لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب “نكسة كبيرة” للأسد وإيران؟ جولة الصحف

مقاتل يحمل سلاحه وهو يقف أمام مركبة عسكرية شمال حلب، سوريا

Reuters

في هذه الجولة الصحفية، نستعرض مقالات تناولت الأزمة السورية من زوايا مختلفة. إذ يقدم كل منها تحليلاً للتطورات الأخيرة في سوريا. نبدأ جولتنا الصحفية بمقال للكاتب مصطفى حامد أوغلو في صحيفة (ترك برس) بعنوان “تحرير حلب والتحدي الصعب”.

في هذا المقال، يتناول الكاتب السيناريو “المفاجئ” لاستعادة قوات المعارضة السورية السيطرة على مدينة حلب بسرعة غير متوقعة، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات بشأن حقيقة ما جرى من “انهيار سريع” لقوات الأسد والقوات الإيرانية، بحسب الكاتب.

ويوضح الكاتب أن سيطرة المعارضة على مدينة حلب يشكل “نكسة كبيرة” للأسد وإيران، على مختلف الأصعدة، العسكرية والمعنوية والسياسية واللوجستية.

ويطرح الكاتب في مقاله تساؤلاً “لماذا الآن” بالرغم من اعتقاده أن هذا السؤال قد “فات أوانه”، مشيراً إلى أن “ضخامة الحدث” تدفع السوريين إلى ترجيح عدد من السيناريوهات منها، التسليم لا الاستسلام، بالإضافة إلى خطط دولية معدة مسبقاً.

وفي إطار التحليل، يسلط الكاتب الضوء على ” تضخم نظرية المؤامرة” مشيراً إلى أنها باتت تسيطر على أفكار الكثيرين، ما يدفعهم للشعور “باليأس والقنوط والاستسلام” على حد تعبيره.

ويشير الكاتب إلى أن الجميع يدرك “حقيقة بديهية” تؤثر على الشرق الأوسط والدول الفقيرة، تتمثل بـ “تغول التحكم الدولي الغاشم، وسيطرة القوة الغربية الاستعمارية، وهيمنة المصلحة الإسرائلية، وتصارع الدول الإقليمية”.

ويستنكر الكاتب ربط البعض توقيت “عملية ردع العدوان” التي تشنها قوات المعارضة السورية، وتوقف الحرب بلبنان؛ إذ يرى الكاتب أن هناك محاولات لتصوير ما يحدث في سوريا على أنه “استمرار للمشروع الصهيوني والحرب على محور الممانعة”، الأمر الذي يصفه الكاتب بأنه “تفكير بدائي، وصيد بالماء العكر، ومحاولة يائسة، لتشويه بطولات السوريين، واستخفاف واستغباء للعقل السوري” على حد تعبيره.

ويرى الكاتب أن من “الحكمة والمنطق أن تستغل الفصائل الفرصة للانقضاض على عدوها” بحسب وصفه، مضيفاً أن مبررات عدة ساهمت في أن يكون “الانهيار” أمراً ليس بمستغرب، منها: عناصر المفاجئة والسرية والمباغتة والاستعداد العسكري “الذي فاق التصورات”، بحسب وجهة نظر الكاتب.

وتساءل الكاتب في مقاله “ماذا بعد تحرير حلب؟”، ليجيب بأن هناك تحديات خارجية وداخلية كثيرة تنتظر “حلب الجديدة” والإدارة التي ستحكمها.

فالتحديات الخارجية، كما يراها الكاتب، تتعلق بالمواقف الدولية لاسيما الموقف الأمريكي والروسي، ومواقف الدول العربية من الوضع الجديد، والدول الإقليمية خاصة تركيا .

أما التحديات الداخلية، فيرى الكاتب أنها تتعلق بالسوريين أنفسهم، لافتاً إلى أنها تحديات ليست بجانبية ولا هامشية”.

وفي إطار التحليل، يحصر الكاتب ما قد يحصل في سوريا لاحقاً، في أربعة سيناريوهات محتملة، أولها وقف العمليات العسكرية عند حدود حماة بدون دخولها، مؤكداً أن “تجميد العمليات بهذه الحدود الحالية، قد يُعد مكسباً للجميع”.

أما السناريو الثاني فيتمثل من وجهة نظر الكاتب، في اتفاق روسي – عربي و”سكوت” أمريكي، “للقضاء على هيئة تحرير الشام، من خلال تشديد الضربات عليها في حلب وإدلب وإضعافها كما حصل بغزة”، ما سيعيد في رأيه مسيرة الحل السلمي وسقف جديد أعلى للمعارضة السورية.

ويصف الكاتب السناريو الثالث بأنه “ما يخشاه الجميع ما عدى السوريين”؛ متمثلاً في استمرار تقدم تحرير المناطق والمدن نحو حماة وحمص ودمشق، وتحرك الجنوب السوري والسويداء ودير الزور، ما يفسره الكاتب بأنه يعني سقوط النظام بدمشق.

ويتابع بأن ما يخيف الجميع هو السناريو الرابع الذي يقضي بـ “السقوط بدون البديل”، ما يصفه بأنه اختبار للجميع، كونه سناريو “مفتوحة أبوابه على كل الاحتمالات المخيفة حتى لأبناء سوريا”.

وتطرق الكاتب إلى “تقسيم سوريا” في آخر السيناريوهات التي طرحها في مقاله التحليلي، وهو ما يرى أنه يأتي تحقيقاً لمصلحة “إسرائيل أولاً والغرب وأمريكا من بعدها”.

ويختتم الكاتب مقاله بتساؤل: “هل يدرك السوريون صعوبة وحساسية المرحلة التي يمرون بها وأهيمة موقفهم وتعاملهم مع الأحداث التي تحيط بهم؟”.

“فرّق تسد”

مقاتل يحمل صورة ممزقة لزعيم حزب الله الراحل السيد حسن نصر الله وهو يقف بالقرب من تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد في نبل شمال حلب بسوريا في 2 ديسمبر 2024.

Reuters

ننتقل إلى مقال تحليلي آخر في صحيفة (فري بريس) الكندية بعنوان “سوريا: الجهاديون مرة أخرى”.

ويبدأ الكاتب غوين داير مقاله بالإشارة إلى العلاقة بين وقف إطلاق النار في لبنان، وما وصفه باندلاع “الحرب الأهلية “في سوريا مرة أخرى، قائلاً إن أياماً قليلة كانت كفيلة بأن تدفع عناصر “هيئة تحرير الشام”، مقابل انسحاب الجيش السوري بالكامل من حلب.

ويرى الكاتب أن “مستقبل الديكتاتور السوري بشار الأسد بالتأكيد في خطر” على حد تعبيره، لافتاً إلى ما يختلف هذه المرة في سوريا يتمثل في نقطتين: أولاهما “أن الأسد يحظى بدعم غير متزعزع من روسيا “؛ والثانية أن عدداً كبيراً من السوريين “يفضلون حكم الأسد على حكم المتطرفين”. على حد تعبيره .

ويشير داير في مقاله، إلى أنه ليس من قبيل الصدفة أن الحرب في سوريا استؤنفت مباشرة بعد هزيمة حزب الله في لبنان، بالنظر إلى أن لبنان وسوريا لطالما كانتا جزءاً من نفس المقاطعة طوال معظم الألف سنة الماضية، في إشارة إلى كونهما جزءاً من بلاد الشام.

ويسلط الكاتب الضوء على الخلاف المذهبي؛ فبالنسبة للسنّة في لبنان وسوريا، “يعد الشيعة هم العدو الرئيسي” على حد قوله. وبعد “تدمير” إسرائيل قوات حزب الله في لبنان خلال الشهرين الماضيين، كان من الطبيعي بالنسبة لمن وصفهم بالـ “المتطرفين السنّة في سوريا ” أن يحاولوا مرة أخرى الإطاحة “بعدوهم الشيعيّ المحليّ، وهو نظام الأسد” بحسب المقال.

ويطرح الكاتب تساؤلاً: ماذا سيحدث إذا خسر الأسد والشيعة السلطة في سوريا؟ مؤكداً أن ذلك سيشكل “كارثة” على الشعب السوري، إذ يعتقد الكاتب أن البديل سيكون “أكثر قمعاً ووحشية من النظام الحالي” على حد تعبيره.

من ناحية أخرى، قد يعود ذلك بالفائدة على اللبنانيين بحسب الكاتب، الذين “يستمر حزب الله في جرهم إلى الحروب مع إسرائيل التي يفضل معظم اللبنانيين تجنبها”.

“الخطيئة الأصلية”

مقاتلون  يجلسون بالقرب من لافتة طريق مكتوب عليها "تل رفعت ترحب بكم" في بلدة تل رفعت بسوريا في 2 ديسمبر 2024

Reuters
بلدة تل رفعت بسوريا في 2 ديسمبر 2024

ونختتم جولتنا الصحفية بمقال للكاتب بشار اللقيس في صحيفة (الأخبار) بعنوان “حلب ودروسها التي لا تنتهي”؛ إذ تناول الكاتب في مقاله الأزمة السورية، من خلال تحليل عميق للأسباب الجذرية التي أدت إلى هذا الصراع المستمر.

ويرى الكاتب أن “الخطيئة الأصلية” بحسب وصفه، أدت إلى الأزمة السورية، إذ تكمن في الطريقة التي تعامل بها النظام السوري مع الحراك الشعبي الذي بدأ في 2011. فبحسب الكاتب، القيادة السورية نظرت إلى هذا الحراك على أنه مجرد “مؤامرة” بدلاً من الاعتراف بأنه نتيجة “للسياسات الفاشلة”، على حد تعبيره.

ويضيف الكاتب أن حراك عام 2011 لم يُدرس بما فيه الكفاية، معتقداً أنه “كان ثورة وربيعاً ولم يكن خريفاً ولا شتاءً ولا حريقاً”.

وأشار المقال إلى أن الحراك الشعبي كان رد فعل طبيعياً على السياسات التي تركت الشعب في حالة من “الفقر والعجز السياسي”، مضيفاً أن السلطة في سوريا استطاعت “جر” المعارضة إلى “العسكرة”، وفي المقابل تفتقر المعارضة، بحسبه، إلى “أي رؤية واضحة لمستقبل سوريا”.

وينتقد المقال اعتماد المعارضة على خطاب العدالة بكثير من “الاختزالية”، مقتبساً “إذا حكمنا سوريا لن يكون هناك سلطة أمنية ولا سجون”. ويعلق الكاتب مستنكراً “تخيّلوا أحداً ناضجاً يفكر على هذا النحو الطفولي!).

في النهاية، دخلت سوريا في “أتون حرب لا تنتهي” بحسب تعبير الكاتب، مشيراً إلى أن ما يحدث في سوريا يشكل “إبادات من كل الأنواع، وسقوط أخلاقي حر للجميع دون استثناء، وأزمة تصوّر لليوم التالي”.

ويشير المقال إلى أن أطراف النزاع جميعها ليس لدى أحدها تصوّر لشكل النظام السياسي في سوريا في نهاية هذه الحرب. إذ يرى الكاتب أن الحرب “تعمّق من أزمة النظام والمعارضة على حد سواء وتزيد من استعصاء المشهد”.

ونتيجة ذلك، هناك “نصف مليون قتيل وأكثر من ثمانية ملايين مهجّر يفترشون بقاع الأرض في تيه لا أول له ولا آخِر، وفي نكبة لا يمكن لآدمي تصورها” بحسب الكاتب.

ويرى الكاتب أن سوريا لم تستطع “إنتاج فضاء سياسي وطبيعي” نتيجة “تجفيف منابع العمل السياسي الطبيعي، ما أفضى إلى انفجار هذه الهوامش السياسية” على حد تعبيره.

Powered by WPeMatico

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.