المعارضة السورية المسلحة “تسيطر على نحو 14 بلدة جديدة” في ريف حماة وسط البلاد

الحرب في سوريا

AFP

أعلنت المعارضة السورية المسلحة أنها سيطرت على نحو 14 قرية وبلدة جديدة، بعد أن وسعت عملياتها ضد قوات الجيش النظامي السوري في مناطق بريف حماة وسط البلاد.

جاء ذلك في بيان لإدارة العمليات العسكرية، وهي غرفة قيادة هجوم “ردع العدوان” الذي تشنه المعارضة السورية ضد القوات النظامية في أنحاء متفرقة من البلاد.

وأعلنت إدارة العمليات العسكرية، عبر قناتها على منصة تليغرام الثلاثاء، إنها أوقعت أكثر من 50 قتيلاً من قوات النظام السوري خلال عملياتها العسكرية الليلية في ريف حماة، وسيطرت قواتها على قرى وبلدات من بينها: صوران، طيبة الإمام، حلفايا، معردس، الرهجان، ومعرشحور.

وقال المقدم حسن عبد الغني من إدارة العمليات: “تتابع قواتنا تقدمها على عدة محاور على تخوم مدينة حماة وسط سوريا، مع انهيارات كبيرة ومتتالية في صفوف قوات النظام المجرم”.

“معارك عنيفة”

في غضون ذلك، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن وحدات الجيش تعمل على “تدعيم الخطوط الدفاعية والإسناد” على المحور الشمالي بريف حماة، تمهيداً لبدء الهجوم المضاد ضد التنظيمات المسلحة في تلك المنطقة.

من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن جماعة هيئة تحرير الشام وحلفائها يواجهون مقاومة أقوى بكثير في ريف حماة الشمالي، مقارنة بما واجهوه في مدينة حلب ومحيطها يومي الجمعة والسبت الماضيين.

وأفاد المرصد السوري بوقوع أعنف المعارك مع القوات الحكومية حتى الآن، مع دخول هجوم المعارضة يومه السابع.

وقال المرصد إن “القوات الجوية السورية والروسية نفذت عشرات الضربات على المنطقة”.

معارك في دير الزور

وكانت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) قد قالت، في وقت سابق من الثلاثاء، إن الجيش النظامي السوري والقوات الحليفة له تصدت لهجوم، شنته قوات تابعة لتحالف قوات سوريا الديمقراطية، على قرى في ريف دير الزور الشمالي.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الاشتباكات مستمرة بين القوات الحكومية و”قسد” في شرق دير الزور، مشيراً إلى أن قوات “قسد” تضغط بقوة لإخراج القوات الحكومية من نحو سبع قرى في محيط دير الزور.

وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي تحالف بقيادة الأكراد في شمال وشرق سوريا، والذي عمل مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وبقيادة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) والتي تضم مقاتلين عرباً، تسيطر (قسد) على نحو ربع سوريا، بما يشمل حقول النفط والمناطق التي ينتشر فيها نحو 900 جندي أمريكي.

ونقلت وكالة (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن الطيران الحربي السوري الروسي المشترك يوجه ضربات جوية وصاروخية مركزة على ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، ما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى وتدمير “آلياتهم وأسلحتهم” بحسب الوكالة السورية.

أما في حلب، ثاني أكبر المدن السورية، فقد أصبحت للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في العام 2011، خارج سيطرة الحكومة السورية، في ظل سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها على كل الأحياء التي كانت تنتشر فيها قوات النظام.

ورداً على ذلك، نفذ الطيران الحربي السوري والروسي عمليات قصف على مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة، في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا وفي حلب المجاورة، ما أسفر عن مقتل 15 مدنيا بينهم أطفال، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

“دعم حكومة دمشق”

وفي دولة العراق المجاورة، دعت جماعة كتائب حزب الله العراقية المسلحة المتحالفة مع إيران حكومة بغداد إلى إرسال قوات إلى سوريا، لدعم حكومة دمشق ضد هجوم المتمردين.

ووجهت كتائب حزب الله هذا النداء في بيان مشترك على قنوات تليغرام الموالية لإيران، في وقت متأخر من يوم الاثنين، كما نشرت مقتطفات منه على موقعها الرسمي.

وتشعر الدوائر السياسية والأمنية في العراق المجاور بالقلق الشديد، بعد استيلاء فصائل معارضة سورية مسلحة على مدينة حلب.

وقال متحدث باسم كتائب حزب الله، وهي جزء مما يعرف بـ”محور المقاومة” المدعوم من إيران، إن المجموعة لم تقرر بعد نشر مقاتليها في سوريا، لكنه حث بغداد على التحرك.

يذكر أن النزاع في سوريا له بعد طائفي، حيث يتلقى نظام بشار الأسد الدعم من إيران وحزب الله اللبناني وبعض الفصائل العراقية المسلحة، لانتمائهم جميعاً إلى المذهب الشيعي، فيما تنتمي الفصائل المسلحة المعارِضة لنظام الأسد إلى المذهب السُني، ويتلقى بعضها دعماً من تركيا.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، بنشر نحو 200 مقاتل عراقي موالٍ لإيران في منطقة حلب السورية لدعم القوات الحكومية.

وكان العراق قد أعلن، يوم الاثنين، أنه أرسل مركبات مدرعة لتعزيز الأمن على طول حدوده التي يبلغ طولها نحو 600 كيلومتر مع سوريا.

واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم

الحرب في سوريا

Getty Images
أدى تصاعد القتال في سوريا مؤخرا لموجة نزوح جديدة

من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن “قلقه” إزاء تصاعد العنف في شمال سوريا، داعياً إلى وقف فوري للقتال، بحسب ما أعلن الناطق باسمه ستيفان دوجاريك في وقت متأخر من مساء الإثنين.

وقال دوجاريك في بيان: “على جميع الأطراف بذل ما في وسعها لحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، خصوصاً من خلال السماح بمرور آمن للمدنيين الذين يفرون من الأعمال العدائية”.

وأضاف أن “السوريين يعانون هذا الصراع منذ نحو 14 عاما، وأنهم يستحقون أفقاً سياسياً يقودهم إلى مستقبل سلمي، لا إلى المزيد من إراقة الدماء”.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في بيان، أنه “حتى يوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نزح أكثر من 48 ألفا و500 شخص” في سوريا، مشيراً إلى أن “وضع النزوح لا يزال شديد التقلّب، والشركاء يتحققون يومياً من أرقام جديدة”.

وقال توم فليتشر، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في منشور على منصة إكس إنّ “الوضع مثير للقلق، عشرات الآلاف ينزحون الآن. هناك خدمات حيوية تعطلت، ونساء ورجال وأطفال يخشون على سلامتهم”.

وتقول الأمم المتحدة إنّ سوريا تشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج نحو 16.7 مليون سوري إلى مساعدات إنسانية، بينما يوجد نحو سبعة ملايين نازح.

فرح وخوف في حلب

عبد الكافي أمام قلعة حلب في قلب المدينة السورية

Abdulkafi
عبد الكافي أمام قلعة حلب في قلب المدينة السورية

تحدثت بي بي سي إلى العديد من سكان حلب، وأعرب كثيرون منهم عن خوفهم من تجدد القتال هناك.

ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الغارات الجوية التي شنتها الحكومة السورية والقوات الروسية المتحالفة معها قتلت العشرات بالفعل.

وطلب العديد ممن التقتهم بي بي سي عدم الكشف عن هويتهم، خوفا على سلامتهم. ولم يتسن لبي بي سي التحقق من بعض تفاصيل الروايات الفردية، بسبب صعوبة نقل الأخبار بشكل مستقل من سوريا.

وأعرب أحد السكان لبي بي سي عن أن قلقه الرئيسي هو القصف، الذي يخشى أن يضرب المدينة في أي وقت، قائلاً إنه منع عائلته من الذهاب حتى إلى المتجر الصغير المجاور.

وأضاف: “نحن نعيش في خوف تام”، مشيراً إلى أن الغارات الجوية التي ضربت المدينة خلال الأيام القليلة الماضية ذكرته بفترات سابقة من الحرب.

وعبر سوري آخر يدعى عبد الكافي، وهو مدرس من حلب، عن سعادته بعد أن رأى والده لأول مرة منذ سنوات يوم الاثنين، بعد أيام من استيلاء قوات المعارضة على المدينة من قبضة القوات الحكومية.

وقال: “والدي يبلغ من العمر 85 عاما، وهو رجل مسن. لم يحلم أبدا برؤيتي مرة أخرى قبل وفاته”.

وبدأ الانفصال الطويل بين الرجلين، عندما عاد والده الذي كان يعمل في السعودية، إلى الأراضي التي يسيطر عليها النظام، فيما كان عبد الكافي قد انتقل بالفعل إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وأوضح لبي بي سي: “إن رواية 1984 تنطبق على حلب. صورة الأسد موجودة في كل مبنى وشارع وفي كل زاوية. إنه يتحكم في عقولهم”، في إشارة إلى رواية الكاتب البريطاني الشهير جورج أورويل عن الاستبداد.

وبالنسبة لعبد الكافي، كان انتصار مقاتلي المعارضة “انتصاراً للحرية”، الذي كان ينتظره منذ غادر المدينة في عام 2016.

وقالت إحدى النساء إن الناس كانوا “مرتبكين وخائفين” بعد استيلاء المعارضة على المدينة، مضيفة أنها لم تغادر منزلها في البداية، إلا أنها ذهبت لاحقا للتنزه والقيادة مع عائلتها، بعد أن سمعت بأن المدنيين “لم يتعرضوا للمضايقات من قبل المتمردين”.

وأوضحت: “كان كل مكان هادئاً نسبياً، لكن الجميع بدوا خائفين وقلقين، يمكنك أن ترى ذلك في وجوههم وردود أفعالهم. لم يبد الارتياح على أحدهم”.

وأضافت: “الناس خائفون، لأننا لا نثق في أي شخص أو في رد فعله تجاه ما يحدث الآن”.

في السياق ذاته، أكد جورج مينيشيان، وهو محلل سياسي يوناني أرمني على اتصال بالأرمن في حلب، أن المسيحيين في المدينة لم يواجهوا أي مشكلات منذ استيلاء هيئة تحرير الشام على المدينة.

وقال لبي بي سي: “في اليوم الأول، طرق مقاتل من هيئة تحرير الشام باب جار أرمني، وأكد له أنهم لن يؤذوه على الإطلاق”، مضيفاً أن مصادره تخشى التحدث مباشرة إلى وسائل الإعلام، خوفاً من الانتقام.

وأضاف: “قالوا إنهم سيحترمونهم ويسمحون لهم بفعل ما يريدون، كمسيحيين وأرمن”.

ومع ذلك، أعرب مينيشيان عن تشكك المسيحيين في وعود هيئة تحرير الشام، قائلاً “هناك سوابق للميليشيات الإسلامية التي لم تؤذ أحداً في البداية، لكنها ارتكبت بعد ذلك جرائم ضد الأقليات. نأمل ألا يكون هذا هو الحال”.

Powered by WPeMatico

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.