هل نجح برنامج الطروحات الحكومية المصرية؟

دولار وجنيه مصري

Getty Images

مع إعلان الحكومة المصرية، أنها أبرمت عقودا لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة بقيمة 1.9 مليار دولار حتى الآن، ثارت تساؤلات حول مدى نجاح برنامج الطروحات الحكومية الذي أعلنت عنه في وقت سابق.

وكان مجلس الوزراء المصري قد أعلن في فبراير شباط الماضي، عن السير في إجراءات طرح 32 شركة مملوكة للدولة على مدار عام كامل، لمستثمرين استراتيجيين، أو لاكتتاب العام في البورصة المصرية، أو كليهما، لتوفير النقد الأجنبي، وذلك في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تبحث عن فتح آفاق للاستثمارات الأجنبية.

برنامج الطروحات وفق الخطة المعلنة بدأ في الربع الأول من العام الحالي ويستمر حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل، على أن يكون قد تم إنجاز ما لا يقل عن 25% مع نهاية يونيو/حزيران الماضي.

وأكدت الحكومة في البداية أنها تستهدف جمع حوالي مليارين ونصف مليار دولار في أول 6 أشهر من برنامج الطروحات أي حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي، ولكن وزير المالية محمد معيط، صرح في مايو/أيار الماضي بأن الهدف جمع ملياري دولار في نهاية يوليو تموز الجاري.

لكن رئيس الوزراء قال في مؤتمر صحفي، الثلاثاء: “حققنا عقودا مع القطاع الخاص بإجمالي 1.9 مليار دولار… الحكومة تتخارج من عدد من الشركات بإجمالي 1.9 مليار دولار، و صافي ما سيؤول للحكومة المصرية من هذه العقود بالدولار هو 1.65 مليار دولار والمتبقي بالجنيه، حيث إن جزءا من صفقات شركات برنامج الطروحات هو من القطاع الخاص المصري”.

ولأن المهلة التي حددتها الحكومة لجمع ملياري دولار أوشكت على الانتهاء دون تحقيق ذلك، كما أن جزء من المبلغ الذي تم جمعه حتى الآن بالجنيه المصري، في حين أن البرنامج كان يستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير العملة الصعبة بالأساس، كل ذلك أثار علامات استفهام حول مدى نجاح البرنامج ومدى جاذبية الاقتصاد المصري للاستثمارات الأجنبية.

من جانبه قال أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، عمرو سليمان في حديثه مع بي بي سي: ” نستطيع القول إن نسبة نجاح الحكومة في مستهدفات برنامج الطروحات بالمهلة الأولى المحددة هي 82.5 %، لأن الإعلان الرسمي كان جمع 2 مليار دولار بنهاية يونيو أو يوليو، بينما ما تم جمعه في الواقع كحصيلة دولارية هو 1.65 مليار دولار، وجزء آخر بالجنيه المصري ليكون إجمالي ما تم جمعه يوازي 1.9 مليار دولار”.

وتابع أن الطرح للمستثمر المحلي مهم قطعا ولكن كان المستهدف جمع حصيلة دولارية وإدخال مستثمرين أجانب، مشيرا إلى أنه ومع ذلك فنسبة النجاح التي تحققت من برنامج الطروحات حتى الآن كبيرة ومرضية.

وأوضح أن “الظروف العالمية المحيطة وتراجع الاستثمارات الأجنبية عالميا، والتوترات السياسية من المؤكد أنها أثرت على جذب مستثمرين خارجيين لمصر، وبالتالي أثر على برنامح الطروحات، كذلك كانت هناك حاجة لتشريعات مهمة لتسهيل عمليات الطرح خلال البرنامج مثل مشروع القانون الذي قدمته الحكومة للبرلمان أخيرا، ويحقق الحياد التنافسي للدولة ويلغي أية مزايا وأفضليات للمشروعات التابعة للدولة”.

بائع عبوات غاز في مصر

Getty Images
بلغت نسبة التضخم في مصر 41 في المئة وفق أحدث التقارير

من أهم التحديات الأخرى أمام برنامج الطروحات الحكومية بحسب عمرو سليمان هو عدم وجود سعر صرف عادل للجنيه أمام الدولار، حيث يرى أن قيمة الجنية وفقا للخبراء المتخصصين “يجب أن تخفض أكثر من ذلك، وأن تثبيت سعر الصرف أدى لعدم سير البرنامج بوتيرة أسرع، لأن المستثمر يشعر أن قيمة الشركات المطروحة مقدرة بقيمة أعلى من قيمتها”.

ونوه إلى أن “تثبيت سعر الصرف يضغط على الاحتياطي النقدي ويتسنزفه وفي ذات الوقت هناك سوق موازية وسعرين للدولار، وكل ذلك يجعل مناخ الاستثمار ضبابيا”.

كذلك ثارت تساؤلات عن مدى ارتباط برنامج الطروحات باشتراطات صندوق النقد الدولي للقبول بتقديم قرض دولاري جديد لمصر، لكن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، قال إنه “برنامج مصري خالص، فى سياق تركيز الدولة المصرية على تشجيع القطاع الخاص، وغير مرتبط بصندوق النقد الدولي أو أية جهات أخرى”.

وأكد مدبولي أيضا أن البرنامج “ليس مرتبطا بأزمة ولكن بوثيقة ملكية الدولة”، كاشفا أن الحكومة ستعلن قريبا عن إبرام عقود أخرى بقيمة مليار دولار.

ورغم أن الحكومة المصرية لم تكشف بعد عن أسماء الـ 32 شركة التي يشملها برنامج الطروحات إلا أنها كشفت الخميس أنه يشمل شركات (إيثيدكو والحفر المصرية وإيلاب وعز الدخيلة) ومجموعة من الفنادق ومحطة جبل الزيت لطاقة الرياح وشركة وطنية و4 محطات لتحلية المياه.

من جانبه قال أستاذ الاقتصاد في الأكاديمية العربية للنقل البحري، علي الإدريسي في حديث لبي بي سي: “الحكومة المصرية لم تنجح في برنامج الطروحات الذي أعلنت عنه، حيث لم تحقق المستهدف من مدته الأولى التي حددتها بنفسها”.

وتابع أن من أهم العراقيل أمام البرنامج “مرتبط بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يرى أن الحكومة المصرية لم تلتزم بتحقيق الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه والذي يأتي على رأسه تحقيق سعر صرف مرن للجنيه أمام الدولار، لأن تثبيت سعر الصرف وعدم وجود قيمة عادلة للجنيه أمام الدولار يؤثر على الاحتياطي الدولار ويساعد في استمرار السوق الموازية”.

الإدريسي قال أيضا إن إعلان الرئيس المصري بشكل واضح أنه لن يتم اتخاذ قرار “تعويم الجنيه” حتى لا يؤدي لزيادة التضخم، ومع ذلك فإن أحدث تقرير رسمي عن التضخم بمصر كشف ارتفاعه إلى 41 % وهو أعلى معدل تضخم في تاريخ الاقتصاد المصري، وهذا يؤثر بالسلب على الجميع، حكومة ومستثمرين ومستهلكين.

وأوضح أنه رغم جهود الحكومة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي إلا أن “خطة الإصلاح لم تنجح بشكل كامل، لأن هناك ملايين المصريين أصبحوا يعانون من ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم بشكل غير مسبوق، وخاصة أفراد الطبقة المتوسطة الذين لا يشملهم الدعم الحكومي ومع ذلك يعانون من الارتفاع المتتالي للأسعار وعدم وجود رقابة على السوق”.

وأكد أن من أهم عراقيل خطط الحكومة الاقتصادية هي “عدم استعانتها بالمتخصصين لوضع الرؤى، واستعانتها دوما بمجموعة متكررة، وبالتالي لا تستمع إلى وجهات نظر مغايرة، ومن ثم يتم تكرار نفس النتائج التي لا يحالفها التوفيق وينتج عنها السلبيات الاقتصادية التي يعاني منها الناس”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.