كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة ذوي الإعاقة وتردي حياتهم؟
أحيت الأمم المتحدة الثلاثاء 3 كانون الأول/ ديسمبر، اليوم العالمي لذوي الإعاقة، تحت شعار ” تعزيز قيادة الأشخاص ذوي الإعاقة لمستقبل شامل ومستدام”، ويلخص الشعار سعي المنظمة الدولية، إلى تمكين ذوي الإعاقة من الإضطلاع بأدوار أكبر، في خطط تتجاوز السعي لحقوقهم كمجموعة، إلى تصديهم لتحقيق التنمية الشاملة لكل المجتمع.
وتقول الأمم المتحدة، على موقعها على الإنترنت، في ذكرى اليوم العالمي لذوي الإعاقة ” تجسدت قيادة الأشخاص ذوي الإعاقة في شعار حركة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة العالمية “لا شيء عنا بدوننا”. ويرمز الشعار إلى المتطلبات الأساسية للمشاركة والتمثيل والإدماج ويدعو الأشخاص ذوي الإعاقة إلى تشكيل ظروف حياتهم بشكل نشط”.
ووفقا لتقديرات المنظمة الأممية، فإن هناك أكثر من مليار شخص، أو ما يقرب من 15 في المائة من عدد سكان العالم، الذي يُقدر بـ 8 مليارات نسمة، يعيشون مع شكل من أشكال الإعاقة، تتواجد نسبة 80 في المائة منهم في البلدان النامية.
وفي المنطقة العربية، زادت الحروب المشتعلة في عدة نقاط، من أعداد المعاقين بصورة كبيرة، وأدت إلى تردي الظروف التي يعيشونها، والتي لم تكن في وضع أفضل قبل هذه الحروب، ففي عدة مناطق، من غزة إلى اليمن إلى السودان أدت الحروب إلى الآلاف من حالات الإعاقة.
ووفقا للاحصاءات، فإن معظم الاعاقات التي سببتها الحروب في المنطقة، هي إعاقات حركية بفعل الإصابات التي لحقت بالضحايا، خلال النزاعات والتي أدت إلى بتر طرف أو أكثر لهؤلاء الضحايا، وأدت بذلك إلى تغيير كامل في نمط حياتهم، في وقت تغيب فيه عمليات التأهيل الضرورية لهؤلاء، لإعادتهم إلى حياة أقرب إلى حياتهم الطبيعية.
وبجانب ما أحدثته تلك النزاعات المشتعلة، في أرجاء المنطقة العربية، من حالات إعاقة جديدة، فإنها أدت إلى تدهور في مستوى حياة المعاقين بالفعل، إذ تشير الدراسات، إلى أن التأثير السلبي للنزاعات، لا يصيب جميع المدنيين على قدم المساواة، بل على العكس، تلحق الحروب ضرراً أكبر بالفئات المهمشة، مما يفاقم من أوجه عدم المساواة ونقاط الضعف القائمة داخل المجتمع.
غزة
كتب فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ، على منصة إكس الثلاثاء 3 كانون الأول/ ديسمبر تحت عنوان “غزة.. جائحة الإعاقة” أن هناك ثمة جائحة إعاقات في غزة.
وقال لازاريني في ذكرى اليوم العالمي لذوي الإعاقة “غزة تضم الآن أعلى معدل في العالم من مبتوري الأطراف من الأطفال نسبة لعدد السكان، الكثير منهم فقدوا أطرافهم وخضعوا لعمليات جراحية دون تخدير”. وأضاف المسؤول الأممي إنه “خلال هذه الحرب، عانى الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة بصمت، وقصصهم نادرًا ما تُروى”.
وكانت كبيرة منسقي الأمم المتحدة، للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار، سيغريد كاغ قد قالت في 17 أيلول/سبتمبر الماضي، إن “أكثر من 22 ألف شخص في غزة يعانون من إصابات غيّرت حياتهم، إضافة إلى إصابات خطيرة في الأطراف تتراوح بين 13 ألفا و17 ألفا”.
وفي حزيران يونيو الماضي، نبه قطاع تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في بيان له، إلى مقتل المئات من الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة، وإصابة الآلاف منهم بجروح، بفعل الحرب الدائرة هناك مشيرا إلى إصابة 10 آلاف مواطن آخرين، بإعاقات مختلفة جراء الهجمات الإسرائيلية، إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة وتعرضهم لظروف النزوح الصعبة.
وأشار قطاع التأهيل إلى “الارتفاع الكبير في عدد الإعاقات، التي سببتها الحرب، الذي يقارب 10 آلاف حالة إعاقة نصفها من الأطفال، في وقت يمنع فيه الاحتلال دخول الأدوات المساعدة والمستلزمات الطبية، ويمنع سفرهم للعلاج في الخارج، في ظل تدمير البنية التحتية الصحية، وتدمير معظم المرافق الصحية والمستشفيات ومراكز التأهيل، وهو ما من شأنه أن يعرض حياتهم للخطر”.
اليمن
تقدر الأمم المتحدة، أن هناك 4.9 ملايين شخص، من ذوي الإعاقة في اليمن، بينما تشير إحصاءات يمنية، إلى أن نسبة ذوي الإعاقة في اليمن، ارتفعت بفعل الحرب التي تشهدها البلاد بنسبة 15% من إجمالي عدد السكان. ووفقا للأمم المتحدة، فإن تلك الحرب خلفت، الملايين من النازحين والجرحى والمصابين بصدمات نفسية، ومن بين السكان المتضررين، أشخاص من ذوي الإعاقة، بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية أو عقلية.
وتشير تقارير المنظمة الأممية إلى أن ذوي الإعاقة في اليمن والذين يبلغ عددهم 4.9 ملايين شخص، يواجهون ظروفا معيشية متردية منذ نشوب الحرب في البلاد عام 2015 ، ويرى أحد هذه التقارير إن نسبة 89% من الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن، يشعرون بعدم الاحترام من قبل مجتمعاتهم، وأنهم لاتتوافر لهم الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
وقد أدت الألغام الأرضية، التي زُرعت في العديد من مناطق الصراع في اليمن، إلى زيادة كبيرة، في عدد ذوي الإعاقة، والذين تعرضوا إلى عمليات بتر في الأطراف .
وتشير منظمة (أنقذوا الأطفال) في عدة بيانات لها، إلى أن الفترة بين عامي 2018 و2022، شهدت ارتفاعاً مُخيفًا في عدد الأطفال، الذين كانوا ضحايا الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، من طفل واحد كل خمسة أيام، إلى طفل واحد كل يومين. وأضافت البيانات أن الأطفال هم الأكثر عرضة لخطر هذه الألغام والذخائر مقارنة بالبالغين، إذ يشكلون أكثر من نصف الضحايا في اليمن.
السودان
تشير عدة تقارير إلى أن الحرب المتواصلة في السودان، أدت إلى زيادة كبيرة في أعداد ذوي الإعاقة،إذ ما زالت عمليات البتر المستمرة، تحصد أعضاء المصابين بمعدلات كبيرة داخل أروقة المستشفيات القليلة العاملة حتى الآن.
ووفقا لتلك التقارير، فإنه ومنذ الأسابيع الأولى للحرب الدائرة في السودان، تعرضت مؤسسات الرعاية الخاصة بذوي الإعاقة في البلاد، سواء الرسمية أو الأهلية منها إلى التدمير، مما جعل ذوي الإعاقة عالقين في صراع لا ينتهي، وغير قادرين على النجاة بأنفسهم، بينما يُحرمون من كافة الخدمات من رعاية وعلاج ودواء.
ووفقا لناشطين يعملون في مجال دعم المعاقين في السودان، فإن مأساة المعاقين هناك تبدو مزدوجة، إذ بجانب تعرضهم لبتر أطرافهم بفعل الحرب الدائرة، فإنهم واجهوا معاناة إنسانية لا توصف، خلال رحلات نزوحهم الطويلة من المناطق التي تشتعل فيها الحرب إلى مناطق أكثر أمنا بالبلاد.
وبالإضافة إلى كل تلك المعاناة، فإن هؤلاء النازحين من ذوي الإعاقة وفقا للناشطين، يعانون معاناة أخرى في مخيمات النزوح الجديدة، من النقص في دور الإيواء، وانعدام الكساء والدواء، فضلا عن صعوبة الحصول على الخدمات الصحية، والعلاج ومياة الشرب بما يتماشى مع ظروفهم وحاجاتهم.
ولا تتوافر في السودان إحصاءات حديثة، عن عدد ذوي الإعاقة في البلاد، لكن آخر تعداد سكاني أجري في عام 2008 ، يشير إلى أن عددهم يصل إلى 4.1 مليون شخص، يمثلون 4.6 في المئة من مجموع السودانيين، بينما تؤكد دراسات حديثة، أن ذوي الإعاقة السمعية في البلاد، يمثلون أكثر من 35 في المئة من جملة ذوي الإعاقات الأخرى، أي نحو 470 ألفاً، بحسب اتحاد الصُم السوداني.
وينبه مختصون سودانيون، إلى أن ذوي الإعاقات السمعية، كانوا من أكثر ضحايا الحرب الدائرة، إذ أنهم غير قادرين على سماع أصوات القصف، وإطلاق النيران ومن ثم لا تكون لديهم فرصة للهرب ويموتون في صمت داخل الأماكن التي يقيمون بها.
- كيف أدت الحروب المشتعلة في المنطقة العربية إلى زيادة عدد ذوي الإعاقة بها؟
- وكيف ساهمت على الجانب الآخر في تردي أحوال المعاقين بالفعل؟
- هل تخلى الجميع عن المعاقين بفعل الحروب في مناطق النزاع العربية؟
- هل تلمسون أية مبادرات رسمية أو أهلية للتخفيف من معاناة المعاقين في بلدانكم؟
- ماهو دور المنظمات الدولية في معالجة أزمات ذوي الإعاقة خاصة في الدول النامية؟
- وهل يمكن للأمم المتحدة أن تبادر بإجراءات عملية للتخفيف عن ذووي الإعاقة بفعل النزاعات والحروب؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 4 كانون الأول/ ديسمبر
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
Powered by WPeMatico
Comments are closed.