المغرب وإسرائيل: اعتراف إسرائيلي مرتقب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية
دعا رئيس البرلمان الإسرائيلي، الكنيست، أمير أوحانا حكومة بلاده إلى الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
دعوة أوحانا جاءت أثناء زيارة قام بها للعاصمة المغربية، الرباط، حيث حضر رئيس الكنيست مباحثات في مجلس النواب المغربي.
وتُعدّ الصحراء “قضية المغرب الأولى، وبالتالي فإن مواقف المغرب وشراكاته مع الدول تُبنى على أساس مواقف هذه الدول من قضية الصحراء”، بحسب محمد الغواطي، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس.
وأكد الغواطي لبي بي سي نيوز أن “اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء المغربية سيقوي العلاقات بين البلدين”، مشيرا إلى أن “هناك اتفاقيات شراكة وتعاون بين المغرب وإسرائيل يتم تنفيذها حسب متطلبات كل مرحلة”.
‘المقايضة’
من جهته، قال أبي بشراي البشير، ممثل جبهة البوليساريو لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف: “نحن لن نتفاجأ بقرار رسمي من هذا النوع .. هذه الخطوة ليست سوى تتويج لمسار التطبيع المعروف باتفاقات أبراهام، حيث كلمة السرّ كانت ‘المقايضة'”.
وأوضح البشير لبي بي سي: “تمت مقايضة اعتراف دونالد ترامب بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية في مقابل تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل. واليوم، تأتي الخطوة الثانية من المقايضة، وهي مقايضة افتتاح سفارة مغربية رسمية في تل أبيب، وربما حتى في القدس، مقابل اعتراف إسرائيل بالسيادة المغربية المزعومة في الصحراء الغربية”.
الصحراء الغربية: حقائق عن أحد أطول النزاعات في القارة الأفريقية
ويرى البشير أن هذا الاعتراف “بلا قيمة قانونية ولا سياسية في نظر المجتمع الدولي” على حدّ تعبيره.
ومضى ممثل جبهة البوليساريو بالقول إن هذا الاعتراف يُعدّ “إدانة للمغرب أكثر من كونه مكسبا له؛ فإسرائيل بلد يخرق القانون الدولي يوميا … وكذلك يفعل المغرب تماما – يخرق جميع قوانين العالم”.
فيما يرى أستاذ القانون العام والعلوم السياسية محمد الغواطي أن “المغرب مقتنع بشرعية موقفه المتعلق بمبادرة الحكم الذاتي التي قدّمها للمجتمع الدولي كحلّ واقعي لهذه المشكلة، ولكن أطرافا أخرى لا تريد أن تنصهر أو تنسجم مع هذا الطرح”.
وأكد الغواطي لبي بي سي، أن “المشكلة ليست بين المغرب والبوليساريو؛ إنما المشكلة بين المغرب والجزائر التي تدعم هذه الجبهة الانفصالية”.
ولا يمانع المغرب،في حصول الإقليم على حكم ذاتي، على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصرّ جبهة البوليساريو -بدعم من الجزائر المجاورة- على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، أكدت البوليساريو إنهاء التزامها باتفاق وقف إطلاق النار معلنة عن بداية “حرب مع المغرب“.
“لحظة تاريخية”
وفي زيارته إلى المغرب، أشار رئيس الكنيست إلى اعتزام إسرائيل تقوية الروابط مع المغرب عن طريق فتح سفارتين في الرباط وتل أبيب، كما وقّع رئيس مجلس النواب المغربي ورئيس الكنيسيت مذكرة تفاهم بين المجلسين.
ويؤكد الغواطي أن العلاقات المغربية الإسرائيلية لم تنقطع يوما، مشيرا إلى أن هناك يهودا كثر في إسرائيل ينحدرون من أصول مغربية، ومن هؤلاء رئيس الكنيست ذاته، ومن هنا يتأتّى “حِرص هؤلاء الإسرائيليين على المصالح المغربية” على حد قول الباحث المغربي.
ولحدّ الآن يتولى المهام الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل مكتبا اتصال وليس سفارتين.
وفي فبراير/شباط من العام الجاري، كان مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب أعلن عن بدء أعمال بناء مقرّ سفارة في الرباط، فيما اعتُبر آنذاك في إسرائيل “لحظة تاريخية” على حدّ تعبير المكلفة بمكتب الاتصال لدى المغرب ألونا فيشر كام.
وتأتي زيارة رئيس الكنيست بعد يوم من بدء مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الأفريقي التي انطلقت في مدينة أكادير بمشاركة 18 دولة.
وتشارك إسرائيل في هذه المناورات بـ 12جنديا من قوات النخبة، فيما اقتصرت مشاركتها في المناورات نفسها العام الماضي على صفة مراقب.
ويرى الغواطي أن هذه المناورة إنما “تعكس متانة العلاقات بين المغرب وحلفائه الاستراتيجيين”.
من جانبها، أعربت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع عن “رفضها المطلق لهذه الزيارة، داعية كل مناصري القضية الفلسطينية داخل البرلمان المغربي للانتفاض في وجه رئيس الكنيست والوفد المرافق له”، كما نشرت الجبهة في بيان على صفحتها عبر فيسبوك.
التطبيع بين إسرائيل والمغرب: ما الذي نعرفه عن الاتفاق؟
“خدمة القضية الفلسطينية”
ويرى الغواطي، أن “التواصل بين المغرب وإسرائيل يخدم القضية الفلسطينية، لا سيما عندما تقع مناوشات بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ لأنه عندئذ يمكن للدبلوماسية المغربية أن تتدخل لتهدئة الأمور وإعادتها إلى نصابها مادام الهدف هو التعايش السلمي بين طرفي الصراع”.
ويؤكد الباحث أن “القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في المغرب؛ كون الملك هو رئيس لجنة القدس”، مشيرا إلى أن المغرب “يولي القضية الفلسطينية القدر نفسه من الأهمية الذي يوليه لقضيته الأولى قضية الصحراء المغربية”.
أما ممثل جبهة البوليساريو، أبي البشير، فيرى أن “التطورات المتسارعة في العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل تهدف بالدرجة الأولى إلى ‘إقبار’ حقّ الشعبين الفلسطيني والصحراوي في تقرير المصير والاستقلال”.
يُذكر أنه في يونيو/حزيران 2021، شنّ ناشطون مغاربة حملة لطرد السفير الإسرائيلي من المغرب، فيما قالت تقارير إنه فشل في تأجير مبنى لسفارة بلاده بسبب رفض مغاربة تأجير ممتلكاتهم للإسرائيليين.
ونفت الخارجية الإسرائيلية هذه المزاعم في حينها، ووصفتها بالأخبار الكاذبة، موضحة أن عودة السفير الإسرائيلي إلى إسرائيل كانت لأسباب شخصية تتعلق بمرض والده.
وفي ديسمبر 2020، أعلن المغرب وإسرائيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد تجميدها في عام 2000 بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وفي خضم موجة تطبيع عربية مع إسرائيل مؤخرا، حلّ المغرب رابعا في قطار التطبيع بعد كل من الإمارات والبحرين والسودان. ثم بدأت العلاقات بين المغرب وإسرائيل تشهد تطورا متسارعا بعد سلسلة زيارات متبادلة تكللت بتوقيع اتفاقيات في مجالات متنوعة.
Comments are closed.