كيف تعيش النساء الأفغانيات في ظل حكومة طالبان؟

الفتاة مهدية تمسك بصورة من رسمها

BBC News: Nava Jamshidi
الفتاة مهدية تمسك بصورة من رسمها

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس/آذار كل عام، ويحتفي به العالم السبت، أمضت بي بي سي ساعات في التحدث إلى عشرات النساء والفتيات في أفغانستان حول حياتهن، بعد قضاء السنوات الثلاث والنصف الماضية في ظل حكومة طالبان.

منذ عام 2021، أثرت القيود التي فرضتها طالبان على النساء والفتيات -والتي تشمل منع التعليم لمن تزيد أعمارهن عن 12 عاما، وكذلك القيود على الوظائف التي يمكنهن القيام بها وحتى الحدائق التي يمكنهن التنزه فيها – على كل جزء تقريبا من حياة النساء.

لم تستخدم العديد من النساء اللواتي تحدثنا إليهن أسماءهن الحقيقية، لأنهن يخشين الوقوع في مشاكل.

أفغانستان تغيرت فجأة

أناس يسيرون في ميدان عام في كابول

BBC News: Nava Jamshidi

استمعنا إلى زارينا، وهي طبيبة نفسية تعمل مع النساء والفتيات، لتخبرنا كيف تكيفت النساء مع حكم طالبان.

لقد تغيرت أفغانستان فجأة وبشكل كامل فور تولي طالبان السلطة، وهو ما كان صعبا على العديد من الناس، وخاصة النساء العاملات والطالبات في المدارس، ويختلف وضع كل امرأة حسب فهمها لمحيطها والأضرار التي لحقت بها فالأمر ليس نفسه بالنسبة للجميع.

انفصلت بعض النساء عن أحبائهن، وواجهت بعضهن صعوبات اقتصادية، وفقدت بعضهن وظائفهن، وحُرمت طالبات المدارس من التعليم.

ازداد عدد النساء والفتيات اللاتي يحتجن إلى المشورة النفسية بشكل كبير في السنوات الماضية.

وتقول آلاء، وهي فنانة تبلغ من العمر 28 عاماً ومساعدة طبيب أسنان: “الفتيات يتحملن العبء الثقيل المتمثل في الأسرة الكبيرة على أكتافهن، ويحملن ثقلاً هائلاً من الأحلام غير المحققة. إنهن محاصرات في عالم حيث تُغلق الأبواب بإحكام مع كل لحظة تمر”.

وتضيف: “بالنسبة لنا نحن النساء الأفغانيات، فإنه ومنذ لحظة ولادتنا، كان العالم يحزن علينا لمجرد أننا ولدنا إناثاً. وفي كل عصر ولحظة تاريخية، تعرضت النساء الأفغانيات لأفظع أشكال الظلم”.

وتؤكد: “أنا لا أدعو النساء إلى كشف رؤوسهن، أنا أسعى إلى حرية الروح والعقل والنفس”.

وتصف أرشيدا -21 عاماً – حالها عندما استولى طالبان على أفغانستان: “كنت في الصف الحادي عشر، تمكنت من إنهاء دراستي ولكنني الآن محاصرة في المنزل. ونظراً لعدم وجود طريق آخر لاستكشاف العالم، لجأت إلى الكتب للهروب من واقعي”.

وتقول: “أقضي أيامي في قراءة الروايات، وأغرق نفسي في عوالم خيالية لنسيان الواقع القاسي المحيط بي مؤقتاً، أعتقد أن النساء الأفغانيات يتواصلن بعمق مع الشخصيات في الروايات التي يقرأنها، حيث تشبه هذه الصراعات الخيالية غالباً المعارك التي يخُضنها في الحياة الواقعية”.

وتكمل: “بالنسبة لي، الكتب ليست مجرد ترفيه، بل هي وسيلة للبقاء في عالم أغلق أبوابه أمام أحلامي”.

قواعد “مقبولة” في المجتمع

وجهت بي بي سي أسئلة لطالبان، حول القيود التي فرضتها على حريات المرأة، وقالت طالبان سابقا إنها تحترم حقوق المرأة وفقا لتفسيرها للثقافة الأفغانية والشريعة الإسلامية.

وقالت حركة طالبان إن القواعد التي فرضتها منذ عام 2021 مقبولة في المجتمع الأفغاني، وإن المجتمع الدولي يجب أن يحترم “القوانين الإسلامية والتقاليد وقيم المجتمعات الإسلامية”.

وبرّرت بعض القيود التي فرضتها على النساء، مثل المرسوم الذي ينص على عدم سماع صوت المرأة خارج المنزل، بالقول إنه تم فرضه بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية.

ومع ذلك، فقد وعدت أيضاً مراراً وتكراراً بإعادة الفتيات المراهقات إلى المدرسة بمجرد حل عدد من القضايا، بما في ذلك ضمان أن يكون المنهج “إسلامياً”، وهو ما لم يحدث بعد.

فتاتان من أفغانستان

BBC News: Nava Jamshidi
فتاتان صغيرتان تنظران نحو قريتهما في منطقة صحراوية في أفغانستان

“تحطمت فجأة كل الأحلام”

أمّا موسكا – 19 عامًا – فتقول إنه “مع وصول طالبان، لم أتمكن من مواصلة تعليمي وحرمت من التعلم، وتم حظر برامج الرياضة والخياطة التي كنت مهتمة بها”.

وتضيف: “تحطمت فجأة كل الأحلام التي كانت لدي للنجاح وبمستقبل مشرق بسبب الظروف السياسية والاجتماعية، وأحلم الآن بأن أتمكن يوماً ما من استئناف تعليمي والتقدم في الحياة والمساهمة في إعادة بناء بلدي”.

وفي حين لم تتمكن النساء من الحصول على رخص القيادة منذ عودة طالبان إلى السلطة، إلّا أنّ بعض النساء في كابول والمدن الكبرى الأخرى ما زلن يقدن السيارات. منهنّ نرجس، التي تعمل في منظمة غير حكومية، حيث تمكنت من تجديد رخصتها بعد جهود حثيثة.

وتقول: “عندما ذهبت لتجديد رخصتي، لم يُسمح لي بدخول مبنى هيئة المرور بدون ولي أمر ذكر، وبعد إلحاح شديد، تمكنت من الدخول”، مضيفة: “لسوء الحظ، على مدار العامين الماضيين، تم إيقافي عدة مرات. فحصوا مستنداتي وسيارتي، ثم سألوني: بأي حق تقودين؟، لقد هددوني قائلين إنهم يملكون السلطة لأخذي إلى مركز الشرطة، ولكن لأنني امرأة، فإنهم سيسمحون لي بالخروج من باب الرحمة”.

وتكمل نرجس: “لقد مررت بتجربة أسوأ ذات مرة عندما أخذوني إلى مركز الشرطة واحتجزوني هناك لساعات حتى وصل زوجي”.

وفي ذات الشأن، أكد رئيس المرور في طالبان أنه لم يتم إصدار أي تراخيص للنساء منذ ثلاث سنوات، مشيراً إلى أن أي تغييرات في السياسة يجب أن تأتي من القيادة العليا.

القيود التي فرضتها طالبان على النساء طالت شاشات التلفزيون

رسمت مهدية صورة لمذيعة تلفزيونية، بعد أن أمرت وزارة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التابعة لطالبان المذيعات بتغطية وجوههن.

لكن هذه القاعدة ليست سوى واحدة من القواعد التي فرضتها حكومة طالبان.

العام الماضي، فرضت طالبان حظراً على بث صور الكائنات الحية على القنوات التلفزيونية – ما يعني أن أي شيء من البشر إلى الحيوانات لا يمكن أن يظهر على الشاشات حياً.

كان الحظر ينطبق في البداية على سبع من محافظات أفغانستان، البالغ عددها 34 محافظة.

لكن اليوم، أصبح فرع التلفزيون الوطني في ولاية “فراه” أحدث فرع يعلق البث بعد هذا التقييد، حسبما أفاد مركز الصحفيين الأفغان في بيان.

بعيدا عن العلن، قادة طالبان منقسمون بشأن حقوق المرأة

فتيات من أفغانستان

BBC
حرمت الفتيات اللائي تزيد أعمارهن عن 12 عاما من التعليم

تقول يوغيتا ليماي وهي مراسلة بي بي سي في جنوب آسيا وأفغانستان إنه خلال الوقت الذي قضته على الأرض في أفغانستان، لتغطية تداعيات القيود المتزايدة التي فرضت على النساء، أصبح من الواضح أن هناك انقسامات خطيرة داخل حكومة طالبان، بشأن قضية تعليم النساء.

في يناير/كانون الثاني الماضي، قال نائب وزير خارجية طالبان، شير محمد عباس ستانيكزاي، إنه “لا يوجد سبب لحرمان النساء والفتيات من التعليم”، وإنه “كما لم يكن هناك مبرر لذلك في الماضي، لا ينبغي أن يكون هناك مبرر على الإطلاق”.

إن هذا التعليق نادر الحدوث، ولكن عدة مرات خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية، أخبرنا بعض قادة طالبان -في السر- أنهم يعتقدون أيضا أنه يجب السماح للنساء والفتيات بالدراسة، وأنهم يحاولون حل هذه القضية.

في بعض المقاطعات، رأينا حتى مسؤولين محليين في حكومة طالبان يسهلون التدريب الطبي للطالبات.

وقد أخبرتنا مصادر أن قضية تعليم المرأة طُرحت أمام القائد الأعلى لطالبان، هبة الله أخوندزاده، في اجتماعات مع علماء الدين وشيوخ القبائل. ولا تستطيع بي بي سي التحقق من ذلك بشكل مستقل.

لكن الزعيم الأعلى ظل متمسكا بموقفه، واستمر في فرض قيود صارمة على النساء.

Powered by WPeMatico

** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.