BBC

الصين ترد على “الاستبداد التجاري” لترامب برسوم جمركية بنسبة 84 في المئة

عاملون في مصنع للملابس
BBC
تؤثر التعرفة الجمركية الباهظة التي فرضها ترامب على الكثير من الشركات من بينها عملاق الأزياء شي إن

أعلنت وزارة المالية الصينية فرض رسوم جمركية بنسبة 84 في المئة على السلع المستوردة من الولايات المتحدة، رداً على الرسوم الجديدة التي فرضها البيت الأبيض.

وجاءت هذه الزيادة في الرسوم الجمركية، من 34 في المئة إلى 84، بالتزامن مع دخول الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على السلع الصينية بنسبة 104 في المئة، حيز التنفيذ.

وتقول بكين إن الرسوم الجديدة ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من يوم الخميس.

ودعت بكين العالم إلى التوحد ضد رسوم ترامب الجمركية، في الوقت الذي يعاني فيه مُصدّرو الصين من الرسوم الجديدة الباهظة.

وذكرت افتتاحية صحيفة “تشاينا ديلي” الحكومية أنّ “الوحدة العالمية قادرة على الانتصار على الاستبداد التجاري”، مشيرةً إلى تعاون بكين مع اليابان وكوريا الجنوبية واقتصادات آسيوية أخرى.

ودعا مقال منفصل الاتحاد الأوروبي إلى العمل معها “لدعم التجارة الحرة والتعددية”.

وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، الأربعاء بأنّ بكين “تعارض بشدة ولن تقبل أبداً مثل هذه الممارسات المهيمنة والمتنمرة”.

تأتي الرسوم الجمركية في وقت عصيب يمر به الاقتصاد الصيني المتباطئ، إذ لا يزال الاستهلاك المحلي ضعيفاً، ولا تزال الصادرات محركاً رئيسياً للنمو.

كما أن شمولية رسوم ترامب الجمركية دفعت الشركات الصينية إلى الإسراع في تعديل سلاسل التوريد الخاصة بها، حيث تأثرت معظم الدول، وتقول الشركات إنه من الصعب إيجاد مخرج من هذا الغموض.

وقال صاحب شركة صينية تُعنى بالخدمات اللوجستية العابرة للحدود للتجارة الإلكترونية، والشحن الجوي والبحري، إنّ الرسوم الجمركية ستُقلص “هوامش الربح الضئيلة أصلاً”.

وقال “تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة إلى زيادة التكاليف على شركات الشحن مثلنا، وكذلك على المصانع والشركات والبائعين. هذا يعني ببساطة أن الجميع سيقل دخله”.

وصرحت دان وانغ، من مجموعة أوراسيا الاستشارية، بأنّ أي تعرفة جمركية تزيد عن 35 في المئة ستقضي على جميع أرباح الشركات الصينية عند التصدير إلى الولايات المتحدة أو جنوب شرق آسيا.

وأضافت: “سيكون النمو أقل بكثير، حيث ساهمت الصادرات بنسبة 20 في المئة إلى 50 في المئة من النمو منذ جائحة كوفيد”.

ولم تعلن الحكومة الصينية عن إجراءات انتقامية، لكن أفادت تقارير أن بكين تدرس حظر أفلام هوليوود وتعليق التعاون في مجال الفنتانيل مع الولايات المتحدة، بحسب المدون الصيني ليو هونغ، كبير المحررين في وكالة أنباء شينخوا الحكومية.

ميناء صيني
Getty Images
تقول بعض الشركات إن التعرفة الجديدة تعد ضربة موجعة لهوامش أرباحها المحدودة بالفعل

لكنّ هذا لن يمثل دعماً لشركات مثل شركة فولينغ، وهي شركة تبيع أدوات مائدة غير قابلة لإعادة الاستخدام، لمطاعم الوجبات السريعة الأمريكية مثل ماكدونالدز ووينديز، وقالت إن التعرفات الإضافية ستؤثر بشكل كبير على أعمالها. وأشارت إلى أنً ما يقرب من ثلثي إيرادات الشركة في عام 2023 والنصف الأول من العام الماضي جاءت من الولايات المتحدة.

وللتخفيف من تأثير التعرفات الجمركية، بدأت شركة فولينج، التي يقع مقرها الرئيسي في مقاطعة تشجيانغ الصينية، مصنعاً جديداً في إندونيسيا أواخر العام الماضي.

لكنً التعرفات الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب أدت إلى مزيد من عدم اليقين بشأن الصادرات الصينية من إندونيسيا التي تخضع الآن لضريبة بنسبة 32 في المئة، حسبما قالت الشركة في بيان لها.

وتضررت إندونيسيا إلى جانب معظم دول العالم بإعلان ترامب عن التعرفات الجمركية الموسعة الأسبوع الماضي، التي قال إنها ستسمح للاقتصاد الأمريكي بالازدهار.

لكنّ الاقتصاديين حذروا من ركود أمريكي وعالمي. وهزت الرسوم الجمركية الأسواق العالمية، وأثارت انتقادات من كبار الرؤساء التنفيذيين، بمن فيهم حليف ترامب، إيلون ماسك.

وتشمل ضرائب الاستيراد التي فرضها ترامب تعرفة أساسية بنسبة 10 في المئة على جميع الواردات الأجنبية تقريباً إلى الولايات المتحدة، ورسوماً جمركية أعلى على ما يصفه بـ”أسوأ الدول المخالفة”. وتشمل هذه الدول كمبوديا (49 في المئة)، وفيتنام (46 في المئة)، وتايلاند (36 في المئة)، وهي اقتصادات نامية استفادت من قوة صادراتها.

وبعد أن أعلنت بكين عن رسوم جمركية مقابلة، رفع ترامب الرسوم على الواردات الصينية، مضاعفاً إياها إلى 104 في المئة.

وصرحّ مالك شركة الخدمات اللوجستية لبي بي سي بأنه يأمل أن تتمكن الصين من التفاوض على إلغاء بعض هذه الضرائب: “فقط عندما يُتخذ قرار نهائي، يمكننا التخطيط لخطواتنا التالية”.

وفي حين أن الصين أبقت الباب مفتوحاً للمحادثات، لم يتحدث ترامب مع الزعيم الصيني شي جين بينغ منذ عودته إلى البيت الأبيض. وقالت غرفة التجارة الأمريكية في الصين في مذكرة إلى شركاتها الأعضاء يوم الأربعاء إن مثل هذه التعريفات الجمركية الشاملة والواسعة النطاق ستسبب ضرراً أكثر من نفعها.

وورد في المذكرة التي وقّعها رئيس مجلس إدارة الغرفة ألفين ليو ورئيسها مايكل هارت: “هذا المستوى من الاضطراب غير مسبوق، ولا يزال من غير الواضح كيف ستفيد الإجراءات الحالية المستهلكين في أيٍّ من البلدين أو الاقتصاد الأوسع نطاقاً”.

ويعتقد بعض المحللين أن الرسوم ستجبر الصين على إعادة هيكلة اقتصادها والاعتماد بشكل كبير على الاستهلاك المحلي، الذي تكافح لتعزيزه.

وإذا لم يحدث ذلك، فلن تكون التعرفات الجمركية مستدامة للصين على المدى الطويل، وفقاً لتيم ووترر من شركة الوساطة كيه سي إم تريد.

وقال مدير شركة شحن صينية، طلب عدم الكشف عن هويته: “تهدف التعريفات الجمركية إلى قمع الصين”.

ترامب وشي
Getty Images

وأضاف أن العديد من دول جنوب شرق آسيا التي تأثرت بتعرفات جمركية باهظة هي “بالضبط حيث انتقلت العديد من الشركات الصينية”، مثل فيتنام وكمبوديا.

تخطط الشركة، ومقرها تيانجين، للتفاوض مع بعض عملائها الأمريكيين لتقاسم عبء الرسوم الجمركية. وقال: “كل حالة تختلف عن الأخرى، ولكن بشكل عام، كان التأثير كبيراً جداً”.

وقال وو تشانغتشون، وهو مدير شركة شحن أخرى، تعمل شركته بشكل رئيسي على طرق الشحن بين الصين وكمبوديا، إنه يشهد بالفعل انخفاضاً في حجم الشحن.

وأضاف أن العديد من مشاريع البناء في كمبوديا توقفت أيضاً بعد إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية.

وقال وو، المدير العام لشركة ماريتيما ماروبا: “لو كانت الرسوم الجمركية عند 10 في المئة أو 20 في المئة، لربما تمكنت الشركات من تحمل التكلفة من خلال تحسين سلاسل التوريد، وخفض الهوامش، وتقاسم العبء. لا يزال بإمكان التجارة أن تستمر… ولكن عند 104في المئة، لم يعد هذا أمراً يمكن حله بالمساومات”.

وأضاف: “هذا انفصال كامل. ستتوقف التجارة تماماً”.

 

** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى