“كل امرأة لديها خوف” – لماذا تستمر المخاطر التي تواجه الرياضيات؟

كان اختباء لاعبة كرة المضرب البريطانية إيما رادوكانو خلف كرسي الحَكم، بعد أن لاحظت رجلاً “أظهر سلوكاً غريباً”، مشهداً مؤلماً.
ومثّل ذلك تذكيراً صارخاً بالمخاطر التي تواجهها الرياضيات بشكل منتظم.
وألقت الشرطة القبض على الرجل عقب الحادث الذي وقع في بطولة دبي لكرة المضرب الثلاثاء في 18 فبراير/شباط، وأصدرت أمراً تقييدياً بحقه.
وقالت بطلة ويمبلدون السابقة ماريون بارتولي لإذاعة بي بي سي 5 لايف: “عندما تعلم أن الأمر يصل إلى هذا الحد، وأن تشعر أن شخصاً مهووساً بك لدرجة أنه سيجد طريقة للدخول إلى ملعبك، فهذا أمر مرهق للغاية”.
تسلط “بي بي سي سبورت” الضوء على الأسباب التي تجعل الرياضيات يشعرن بالخوف باستمرار، والتدابير الأمنية المتبعة لحمايتهن، وما الذي يمكن فعله لضمان شعورهن بالأمان.
“الخطر الإضافي” الذي تواجهه الرياضيات
تتعرض واحدة من كل خمس نساء تقريباً للمطاردة في حياتها، وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني في المملكة المتحدة.
يشار إلى أنه في حال كانت المرأة شخصية عامة معروفة فإن ذلك يزيد من التعرض لها، كما تعرضت عدد من لاعبات كرة المضرب لسلوكيات ضارة في السنوات الأخيرة.
وكانت رادوكانو، البالغة من العمر 22 عاماً، ضحية أيضاً لرجل طاردها، وحصل لاحقاً على أمر تقييدي لمدة خمس سنوات في عام 2022، بعد أن سار مسافة 23 ميلاً إلى منزلها.
ووصفت لاعبة كرة المضرب البريطانية كاتي بولتر العام الماضي لصحيفة الغارديان البريطانية، كيفية تعرضها للملاحقة من قبل أشخاص في سيارة وعلى الأقدام، وسلطت اللاعبتان الأمريكيتان دانييل كولينز وسلون ستيفنز الضوء على مضايقات واجهتهما.
وفي الشهر الماضي، وُجّهت اتهامات لرجل بمطاردة لاعبة كرة السلة الأمريكية كيتلين كلارك، وتحدثت العداءة غابريال توماس ولاعبة الرغبي إيلونا ماهر مؤخراً عن مخاوفهما.
وتذكرت بارتولي تجربة مروعة مماثلة خلال مباراة في نادي عموم إنجلترا في عام 2007.
ووصفت بارتولي كيف لاحقها رجل طوال موسم الملاعب العشبية في بريطانيا [بطولات تنس تقام على ملاعب عشبية]، إذ ظهر في بطولتي برمنغهام وإيستبورن، قبل أن يتظاهر بأنه أحد أفراد طاقم العمل في بطولة ويمبلدون ليقترب منها.
وأضافت “وجد طريقة لشراء نفس المعدات ودخول ملاعب التنس حيث أكون”.
وتقول بارتولي: “تعرفت عليه خلال مباراتي في الدور الأول ضد فلافيا بينيتا وأشرت عليه على الفور”. و”قلت إنه لم يكن من العاملين في الموقع بل كان شخصاً يطاردني منذ ثلاثة أسابيع”.
وقالت ستيفاني هيلبورن، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “المرأة في الرياضة” لـ”بي بي سي سبورت”، إن “كل امرأة لديها مستوى معين من الخوف”.
وتابعت: “صحيح أن هذا الأمر لا يقتصر على النساء المعروفات أو المشهورات، لكن كلما كنت أكثر ظهوراً، كلما كان الخطر أكبر”، لافتة إلى أنه “في عالم الرياضة، نجد أن جسد الرياضية يكون معرضاً بشكل كبير للعيان، مما يزيد من المخاطر التي قد تواجهها”.
ماذا حدث لرادوكانو في دبي؟

اقترب رجل من رادوكانو بالقرب من موقع بطولة دبي الإثنين 17 فبراير/شباط، وهو يوم بين مباراتي الدور الأول والثاني.
وحصلت بطلة بطولة الولايات المتحدة المفتوحة لعام 2021 على خطاب من الرجل.
وقالت مصادر في دبي لـ”بي بي سي سبورت” إنه تضمن اسمه ورقم هاتفه. وفتحت رادوكانو الخطاب لاحقاً في فندقها.
وبعد أن أبلغت رادوكانو رابطة محترفات كرة المضرب بالحادثة، حدث إخطار لفرق الأمن الخاصة بالبطولة بعد ظهر الثلاثاء.
ومع ذلك، تمكن الرجل من دخول الملعب الصغير حيث لعبت رادوكانو ضد كارولينا موتشوفا في وقت لاحق من ذلك المساء.
ورصدته رادوكانو في الصفوف الأمامية من المدرجات، وبعد أن أصبح منزعجاً بشكل واضح عندما أخبرت الحكم بما حدث، أخرجه أفراد الأمن.
وتمكنت رادوكانو من استعادة رباطة جأشها واستأنفت المباراة، التي خسرتها بنتيجة 7-6 (8-6) 6-4.
وقالت بعد مغادرتها دبي، الثلاثاء، إنها “بخير” بعد “الظروف الصعبة التي مرت بها”.
وتعتقد مهيري ماكلينان، وهي عداءة المسافات الطويلة البريطانية والمؤسسة المشاركة لمنظمة (Kyniska Advocacy) التي تدعم النساء وضحايا الاعتداء في الرياضة، أن اللاعبين في موقف رادوكانو يجب أن يغادروا الملعب لإجراء تقييم لحالتهم النفسية أو العاطفية.
وقال ماكلينان لإذاعة بي بي سي 5 لايف: “من خلال تجربتي الخاصة، فإن التأثير النفسي والعاطفي لشيء شبيه يحدث أثناء المنافسة يمكن أن يخرجك عن مسارك تماماً”.
“ما كنت أود أن أراه في هذه الحالة، وفي حالات أخرى حين يكون الرياضي مهتزاً بشكل واضح، هو إيقاف المنافسة مؤقتاً حين يمكن ذلك”، تضيف ماكلينان.
وتقول أيضاً “في مباراة كرة المضرب، تأكد من أنها قادرة على المضي … لا أقول إن النتيجة كانت لتكون مختلفة لو تمكنت من العودة لاحقاً، لكن الأمر يتعلق بتقديم خيار لها”.
كيف لم تنجح الإجراءات الأمنية الإضافية في وقف الحادث “المثير للقلق بشدة”؟
تتحدث رابطة لاعبات كرة المضرب المحترفات (WTA) عن مرافقة ضابط أمن واحد على الأقل للاعبات من وإلى ملعب المباراة، وتوفير تعزيزات أمنية إذا كان اللاعب تعرض لتهديد موثوق.
وتقول رابطة محترفات كرة المضرب التي تمتلك ذراعاً أمنياً بدوام كامل، إن حماية إضافية حصلت عليها رادوكانو بعد المخاوف المتزايدة.
وأشارت مصادر في البطولة إلى بذل “جهود” لتحديد هوية الرجل قبل مباراة رادوكانو. ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات حول كيفية السماح له بدخول الملعب.
تعتقد هيلبورن أن “هذا أمر مقلق للغاية”، فالرجل تمكن من الاقتراب من رادوكانو.
وقالت “لست متأكدة مما حدث للأمن في هذه الحالة، لكن إذا كان أحد الرياضيين أبلغ عن شخص ما، يجب ألا تكون هناك أي فرصة على الإطلاق أن يظهر هذا الشخص في نفس الظروف”.
وأضافت “كان من المفترض أن يكون هناك فهم جدي للوضع. المرأة أبلغت عن شخص بسبب تصرفاته، مما يعني أنه يجب ألا يكون هناك أي احتمال لمروره عبر الأمن”.
مخاطر “إظهار الرياضيات غير المقصود بشكل مفرط”
“تقول رابطة لاعبات كرة المضرب المحترفات (WTA) إن رفاهية وسلامة اللاعبين هي أولوية قصوى، مضيفة أن حماية اللاعبين هي “مجال نظل يقظين فيه دائماً”.
وتشير الهيئة المنظمة إلى “الالتزامات الكبيرة” التي قامت بها في مجال التعليم والتدريب، بالإضافة إلى زيادة عدد الموظفين والموارد في مجال الحماية.
وقالت الرابطة: “نهجنا يعترف بأن الحماية الفعالة، متعددة الأبعاد وأقوى عندما يكون كل من يشارك في اللعبة ملتزماً ومحاسباً بنفس المعايير”.
لكن إن أحد المخاوف الرئيسية لكل من (النساء في الرياضة) و(Kyniska Advocacy) هو التأثير الناجم عن استخدام الرياضيات النخبة، كأدوات تسويق لدفع نمو الرياضة النسائية.
وقالت هيلبورن: “نحتاج إلى التوقف عن الإظهار المفرط غير المقصود للرياضيات النخبة.
وأضافت أن “ما يثير القلق هو مدى الضغط الذي يتعرضن له لكشف حياتهن الشخصية عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومن المتوقع أن يضعن أنفسهن في خطر أكبر من أجل تحقيق دخل أكبر للرياضة.”
وتابعت: “نحتاج إلى بيع مهارات اللعبة ومخاطرها، بدلاً من بيع حياة الأفراد”.

تعتقد منظمة “النساء في الرياضة” أن السياسات المناهضة للعداء ضد النساء، التي قُدمت كشرط للحصول على تمويل للرياضات، يجب أن تكون إلزامية أيضاً.
وطالبت المنظمة بإغلاق حسابات منصات التواصل الاجتماعي التي تنشر رسائل معادية للنساء، وأعادت التأكيد على دعوتها لإنشاء جهة رياضية مستقلة للتعامل مع تقارير العداء ضد النساء.
كما ترغب هيلبورن في أن “يقف الرجال مع النساء لمعالجة النظام”.
“عندما تحصل على لاعبة كرة مضرب رائعة مثل إيما وترغب في الاحتفال بها، فإنك لا تريد التعامل مع هذه الجوانب السلبية – بل تريد الاحتفال بأدائها وقصة هذه الرياضة”، تقول هيلبورن.
وتضيف: “لكن عندما يحدث هذا، فإننا نتذكر أنه لم يكن هناك ما يكفي من العمل. إنه أمر غير مقبول”.
- أقوى النساء في الرياضة
- التحيز الجنسي ضد المرأة في الرياضة وعواقبه
- بي بي سي إكسترا: هل تكون الرياضات القتالية حلا للنساء ضد العنف؟
Powered by WPeMatico
Comments are closed.