تونس: هل يمثل إضراب المعارضين السياسيين عن الطعام ضغطا على الرئيس قيس سعيّد؟
أعلنت حركة النهضة التونسية، 29 من سبتمبر/أيلول 2023، دخول زعيمها، راشد الغنوشي، المحبوس منذ أكثر من خمسة أشهر، في إضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام، تضامناً مع الناشط الحقوقي والقيادي في جبهة الخلاص الوطني، جوهر بن مبارك، الذي دخل في إضرابِ مفتوحِ عن الطعام، اعتراضاً على اعتقاله المستمر منذ فبراير/ شباط الماضي.
وقال المكتب التنفيذي لحركة النهضة في بيان: “تضامنا مع المناضل الأستاذ جوهر بن مبارك القيادي بجبهة الخلاص الوطني… دخل الأستاذ راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب الشرعي ورئيس حركة النهضة إضراباً عن الطعام لمدة ثلاثة أيامِ متتالية دفاعاً عن مطلب كل المعتقلين السياسيين بإطلاق سراحهم ورفع المظلمة عنهم”.
وطالب المكتب السياسي لحركة النهضة بإطلاق سراح “المعتقلين السياسيين”، واصفاً القضايا المنسوبة إليهم بأنها “قضايا ملفقة دافعها الوحيد هو رغبة سلطة الانقلاب في التخلص من منافسين سياسيين معارضين ومتمسكين بالشرعية وبحقهم وحق وطنهم العزيز وشعبهم الأبي في الديموقراطية والحرية وحقوق الانسان والمواطن”.
وكان أستاذ القانون الدستوري والقيادي في جبهة الخلاص الوطني، جوهر بن مبارك، قد دخل في إضراب مفتوح عن الطّعام، الثلاثاء 26 سبتمبر/أيلول، احتجاجاً على ما وصفها بـ “المهزلة القضائية التي يقودها قاضي التحقيق”، مضيفا أنه لن يُعلق إضرابه “إلا بعد رفع المظلمة والإفراج عنه وعن كافة المعتقلين في هذه القضية السياسيّة المختلقَة والمفبركة”.
وقال القيادي في حركة النهضة، رياض الشعيبي، إن “هذا الإضراب المشروع (الذي بدأه بن مبارك) سيتمدَّد ويتوسَّع وسيشمل تقريبا كل المعتقلين السياسيين، الذين يتجاوز عددهم، حتى الآن، الأربعين معتقلا سياسيا”.
وأشار الشعيبي إلى أنَّ إضراب “المعتقلين السياسيين” سيصاحبه إضرابات واعتصامات داخل البلاد وخارجها تنظمها المعارضة وأهالي المعتقلين “للتعبير عن التضامن مع المعتقلين السياسيين وللمطالبة بإطلاق سراحهم”.
وبالتزامن مع إضراب بن جوهر والغنوشي، نفى وزير الداخلية التونسي، كمال الفقي، في مقابلة إعلامية، وجود “معتقلين”، في تونس، لكنه أشار إلى وجود “موقوفين” تحت حماية السلطات الأمنية.
وأكّد الفقي وجود ضماناتٍ للموقوف كالعرض على الطبيب وقبول الزيارات ونقله إلى المستشفى إذا ساءت حالته الصحية. ونفى الوزير التنكيل بالمعارضين السياسيين قائلا إن “ظروف الحياة في السجن هي ظروف السجين”، مضيفا أن الدولة غير مستعدة “لتمييز المعارضين السياسيين عن غيرهم من المساجين”.
وفند وزير الداخلية التونسي استهداف الدولة للمعارضين السياسيين، مؤكداً أن كل الموقوفين مطلوبون للعدالة في “جرائم تطال الحق العام وليست جرائم سياسية”.
وكانت المحكمة الابتدائية في تونس، قد قضت، في 15 مايو/أيار 2023، بحبس زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، عاما واحدا، بتهمة التحريض فيما عرف إعلاميا بقضية “الطواغيت”. وترجع القضية إلى قرابة عامين، حين تقدم أحد عناصر النقابات الأمنية بشكوى ضد الغنوشي (81 عاما)، متهما إياه بوصف الأمنيين بالطواغيت أثناء كلمة تأبين لأحد قيادات حركة النهضة، قال خلالها الغنوشي إنه “لم يكن يخشى طاغوتاً ولا ظالماً”. كذلك ألقت السلطات التونسية القبض على القيادي في جبهة الخلاص جوهر بن مبارك وآخرين، في فبراير/شباط 2023، بتهمة “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.
وانتقدت منظمات حقوقية، منها منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، سلوك السلطات التونسية تجاه المعارضين السياسيين.
ويقول معارضو قيس سعيّد إن عدد “المعتقلين السياسيين” يتجاوز 40 معتقلا.
“تونس بعد 25 يوليو/تموز 2021”
وأخذت تونس مساراً مختلفاً عندما أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيّد، في 25 يوليو/تموز 2021، حلَّ الحكومة وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.
واستند سعيّد في قراراته إلى تأويله الخاص للفصل 80 من دستور 2014 الذي يخول رئيس الجمهورية اتخاذ “تدابير استثنائية” إذا ما كان هناك “خطر داهم” يهدد البلاد.
ورأت غالبية الأحزاب السياسية التونسية في قرارات 25 يوليو/تموز “انقلابا” من جانب الرئيس على مؤسسات الدولة وسعيا منه للتفرد بالحكم. لكن قيس سعيّد يؤكد أن الغرض من القرارات محاربة الفساد.
ولم تقتصر قرارات سعيّد على الحياة السياسية، بل طالت القضاء أيضا، عندما أقدم الرئيس التونسي، في يونيو/حزيران 2022، على عزل 57 قاضيا من بينهم رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل، بدعوى “الحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى الدولة”، بعد أن اتهمهم بـ “الفساد والتستر على متهمين في قضايا إرهاب”.
ورأى منتقدو سعيّد في عزل القضاة سعياً من الرجل لتقويض سلطة القضاء، وفرض حكم الفرد الواحد.
ونجح قيس سعيّد، في يوليو/تموز 2022، في تمرير دستور تونسي جديد، يمنحه الكثير من الصلاحيات.
ولا تقتصر الانتقادات الموجهة إلى قيس سعيّد، على الأحزاب وبعض القضاة، إذ امتدت أيضا إلى بعض الحركات التي أيدت قرارات 25 يوليو/تموز 2021، مثل الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي أصبح لا يُخفي انتقاده للرئيس مع اتهامه بالسعي إلى “التفرد بالسلطة”. ودائما ما يتهم سعيّد، في خطاباته، خصومه بـ “الخيانة والتآمر”، دون تقديم أدلة على الاتهامات أو تسمية من يقصدهم بها.
وكان الرئيس التونسي قد اُنتخب عام 2019 بنسبة تأييد تجاوزت 70 في المائة.
ويقول سعيّد إنه يريد تصحيح مسار الثورة ومكافحة الفساد والفوضى داخل مؤسسات الدولة. ويؤكد مؤيدوه أن قراراته تحظى بتأييد شعبي.
ونجحت الثورة التونسية من إزاحة نظام بن علي، لكن حكوماتٍ تونسية متعاقبة لم تستطع تحقيق آمال التونسيين في ازدهار اقتصادي وبيئة سياسة مستقرة.
ويعيش التونسيون أوضاعا اقتصادية صعبة، مع زيادة كبيرة في الأسعار وارتفاع في معدلات البطالة.
برأيكم،
- هل يمثل إضراب المعارضين السياسيين عن الطعام ضغطا على الرئيس قيس سعيّد؟
- هل يستخدم قيس سعيّد القضاء لتنحية خصومه السياسيين، كما يقول منتقدوه؟
- كيف ترون مسار تونس بعد قرارات 25 يوليو/تموز 2021؟
- وهل يحظى الرئيس بدعم شعبي، كما يقول مؤيدوه؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنتن 2 أكتوبر/ تشرين الأول
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس X على الوسمnuqtat_hewar@
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
Comments are closed.