؟


انشغل اللبنانيون بتراجع سعر الدولار بنسبة تصل الى 25 بالمئة خلال أيام قليلة، إذ جرى التداول به في السوق السوداء أمس بين 23 و24 ألف ليرة مقابل 33 ألفاً قبل أيام. حصل ذلك بعد تدخل المصرف المركزي وإصداره تعاميم جديدة، علماً بأن الجميع تصرّفوا أمس على أن قرار ثنائي أمل وحزب الله بالعودة الى الحكومة كان له انعكاسه على السعر في السوق السوداء.
ومع انخفاض سعر الدولار في السوق الحرّة، بات من الضروري النظر إلى الخطوات المستقبلية المرتقبة بشأن سعر الصرف. وبما أن أحد أهم أسباب العودة عن المقاطعة يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فإن المسألة الأساسية التي تُثار في هذا الإطار تتعلق بتوحيد سعر الصرف واتخاذ قرار بشأن إبقائه عائماً أو تثبيته. هذا الأمر يمكن أن يكون مدرجاً في الموازنة كسيناريو لانعكاسات قرار كهذا على الخزينة وعلى الاقتصاد، ويمكن أن يُبتّ في جلسات مجلس الوزراء بشكل جانبي، على أن يؤخذ في الاعتبار ضمن أرقام الموازنة.
ولا يتوقع من الحكومة أن تحدّد سياستها تجاه سعر الصرف الآن. لكن انخفاض السعر بهذه الحدّة ينعكس مباشرة على مجموعة أكلاف في الموازنة وخارجها أيضاً. فعلى سبيل المثال، يجب أن يظهر الانعكاس المباشر لسعر الصرف سريعاً في أسعار المحروقات من بنزين ومازوت، كما يفترض أن يظهر في مبيعات السوبرماركت وفي أسعار السلع والخدمات المسعّرة بالدولار. وهذا الأمر يتطلب أن يكون هناك نوع من الاستقرار في سعر الصرف لفترة زمنية تؤكد أن ما حصل في السوق ليس تقلّباً عابراً، بل يمكن البناء على هذه التطورات لإبقاء السعر في إطار هامش تحدّده خطّة واضحة للتعامل مع الخسائر وتوزيعها وإعادة إطلاق الاقتصاد مجدداً.
صحيح أن هناك شكوكاً كثيرة في شأن احتمال الوصول إلى نوع من الاستقرار في سعر الصرف الآن أو حتى في فترة زمنية قريبة تتضمن انطلاق المفاوضات مع الصندوق، لكن هذا لا يلغي حقيقة أنه كان بإمكان مصرف لبنان التدخّل سابقاً وإبقاء السعر ضمن هوامش معينة. لكن الحقيقة أن المصرف اشترى من السوق كميات كبيرة من الدولارات دفعت السعر إلى الارتفاع ليضخّ بعض هذه الكميات بطريقة دراماتيكية توقف ارتفاع السعر وتخفضه.
لكن ما هو السعر المستهدف؟ على أيّ رؤية تستند السياسة النقدية في هذا الخفض؟
ليست هناك إجابة واضحة حتى الآن، لكن المعطيات الأساسية تفيد بأن تدخل مصرف لبنان بائعاً للدولار الورقي في السوق وبواسطة المصارف ومنها للزبائن، سيخدم قوى السلطة في مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية وربما يكون مقدمة لضرائب جديدة في مشروع موازنة 2022.

الأخبار

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.