التعديلات الدستورية في قطر: ما الذي نعرفه عن ثاني استفتاء عام في تاريخ البلاد؟
توجه الناخبون في قطر، اليوم الثلاثاء، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء العام على تعديلات دستورية أقرها مجلس الشورى القطري أواخر الشهر الماضي بعد أن قدمها إليه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وبدأ التصويت في الساعة السابعة صباحاً وانتهى في تمام السابعة مساءً بالتوقيت المحلي لدولة قطر. ومن المقرر أن تعلن النتيجة في غضون 24 ساعة بعد الانتهاء من التصويت.
وتتيح اللجنة العامة للاستفتاء على التعديلات الدستورية الفرصة للناخبين للتصويت الإلكتروني عبر أجهزة الكمبيوتر اللوحية من خلال الحضور شخصياً إلى مراكز الاقتراع التي توجد بها هذه الأجهزة، علاوة على التصويت عبر تطبيق “مطراش2” الإلكتروني على الهواتف المحمولة من داخل البلاد وخارجها.
ووصل مئات الناخبين إلى مراكز الاقتراع للتصويت في الساعات الأولى من الصباح عقب فتح صناديق الاقتراع.
وتشمل التعديلات الدستورية القطرية نصوص 14 مادة، وإضافة مادتين، وإلغاء ثلاث مواد. وأبرز ما يصوت عليه الناخبون هو العودة إلى اختيار أعضاء مجلس الشورى القطري بالتعيين بدلاً من الانتخاب.
نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية يتيحها مشروع “طريق التنمية”
الانتخابات الأمريكية: لماذا غابت المرأة عن منصب الرئاسة في الولايات المتحدة؟
انقسام حول الديمقراطية
مع أنها كانت ممارسة ديمقراطية محدودة للغاية، أثارت الانتخابات التشريعية الأولى في تاريخ البلاد جدلاً واسع النطاق بلغ حد الانقسام حول قضية المساواة. وجاء ذلك بسبب الشروط التي وضعها القانون للحصول على حق التصويت، والتي منحت عدداً قليلاً من القطريين هذا الحق.
ويرجح أن هذا الانقسام كان وراء هذه التعديلات الدستورية التي تقدم بها أمير قطر إلى مجلس الشورى في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي للتصديق عليها، وهو ما حدث بالفعل في الثامن والعشرين من الشهر الماضي.
وقال أمير البلاد تميم بن حمد، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي إكس في ذلك الوقت: “التعديلات الدستورية لها غايتان هما الحرص على وحدة الشعب من جهة، والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات من جهة أخرى”.
وأضاف أن المساواة أمام القانون وفي القانون أساس الدولة الحديثة، وأيضا واجب شرعي وأخلاقي ودستوري.
ورغم أنها من الممارسات الديمقراطية التي يندر توافرها في البلاد، ينص أحد هذه التعديلات على إلغاء ممارسة ديمقراطية أهم هي انتخابات مجلس الشوري القطري التي أُجريت للمرة الأولى في تاريخ البلاد في 2021 لتشكيل المجلس الذي يُعد هيئة استشارية محدودة الصلاحيات.
ويأتي التصويت على إلغاء الانتخابات التشريعية بعد تجربة ديمقراطية واحدة خاضها القطريون منذ حوالي ثلاث سنوات تضمنت انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى. ووصفت في ذلك الوقت بـالحدث “التاريخي”، وشهدت إقبالاً كبيراً بنسبة تجاوزت الـ 63 في المئة بقليل.
ويبدو أن السلطة القطرية واثقة من نتيجة استفتاء الثلاثاء، وهو الأول منذ أكثر من 20 عاما، ويتزامن مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وقال سعود بن خالد آل ثاني، أحد الأعضاء البارزين في الأسرة الحاكمة، للصحفيين قبل التصويت: “أعتقد أنه لن يكون تصويتا بالغالبية، ولكن قد يصل الأمر إلى تصويت بالإجماع على تعديل دستوري”.
وأضاف: “كل دولة لها أسلوبها الذي يتناسب معها، ويتناسب مع شخصيتها، ويتناسب مع مواطنيها. نحن دولة ولله الحمد متكاتفين مع قيادتنا، متكاتفين مع حكومتنا”.
أهم التعديلات
وبموجب التعديلات المقترحة، سيتم تعيين مجلس الشورى بالكامل من قبل الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يحتفظ بالكلمة الفصل في السلطة.
ويُسمح لمجلس الشورى باقتراح التشريعات والموافقة على الميزانية واستدعاء الوزراء. لكن الأمير، الذي يتمتع بكامل السلطة في واحدة من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، يمكنه أن يمارس حق النقض.
وتتضمن التغييرات الدستورية على الاقتراع الحالي بنداً يسمح لجميع القطريين، ومن بينهم المواطنون المجنسون، بتولي مناصب وزارية، وهو حق كان حكرا في السابق على المواطنين المولودين في قطر.
ويُعد التعديل الأهم هو تعديل المادة رقم “77” الذي يذكر نصه المقترح : “يتألف مجلس الشورى من عدد لا يقل عن 45 عضوا، ويصدر بتعيين الأعضاء قرارٌ أميرٌ”، بعد أن كان النص الأصلي “يتألف مجلس الشورى من 45 عضواً. يتم انتخاب 30 منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، ويعين الأمير الأعضاء الـ 15 الآخرين من الوزراء أو غيرهم، وتنتهي عضوية المعينين في مجلس الشورى باستقالتهم أو إعفائهم”.
- لماذا يعود الحديث عن انتخاب رئيس للجمهورية بقوة في لبنان؟
- مجلس الأمة الكويتي: لماذا حلّه أمير البلاد؟
“تمييزي”
أجرت قطر استفتاءً عاماً واحدا في تاريخها، وهذا هو الثاني الذي يُجرى على التعديلات الدستورية الثلاثاء. وكان الاستفتاء الأول عام 2003 على مشروع الدستور الدائم الذي تمت الموافقة عليه وإقراره عقب نهاية الاستفتاء على مواده عام 2003.
ونص القانون الانتخابي على أن حق الترشح والتصويت يقتصر على القطريين “الأصليين”، بينما يحق “التصويت فقط” للقطريين المجنسين المولودين في قطر ممن حصل أجدادهم على الجنسية القطرية، ولم يُسمح لباقي المجنسين بالترشح أو التصويت.
وشرط “الجنسية القطرية الأصلية” هذا أثار حفيظة البعض، وتحديداً بعضاً من أفراد قبيلة آل مرّة – إحدى أكبر القبائل في منطقة الخليج – الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجاً على “إقصائهم من حقهم الطبيعي في الترشح أو حتى التصويت بالنسبة لبعض أبناء القبيلة”.
وبحسب قانون الجنسية القطرية لعام 2005، فإن القطريين أساساً هم “المتوطنين في قطر قبل عام 1930، واحتفظوا بجنسيتهم القطرية حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1961″، وهو ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنسة بعد ذلك التاريخ.
وانتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حينها القانون الانتخابي، ووصفته بـ “التمييزي، الذي يحرم آلاف القطريين من الاقتراع أو الترشح”.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعيداً عن الحقوق السياسية، وبحسب قانون الجنسية القطرية لعام 2005، فإن القطريين أساساً هم “المتوطنين في قطر قبل عام 1930، واحتفظوا بجنسيتهم القطرية حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1961″، وهو ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنسة بعد ذلك التاريخ.
Powered by WPeMatico
Comments are closed.