انقلاب النيجر: قلق في نيجيريا من تدخل عسكري في النيجر مع انتهاء مهلة إيكواس
أمام المجلس العسكري في النيجر ساعات فقط لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم، إلى السلطة أو مواجهة احتمال تدخل عسكري من جانب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
واتخذ زعماء إيكواس، قرارا الأحد الماضي بمنح قادة الانقلاب مهلة أسبوعا للامتثال لمطالبهم وإلا فسيتم “اتخاذ جميع الإجراءات ضدهم… (التي) قد تشمل استخدام القوة”.
لكن في نيجيريا، إحدى دول المجموعة والمجاورة للنيجر، حيث من المحتمل أن تأتي غالبية القوات التي ستتدخل عسكريا، تتعالى الأصوات المناهضة لتدخل الجيش النيجيري في الأزمة.
كما تربط سكان نيجيريا والنيجر روابط عرقية وتاريخية وثيقة.
وحث مجلس الشيوخ النيجيري الحكومة يوم السبت، على إيجاد “الخيارات السياسية والدبلوماسية”، للتعامل مع الأزمة.
قرارات حاسمة تنتظر قادة غرب أفريقيا مع قرب انتهاء المهلة الممنوحة للمجلس العسكري في النيجر
انقطاع الكهرباء عن مدن كبرى في النيجر بسبب العقوبات المفروضة على البلاد
النيجر: مجرد انقلاب عسكري أم خلاف مصالح غربية في أفريقيا؟
ويتزايد القلق في مدينة سوكوتو بشمال نيجيريا، المتاخمة لحدود النيجر، حيث توجد الفرقة الثامنة التابعة للجيش النيجيري.
وتقع المدينة على تقاطع رئيسي على الطريق المؤدي إلى النيجر لذلك من المرجح أن تكون القاعدة التي سوف تحتشد فيها القوات للقيام بأي عمل عسكري في النيجر.
ومع هذا فإن هدوء الأحياء السكنية في سوكوتو، يتناقض تماما مع التوتر المتزايد في المدينة والولاية الشمالية الغربية كلها.
أحد الأسباب الرئيسية لهذا القلق تكمن في أن واحدا من كل خمسة سكان في مدينة سوكوتو، تعود أصوله إلى النيجر أو على الأقل لديه صلات قرابة في النيجر.
حتى ضاحية سابون-غاري غرافشي، المترامية الأطراف في مدينة سوكوتو يسكنها في الغالب سكان من النيجر. إنهم يخشون من أن التدخل العسكري من جانب منظمة إيكواس يمكن أن يؤثر بشكل كبير على عائلاتهم هناك وحتى يعرض أمنهم للخطر هنا في نيجيريا.
يعيش صانع المجوهرات سليمان إبراهيم، البالغ من العمر 51 عاما، في أحد المجمعات السكنية (كمبوند) المحاطة بسور وبوابات.
لكن هناك في النيجر توجد إحدى زوجاته وبعض أطفاله محاصرون في نيامي عاصمة النيجر، بعد الانقلاب الذي وقع الشهر الماضي.
وقال لبي بي سي وهو يمسك هاتفه بيده اليسرى “الآن أريد الاتصال بزوجتي فاطمة لأسمع منها، لأنه منذ يوم ذلك الانقلاب لم أسمع أي أخبار عنها”.
وأثناء حديثنا يقوم بمعاودة الاتصال برقمها مرة أخرى، لكن دون رد.
ويؤكد سليمان أنه كل مرة يحاول الاتصال يجد نفس الرسالة: “الرقم الذي تتصل به غير متاح في الوقت الحالي.”
ويقول في قلق وحزن، “في كل مرة اتصلت بها، هذا ما يخبرونني به، إما أنه لا توجد خدمة أو أي مشكلة أخرى، لا أعرف”.
وعن رأيه في احتمالية تدخل إيكواس عسكريا، قال سليمان: ” سيؤدي أي عمل عسكري ضد النيجر إلى مزيد من القلق. أنا في وضع رهيب لأن عائلتي ليست معي ولا أعرف معلومات عنهم”.
ثم يفتح تطبيق الصور على هاتفه ليُظهر ابنه البالغ من العمر 18 عامًا وأحد إخوته.
وقال، “هذا هو ابني مصطفى، وهو حاليا في النيجر. هذا شقيقه الأصغر، عمره ست سنوات، وهما مع والدتهما.”
سليمان ليس وحده.
يلتقي يوميا بجيران آخرين من النيجر لمعرفة هل هناك أخبارا جديدة في وطنه.
محمد عثمان 43، تحدث عن المشاعر السائدة هنا وهي أن استخدام القوة لإعادة الرئيس المخلوع في نيامي يمكن أن يكون كارثيا.
وقال لبي بي سي: “لا نرغب لا قدر الله أن تذهب قوات إيكواس إلى النيجر بنية استعادة السلطة من العسكريين إلى المدنيين. إنه مثل محو تاريخنا”.
زينب سيدو، 59 عاما، تنحدر من مدينة دوسو في النيجر، لكنها عاشت معظم حياتها في سوكوتو في نيجيريا بعد زواجها من رجل نيجيري. ابنها الأصغر موجود حاليا في النيجر وتخشى على سلامته.
وقالت، “أنا منزعجة، أقسم أننا خائفون جميعا. الجميع مرعوبون خاصة عندما سمعنا أن نيجيريا قد تلجأ لخيار الحرب”.
وقال قادة عسكريون في غرب أفريقيا يوم الجمعة إنهم وافقوا على خطة لتدخل عسكري محتمل، لكن إيكواس تواصل الضغط من أجل حل دبلوماسي.
في محاولة لممارسة ضغوط أخرى، فرضت إيكواس، الكتلة الاقتصادية الإقليمية في غرب أفريقيا، أيضا عقوبات على قادة الانقلاب وأغلقت الحدود مع النيجر. بالإضافة إلى ذلك، قطعت نيجيريا إمدادات الكهرباء عن جارتها الشمالية.
لكن هذا يعني أن أولئك الموجودين على الجانب النيجيري من الحدود سيتأثرون أيضا.
إحدى المدن الحدودية التي تشعر بالتأثير هي إيليلا، على بعد حوالي 135 كيلومترا من مدينة سوكوتو.
ومدينة إيليلا هي مركز تجاري، لكنها تعاني حاليا من ضغوط اقتصادية.
تتجمع صفوف طويلة من المركبات العالقة عند مدخل المدينة، معظمها شاحنات كبيرة مغطاة تحمل بضائع ومغطاه بالمشمع لحمايتها من المطر والشمس.
يتجمع في ظل الشاحنات سائقون إما نائمون أو جالسون يستخدمون هواتفهم أو أجهزة الراديو، في انتظار سماع آخر المستجدات حول الحدود.
أحد السائقين يدعى عبد الله، يقف مرتديا قميصا وبنطلون جينز أزرق باهت، يحمل كيسا من الماء.
يقول: “لقد تقطعت السبل بي هنا منذ ثلاثة أيام”.
“لقد نفد المال. الآن ليس لدي أي نقود. اشترى لي صديق طعاما هذا الصباح. لهذا السبب تراني ممسكا بالمياه. لقد اتصلت برئيسي لشرح الموقف وإبلاغه بإغلاق الحدود ومعاناتي، لكنه لا يرد على مكالماتي “.
أما رفاقه فكانوا متعبين ومستسلمين لأمر الواقع.
قد يواجهون فترة انتظار طويلة وقد تفسد البضائع التي يحملونها، مما يكلف أصحاب الأعمال مبالغ ضخمة من المال.
ومن بين الأشخاص الآخرين الذين تضررت أعمالهم بشكل خطير أدو غاربا دانكواسيري.
غالبا ما يسافر أدو غاربا، 42 عاما، إلى النيجر لشراء مكعبات الثلج ثم بيعها في إيليلا لتجار المياه والمشروبات الغازية الذين يحتاجون إليها للحفاظ على برودة الأشياء.
لكن أعمال أدو غاربا تضررت بشدة وهو غير قادر على الذهاب إلى النيجر للحصول على بضاعته.
ويقول أدو غاربا عن عمله، “أحصل على 100 ألف نيرة (130 دولارا) يوميا من إمداد التجار بالثلج. لكن في الوقت الحالي، لا يمكنني عبور الحدود. هناك جنود وشرطة و الجمارك متمركزون في كل مكان. أنت تعبر الحدود على مسؤوليتك الخاصة”.
التقى مسؤولو الجمارك ببعض رجال الأعمال في إيليلا يوم الجمعة، في محاولة لمعالجة مخاوفهم وشرح الأسباب وراء ضرورة إغلاق الحدود.
يقول بشير أديوال أديني، من دائرة الجمارك: “لا توجد تضحيات كبيرة جدًا طالما أنهم قادرون على تحقيق السلام والديمقراطية داخل المنطقة الفرعية. المجتمع يفهم السبب وراء إغلاق الحدود”.
لكن صبر الناس في إيليلا وأماكن أخرى في سوكوتو بدأ ينفد، خاصة أنه لا توجد مؤشرات كثيرة على استعداد قادة الانقلاب في النيجر للتراجع.
Comments are closed.