الأمير هاري يكشف تفاصيل المضايقات التي تعرض لها من صحفيين ويطالب بفضح “النشاط الإجــرامي”
أدلى الأمير هاري بشهادته أمام المحكمة العليا في لندن، ضد المجموعة المالكة لصحيفة ذا ميرور البريطانية، التي يتهمها بالتنصت على هاتفه وانتهاك خصوصيته بصورة غير قانونية.
وفي بيانه المكتوب الصادر أثناء مثوله أمام المحكمة العليا في لندن، اتهم الأمير هاري صحف “التابلويد” الشعبية في بريطانيا بخلق “نسخة بديلة ومشوهة” منه.
وقدم الأمير هاري إفادته بناءً على 33 مقالا، من بين 140 من المقالات التي نشرت بين عامي 1996و 2010، زعم أنها تضمنت جمع معلومات صحفية غير قانونية، تتضمن اختراق الهاتف.
“كانت صحف التابلويد تنشر بشكل روتيني مقالات عني غالبا ما كانت خاطئة، لكن تتخللها بعض الحقائق، التي أعتقد الآن أنها حصلت عليها على الأرجح من اختراق البريد الصوتي أو بجمع المعلومات بشكل غير قانوني”.
وكشف الأمير هاري أيضا عن أن قراره بالانتقال إلى كاليفورنيا مع زوجته ميغان كان “في جزء كبير منه بسبب التطفل المستمر” لوسائل الإعلام.
الأمير هاري وصديقته السابقة
قال الأمير هاري إن الصحفيين كانوا يحصلون بشكل غير قانوني على معلومات حول رحلات حبيبته السابقة تشيلسي ديفي إلى المملكة المتحدة التي كانت تزورها لرؤيته.
“أتذكر أن أحدهم كان يصورني بالفيديو بواحدة من تلك الكاميرات الصغيرة بين رجليه، وكنت أفكر كيف عرفوا أنني سأكون هناك، لكن الأمر أصبح واضحا الآن”.
وحكى الأمير أحد المواقف التي مر بها، والتي تجسد انتهاك خصوصيته قائلا: “مشيت إلى صالة الوصول مرتدياً قبعة بيسبول، ورأيت على الفور خمسة مصورين متطفلين متباعدين، يجلسون على مقاعد ومعهم كاميرات داخل حقائبهم، وأيديهم داخل حقائب الظهر، والجميع ينظر إلي”.
وأضاف: “لم يتبين لي أنا ورجال الأمن إن كان هؤلاء يحاولون الوصول إلى كاميراتهم أم يسحبون أسلحتهم”.
وفي ديسمبر 2004، ذكرت صحيفة ديلي ميرور أنه كان يلتقي بوالدها في عطلة على جزيرة صغيرة قبالة موزمبيق.وتضمن المقال صورا لتشيلسي والأمير هاري وتفاصيل عن كيفية لقاء عائلتها الأوسع.
وقال الأمير إن المقال نص على أنه سيعود إلى بريطانيا في 19 ديسمبر/كانون الأول.
“أنا في حيرة من كيفية معرفة هذه التفاصيل. تفاصيل خطط سفري، بما في ذلك التواريخ التي سأسافر خلالها، لم يفصح عنها القصر لأسباب أمنية، لكن التاريخ المحدد الذي سأعود فيه إلى بريطانيا نُشر قبل أيام من عودتي”.
وأشار الأمير في بيانه إلى أن المقال كشف عن اتصال تشيلسي به في منزل والده في هايغروف، متسائلا: “التفاصيل المتعلقة باتصالاتنا الهاتفية لا تُنسب إلى أحد صرح بها، فكيف عرف صحفيو المدعى عليه بهذا الأمر؟!”
من جهته، قال محامي الأمير هاري إن الأساليب غير القانونية كانت “مثل شبكة” نُصبت حول العائلة المالكة، مضيفا أن التطفل يعني أن هاري وصديقته آنذاك تشيلسي ديفي “لم يكونا بمفردهما”.
تفاصيل إصابة رياضية
في قصة أخرى تعود لعام 2001، ذكرت صحيفة صنداي ميرور تفاصيل الأضرار المحتملة التي لحقت بالعمود الفقري للأمير الشاب من ممارسة رياضة البولو، وهي معلومات يقول إنه لم يشاركها مع زملائه.
من وجهة نظر الأمير هاري، يقول إن هذا قد يكون ناتجا عن اختراق الهاتف، وهو ما خلق شعورا بعدم الثقة بمن حوله، حتى بشأن الذهاب إلى الأطباء.
لكن محامي ميرور استبعد مزاعم القرصنة، قائلا إن الكثير من الأخبار حول هذا الموضوع نُشرت بالفعل في وسائل إخبارية أخرى.
ووصف الأمير سلوك الصحف بـ”الحقير” الذي وضعه في “دوامة”، مؤكداً أن أفعال الصحفيين أثرت في كل مجالات حياته، وخلقت لديه قدرا كبيرا من جنون الارتياب في علاقاته.
وأضاف: “شعرت أنني لا أستطيع الوثوق في أي إنسان، وكان ذلك شعورا مروعا بالنسبة لي، لاسيما في مثل هذه السن المبكرة”.
حمى التقبيل
أعرب الأمير هاري أمام المحكمة عن “خجله” من نشر خبر إصابته بالحمى الغدية والتي تعرف أيضا بمرض التقبيل، متسائلا عن كيفية معرفة أي إنسان خارج دائرة عائلته بذلك.
وأشار الأمير إلى مقال نشر على الصفحة الأولى من صحيفة ديلي ميرور في مارس/آذار 2002، يحمل عنوان “هاري مصاب بـ” مرض التقبيل”.
“لم أخبر أحدا لأنني كنت أشعر بالخجل من إصابتي بها. إنها واحدة من تلك الإصابات التي تشكل وصمة عار كبيرة في سن المراهقة، وهو بالضبط ما تلعبه المقالة نفسها، وكان تأثيرها عليّ هائلا”.
وأوضح أن أي إنسان يعرف عنه ذلك في المدرسة، فإنه “يتعرض لمضايقات لا نهاية لها”، مؤكدا أن الخبر انتشر في بريطانيا كلها.
“يبدو أن المدرسة بأكملها أضحت تعرف ذلك، لم يقترب مني أحد وكنت أضحوكة. لقد شعرت بالبؤس”.
الأمير هاري: ما هي أبرز ادعاءات نجل ملك بريطانيا حول قضية انتهاك الصحافة لخصوصيته؟
الأمير هاري يشارك في جلسات محاكمة حول قضية انتهاك خصوصية
الأمير هاري والمخدرات
قال الأمير هاري إنه كان يشعر بالقلق البالغ من أن يُطرد من المدرسة بعد تقارير صحفية عن تعاطي المخدرات.
وأشار إلى قصة ديلي ميرور على الصفحة الأولى، التي نُشرت في يناير/كانون الثاني 2002، بعد سلسلة من الأخبار من قبل نيوز أوف ذا وورلد، بعنوان: “هاري ونشوة الكوكايين وحفلات الـ GHB”.
الـGHB اختصار لـ “غاما هيدروكسي بوتيريت”، المخدرات الترويحية المنشطة جنسيا.
وقال في شهادته إن هذه الأخبار كان لها “أثر كبير على حياتي”، لأن مدرسة إيتون كان لديها “سياسة عدم تعاطي المخدرات” وكنت قلقا للغاية من تعرضي للطرد”.
وتابع أن تلك المقالات كتبت في وقت كان فيه اتفاق بين الصحافة والعائلة المالكة، بعد وفاة والدته الأميرة ديانا، بضرورة تمكينه هو وأخيه من متابعة تعليمهما من دون فحص مستمر أو انقطاع.
الأميرة ديانا ومايكل باريمور
تحدث الأمير هاري كذلك عن واقعة حدثت قبيل وفاة والدته في عام 1997، حيث كانت تدعم النجم التلفزيوني المضطرب مايكل باريمور.
وأوضح في بيانه كيف كتب بيرس مورغان، محرر الديلي ميرور في وقت لاحق عن أنه “سمع شائعات” حول لقاءات بينهما.
“إن التفكير في أن بيرس مورغان وصحفييه كانوا يتنصتون على رسائل والدتي الخاصة والحساسة، تصيبني بالغثيان وتجعلني أكثر إصرارا على محاسبة المسؤولين، ومنهم مورغان، على سلوكهم الحقير وغير المبرر على الإطلاق”.
ظهر اسم بيرس مورغان محرر ديلي ميرور السابق الذي تحول إلى مذيع تلفزيوني، ثلاث مرات في شهادة الأمير هاري المكتوبة.
“نتيجة لرفع القضية على مجموعة ميرور، تعرضت أنا وزوجتي لوابل من الهجمات الشخصية المروعة والترهيب من بيرس مورغان، الذي كان محرر الديلي ميرور بين عامي 1995 و 2004 ، على الأرجح على أمل أن أتراجع قبل أن أكون قادرا على تحميله المسؤولية المناسبة عن نشاطه غير القانوني تجاهي وتجاه والدتي خلال شغله منصبه”.
دموع الأميرة ديانا
إحدى المقالات التي يشكو منها الأمير هاري هي تقرير عن بكاء والدته عندما كانت تزوره في المدرسة في عيد ميلاده الثاني عشر في عام 1996.
وتقول صحيفة ديلي ميرور إن المعلومات استقتها من تقارير متاحة للجميع، تشمل شهودا لم تذكر أسماءهم كانوا في ممر بجوار المدرسة.
لكن الأمير تساءل من أين جاءت المعلومات قائلا إن “هذا الجزء من المقال لا معنى له بالنسبة لي”.
وأوضح الأمير أنه عندما كانت تزوره والدته في المدرسة، كانت تدخل وتخرج من الباب الأمامي.
“يوجد ممر مشاة عام بجوار [المدرسة]، لكنني لست متأكدا من كيفية تمكن أي إنسان من رؤية والدتي من خلاله وإثبات أنها كانت تشعر بالانزعاج، أو سبب بقاء أي فرد هناك لفترة كافية ليكون قادرا على أن يصرح بأنها بقيت بالداخل لمدة 20 دقيقة فقط”.
في وقت سابق في المحكمة، أشار محامي المجموعة المالكة لصحيفة ذا ميرور البريطانية إلى سطر في إفادة الأمير هاري الذي قال إنه يعتقد أنه حصل على هاتف محمول لأول مرة عندما بدأ عمله في إيتون، في عام 1998.
وإذا كان الحال كذلك، فإن المقال المنشور عام 1996 بعنوان “ديانا حزينة جدًا في يوم هاري الكبير”، لا يمكن أن يكون يتضمن أي اختراق لهاتفه المحمول، كما يقول المحامي أندرو غرين.
لكن الأمير هاري أكد أن “الأمن الخاص” في المدرسة كانت لديه غرفة مستقلة بها خط أرضي، وشكاواه من مقال نشر عام 1996، تتمحور حول أنه لا يمكن تفسير كيفية حصول الصحيفة على المعلومات الواردة.
البريد الصوتي للأمير هاري
فيما يتعلق باختراق بريده الصوتي، صرح الأمير هاري بأنه سبق وأن تكرر أن يستمع إلى بريد صوتي لأول مرة رغم أنه لم يكن بالبريد الجديد، وكان يعزو ذلك إلى خلل فني أو إلى أنه استمع إليه بالفعل سابقا وهو في غير وعيه.
“أحيانا يختفي رمز [البريد الصوتي] قبل أن تسنح لي الفرصة للاستماع إلى البريد الصوتي، كما أتذكر أيضا بوضوح من قال لي: ألم تستمع إلى بريدي الصوتي؟ وكنت أجيبه بالنفي، وفي بعض الأحيان كنت أعود إلى بريدي الصوتي للبحث عنه ولا أتمكن من العثور عليه”.
وأضاف: “لقد شعرت بالصدمة والاشمئزاز أيضا عندما اكتشفت أن اسمي ورقم هاتفي المحمول كانا في قائمة جهات اتصال تخص الهاكر المعروف، نيك باكلي، وهو دليل آخر على أنني كنت ضحية اختراق البريد الصوتي وجمع المعلومات بشكل غير قانوني”.
الأمير هاري وكبير الخدم السابق
تطرق الحديث إلى مقال رئيسي نشرته صحيفة “ذا بيبول” في عام 2003، يراه هاري دليلاً على اختراق محتمل لهاتفه.
كشف المقال عن خلاف خاص بين الأمير هاري وشقيقه الأمير وليام، حول كيفية التعامل مع بول بوريل، كبير الخدم السابق لوالدتهما الراحلة، والذي اعتقدا أنه ينبغي عليه التوقف عن التحدث إلى الصحفيين حول حياتها الخاصة.
ونقل المقال عن الأمير هاري وصفه بوريل بأنه “…. ذو وجهين”. ويرجح هاري أن الصحفيين ربما حصلوا على ذلك من اختراق البريد الصوتي.
وأضاف: “لم يكن خلافنا حول كيفية التعامل مع الوضع في المستقبل شيئا أردت نشره في صحف المدعى عليه، وليست لدي أية فكرة عن كيفية حصول صحفيي المتهمين على المعلومات في المقال”.
“وضع حد للجنون”
يقول الأمير إن الأخبار التي يعتقد أنها نشرت بعد القرصنة على هاتفه، لم تسبب له مجرد مخاوف أمنية، بل أضرت بعلاقاته.
وتساءل الأمير هاري في بيان شهادته: “كم من الدم سيظل يلطخ أصابعهم قبل أن يتمكن أحدهم من وضع حد لهذا الجنون؟!”، وعلق في المحكمة بأن وقوفه أمامها “هو أمله” في تحقق ذلك.
وقبيل نهاية إدلائه بشهادته، تحدث الأمير هاري بشكل عام عن منظومة الإعلام البريطاني، وتأثيره على صورة البلاد في عيون العالم.
وقال: “لإنقاذ الصحافة كمهنة، ينبغي على الصحفيين فضح هؤلاء في وسائل الإعلام الذين سرقوا أو استولوا على امتيازات وسلطات الصحافة، واستخدموا وسائل غير قانونية أو مشروعة لتحقيق مكاسبهم وأجنداتهم”.
وحث هاري على ضرورة فضح هذا “النشاط الإجرامي” للمصلحة العامة، مؤكدا أن بريطانيا وشعبها يستحق معرفة عمق ما حدث وما يحدث بالفعل، لتحسين الواقع الراهن.
وأضاف: “يُحكم على بلدنا عالميا من خلال حالة صحافتنا وحكومتنا، وأعتقد أن كلاهما في الحضيض، فالديمقراطية تفشل عندما تفشل صحافتك في التدقيق ومساءلة الحكومة”.
ويعد هاري أرفع شخصية ملكية في العصر الحديث تقف أمام المحكمة في منصة الشهود، منذ القرن التاسع عشر.
ويقاضي الأمير هاري وثلاثة آخرون المجموعة المالكة لصحيفة ذا ميرور البريطانية، زاعمين أن معلومات عنهم جُمعت بطريقة غير مشروعة لأغراض صحفية.
ويتهم جميعهم صحفيين من ديلي ميرور وصنداي ميرور وذا بيبول باستغلال فجوة أمنية للولوج إلى رسائل البريد الصوتي الخاصة بهم والاستماع إلى الرسائل التي تركها الأصدقاء والعائلة.
سبق وأن اعترفت المجموعة المالكة لصحيفة ذا ميرور البريطانية بحدوث اختراق للهاتف وجمع بعض المعلومات عن الأمير بشكل غير قانوني، لكنها تقول إنه لم يحدث في الحالات المذكورة.
وفي حال فوز الأمير هاري والمدعون الآخرون في دعواهم، فسوف يستخدمها القاضي لتحديد مبلغ مالي نظير الأضرار، يمكن أن تدفعه المجموعة الصحفية في قضايا أخرى من مشاهير آخرين.
Comments are closed.