انتخابات الكويت 2023: هل يتحقق الاستقرار السياسي بين الحكومة والبرلمان؟
يتوجّه الناخبون الكويتيون إلى صناديق الاقتراع يوم الثلاثاء 6 يونيو/حزيران الجاري لاختيار 50 نائبا في مجلس الأمة، وذلك في الانتخابات الثانية خلال الأشهر التسعة الماضية.
ومن المفترض أن يختار الناخبون الكويتيون ممثليهم في الندوة البرلمانية بعد أن صدر مرسوم أميري في بداية شهر مايو/أيار الماضي بحلّ المجلس الحالي.
ويناهز عدد الناخبين 792 ألف ناخب وناخبة، بينما بلغ عدد المرشحين 207 من بينهم 13 امرأة، بعد تنازل 40 شخصاً عن ترشّحهم.
ويتوزّع المرشحون على خمس دوائر انتخابية، كل دائرة يمثلها عشرة نوّاب يتم انتخابهم بنظام الصوت الواحد الذي بدأ العمل به منذ عام 2013 بعد أن كان يحق للناخب أو الناخبة الكويتية التصويت بأربعة أصوات.
ويأمل الشعب الكويتي، ككل مرّة، أن تحقّق هذه الانتخابات استقراراً سياسياً بين الحكومة والبرلمان، وأن تساهم في إنهاء الأزمات المتلاحقة على مدى السنوات الماضية.
مجلس الأمة: مشهد معقّد
مجلس الأمة الذي تم حله في بداية شهر مايو/أيار الماضي، والذي رأسه مرزوق الغانم (مجلس أمة 2020) جاء بدلاً من مجلس أمة 2022 الذي كان يرأسه أحمد السعدون، والذي تم إبطاله بعد أن حكمت المحكمة الدستورية في شهر مارس/آذار الماضي ببطلان انتخابات مجلس الأمة لعام 2022 التي جرت في شهر سبتمبر/أيلول من ذلك العام، وبإعادة المجلس المنتخب عام 2020.
- انتخابات مجلس الأمة الكويتي بعيون الشباب
- مجلس الأمة الكويتي: لماذا لم ينتخب الكويتيون أي امرأة لتدخل مجلس الأمة؟
وذكرت المحكمة الدستورية في قرارها، أنها قضت بإبطال عملية الانتخابات برمتها في الدوائر الخمس، وبعدم صحة من أعلن فوزهم فيها، وباستعادة المجلس المنحل سلطته الدستورية من تاريخ صدور الحكم كأن الحلّ لم يكن.
وجاء قرار المحكمة الدستورية بعد تفاقم الوضع بين مجلس أمة 2022 والحكومة، وخروجه عن السيطرة، ما شلّ الحركة السياسية والإدارية في البلاد خاصة فيما يتعلق بالبت في ملفات عدة يعوّل عليه الكثير من الكويتيين، وفي مقدمتها ملف الإسكان.
وقبله وضعٌ مشابه بين الحكومة الكويتية ومجلس أمة 2020 أدّى إلى صدور مرسوم أميري بحلّ المجلس في أغسطس/آب عام 2022.
الصورة قد تبدو معقّدة لكثيرين، لاسيما في السنوات الأخيرة التي تفاقمت فيها الأزمة السياسية بين السلطات التشريعية والتنفيذية المتعاقبة.
لكن، وفي نظرة ليست ببعيدة إلى الوراء، إذا احتسبنا عدد مجالس الأمة التي تم انتخابها منذ 20 عاما أي منذ عام 2003 وحتى اليوم، فإننا نجد أنه تم انتخاب 10 مجالس أمة، بمعنى آخر، 10 مجالس أمة في غضون 20 عاماً، أي بمعدّل مجلس واحد كلّ عامين، في وقت من المفترض أن تدوم فترة عمل المجلس أربعة أعوام.
غير أن الكاتبة والصحافية في موقع منشور، ياسمينا الملا، قالت في مداخلة مع بي بي سي نيوز عربي إن إكمال المجلس لمدته لا يعني بالضرورة نجاحه، معتبرة أن مجلس أمة 2016 أكمل مدته، إلّا أن إنجازاته كانت “سطحية”، على حدّ تعبيرها.
استمرار الصراع: دليل عافية أم عدم استقرار؟
كثرة الدعوة إلى الانتخابات في السنوات الأخيرة، أثارت حالاً من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. فالناخب الكويتي يتوجّه دوما إلى صناديق الاقتراع بنيّة اختيار ممثّليه، لكنه يصطدم في نهاية المطاف بكثير من خيبات الأمل.
واعتبرت المحامية والناشطة الحقوقية، نيفين معرفي، في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي أن الحماس يطغى على خيارات الناخبين الكويتيين خلال ممارستهم لحقهم الانتخابي، لأنهم راغبون في التغيير ولديهم آمال كبيرة بأن تستقر الأوضاع السياسية في الكويت.
إلا أن البعض يرى في حال عدم الاستقرار هذه، دليلًا على عافية الحياة السياسية، ولاسيما الديمقراطية، التي تُمارس في الكويت في مناخ منفتح نسبيًا مقارنة بمحيطها الخليجي.
فبرأي هؤلاء، يعد التصادم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أمرا صحيا، ودليلا على أن الممارسة الديمقراطية تسير بشكلها الصحيح من دون أي ضغوط من هنا أو عوائق من هناك.
“الخلافات واجبة لبناء الوطن” يقول فيصل خليفة الصوّاغ وهو رئيس الاتحادين الكويتي والعربي للإعلام الإلكتروني.
فبرأيه، الصراع الحاصل لا يمكن وضعه في خانة الأزمة لأن ما يجري هو رقابة فعلية لعمل السلطة التشريعية، وهذا أمر صحي، وفق ما قاله لبي بي سي نيوز عربي. النائب السابق في مجلس الأمة، علي سالم الدقباسي، يرى الأمر من الزاوية عينها، إذ قال لبي بي سي نيوز عربي إن التصادم النيابي الحكومي مظهر من مظاهر التميّز في الكويت.
في المقابل، يرى رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام، د.فهد الشليمي، أن الحكومة مادة سهلة “للهضم والاستجوابات” بحسب ما قاله لبي بي سي نيوز عربي.
وأضاف: “على الحكومة أن تستعيد ثقتها مع المواطن الكويتي، ففي يدها الحل لكثير من الملفات كملفات الإسكان وزيادة الرواتب وترشيد الإنفاق”.
الديمقراطية في الكويت نعمة أم لعنة؟
تعتبر التجربة البرلمانية في الكويت من أقدم التجارب الخليجية، إذ تشكّل أوّل مجلس نيابي منتخب عام 1963 بعد حصول الكويت على استقلالها عام 1961.
لكن كثيرين يعتبرون أنه يتم استخدام الديمقراطية في الكويت بشكل سيء، وإلا لكانت البلاد شهدت حالا من الاستقرار السياسي.
رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام، د.فهد الشليمي، يرى أن الشعب الكويتي لم يحدّد هويته الديمقراطية حتى اليوم، داعيًا إلى تطوير العمل الديمقراطي من خلال تقييم التجربة الديمقراطية وإعادة إنتاجها من جديد.
بدورها، تؤكّد المحامية والناشطة الحقوقية، نيفين معرفي، أن كثيرين يستغلون الديمقراطية ويتحرّكون تحت ستارها، لكن ذلك لا يعني برأيها التخلّي عنها، لأنها أساس الدستور الكويتي.
وفي مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي، اعتبر رئيس حركة مستقبل وطن الكويتية أيضا أن الديمقراطية يُساء استخدامها.
وقال: “الخلافات جعلت المواطن الكويتي يكره الديمقراطية لكننا لن نتخلى عنها لأنها ميزة تتمتّع بها الكويت”.
أما الكاتبة والصحافية في موقع منشور، ياسمينا الملا، فقد أكّدت أن الديمقراطية لا تقتصر على العمل السياسي والبرلماني فحسب، بل تشمل حرية التعبير وحقوق الإنسان واستقلالية القضاء وهي أمور تتمتع بها الكويت في محيطها الخليجي.
واعتبرت أن تصحيح الخلل في الممارسة الديمقراطية يتحقق عبر التعاون الجاد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وعبر تغيير قانون الانتخاب، إذ أن نظام الصوت الواحد يساهم برأيها في تعزيز العمل الفردي وفي إلغاء العمل الجماعي، وهو ما ليس في مصلحة الكويت والكويتيين بحسب تقديرها.
Comments are closed.