انتقادات عديدة تلقاها اللاعب المصري محمد النني خلال مسيرته في ملاعب كرة القدم خاصة من جمهور الكرة المصرية، وصلت لحد التنمر، وبلغ الأمر ذروته خلال مشاركته مع منتخب بلاده في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة، وأيضا خلال مباراتي تصفيات كأس العالم 2022 أمام السنغال.
لكن النني، البالغ 29 عاما، رد على منتقديه في الميدان بأداء قوي خلال مشاركته مؤخرا في أربع مباريات مع فريقه أرسنال في الدوري الإنجليزي الممتاز – البريميرلييغ – والتي لعبها كاملة بعد أن ظل على مقاعد البدلاء لفترات طويلة خلال الموسم الجاري.
قبل 20 إبريل/نيسان الماضي، عندما واجه أرسنال تشلسي على ملعب ستامفورد بريدج، لم يكن اللاعب قد ظهر ضمن تشكيل فريقه منذ بداية العام الجاري – حين شارك مع الفريق في مباراته أمام مانشستر سيتي في البريميرلييغ لمدة ست دقائق فقط – كما لم يلعب تسعين دقيقة كاملة ضمن صفوف أرسنال، هذا الموسم، سوى ثلاث مرات منهم مباراتان في كأس رابطة المحترفين الإنجليزية.
وبصورة عامة، بدا هذا الموسم وكأنه الأخير لمحمد النني مع أرسنال، حيث ينتهي عقده مع النادي اللندني هذا الصيف، إذ لم يشارك إلا لدقائق معدودة في سبع مباريات من إجمالي 35 مباراة رسمية للغانرز في الموسم الجاري.
كما تسببت الإصابة في غياب النني لبعض الأسابيع مع بداية الموسم الجاري، عندما أصيب بالتهاب في أوتار الركبة خلال مباراة ودية لفريقه أمام برينتفورد.
وأمام تقلص فرص اللعب الدائم للاعب المصري، فإن عروضا قد وصلته من عدة أندية خاصة، بحسب تصريحات للنني لبرنامج “ريمونتادا” الذي يعرض على إحدى القنوات المصرية، والذي يقدمه لاعب الكرة السابق أحمد حسام ميدو.
ويقول حمدي الحسيني، نائب رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي، لبي بي سي إن النني يؤدي ما يقدمه المدرب بالتزام كامل وهذا ما يميزه.
نقطة تحول
في مباراة فريقه أرسنال أمام تشلسي في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهي مباراة كانت مؤجلة من الجولة 25 من المسابقة، شارك الدولي المصري منذ البداية وحتى الدقيقة الأخيرة في المباراة التي انتهت لصالح الغانرز بأربعة أهداف لهدفين، إذ دفع به المدرب أرتيتا لتعويض غياب زميله المصاب توماس بارتي.
وشهدت المباراة تألق النني الذي كان حتى موعد قريب يعيش فترة عصيبة، خاصة بعد الاخفاق في كأس الأمم الأفريقية وتصفيات كأس العالم.
فقد خسر المنتخب المصري نهائي كأس أمم أفريقيا 2021 – في الكاميرون مطلع العام الحالي – وهو النهائي الثاني الذي لا يحالفه فيه التوفيق مع منتخب بلاده بعد ضياع لقب نسخة الغابون أمام الكاميرون في النهائي، وبعد بداية غير جيدة في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة ارتفع مستوى النني تدريجيا خلال البطولة، إلى أن حصل على جائزة أفضل لاعب بعد مباراة كوت ديفوار في دور الستة عشر، لكن هذه المباراة التي انتهت بركلات الترجيح شهدت رفض النني تسديد إحدى الركلات لتطارده سهام الانتقاد والتنمر عبر صفحته الرسمية بموقع فيسبوك.
مع هذا لم يلتفت النني لم قيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي من بعض الجماهير المصرية، وفي نهاية كأس أمم أفريقيا اُختير في التشكيل المثالي للبطولة الذي أعلن عنه الاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
يقول محمد النني، في تصريحات لتلفزيون أرسنال عقب انتهاء أمم أفريقيا الأخيرة والعودة للندن :”كنت آمل أن نفوز بكأس أمم أفريقيا ولو لمرة واحدة، فلا يوجد لاعب في المنتخب الحالي حقق هذه الكأس الهامة جدا لنا في مصر، لقد قدمنا كل شيء في البطولة ولكننا خسرنا بركلات الترجيح، والفوز بها يحدده القدر، لقد كنا منكسرين بعد النهائي ولكن استقبال الجمهور لنا قلل بعض الشيء من وقع الخسارة…”.
تمكن محمد النني من إعادة تقديم نفسه مجددا مع ناديه وأصبح ضمن الأحد عشر لاعبا الذين يبدأون مباريات الغانرز في البريميرلييغ، حيث شارك في مواجهة فريقه أمام مانشستر يونايتد في الجولة 34 والتي فاز فيها أرسنال 3-1 وكذلك في مباراة فريقه أمام وست هام والتي أنهاها الغانرز لصالحه 2-1.
وواصل النني تألقه في مباراة فريقه مع ليدز يونيتد يوم الأحد، والتي حسمها الأرسنال لصالحه بهدفين مقابل هدف. وشارك النني في المباراة كأساسي وخاض اللقاء بأكمله مقدما أداءً جيدا نال استحسان النادي الإنجليزي وجماهيره.
وتقديرا لأداء اللاعب المصري غرد أرسنال بمجموعة صور لمشاركة النني في اللقاء:
ويقول ناصر النني والد اللاعب، لبي بي سي، إن نجله يتمتع بالعزيمة والإصرار منذ زمن، إنه يضع دائما في ذهنه ضرورة أن يكون جاهزاً تماما لأي فرصة للمشاركة، ولذلك حين طلب منه مدربه ميكيل أرتيتا أن يلعب في المباريات الأخيرة كان جاهزاً ولعب ٩٠ دقيقة بكفاءة أمام فرق كبيرة مثل تشلسي ومانشستر يونايتد.
وفيما يتعلق بالتنمر الذي تعرض له محمد النني يقول: “التنمر شئ لا يزعج محمد لأنه لاعب لديه طموح ويركز على هدفه دائما، وهؤلاء الذين يتنمرون يعطون محمد حسنات كثيرة، ومنهم من لم يلعب كرة أصلا”.
وعن قدرة اللاعب على تحمل هذا القدر من الانتقاد، يقول حمدي الحسيني: “يعود ذلك إلى استفادة اللاعب بشكل كبير من تجربة احتراف أوروبية طويلة منذ عام 2013 في بازل السويسري ثم أرسنال الإنجليزي مرورا بالفريق التركي بشكتاش على سبيل الإعارة..ثم العودة لأرسنال، كل هذه التجارب انعكست بالإيجاب على شخصيته التي باتت قوية ولا تنكسر أمام كل تلك الانتقادات”.
وانضم محمد النني إلى أرسنال قادما من بازل السويسري في يناير /كانون الثاني من عام 2016 عندما كان الفرنسي أرسين فينغر مدربا للغانرز، وقضى موسم 2019-2020 معارا ضمن صفوف بشكتاش التركي.
وبعدما تردد عن قرب رحيل اللاعب عن قلعة المدفعجية، فإن التألق الأخير للاعب وإشادة المدرب أرتيتا بأداءه داخل وخارج الملعب يؤشر إلى أن النني قد يبقى مع أرسنال لفترة أخرى خاصة أنه صرح سابقا بأنه مستعد للبقاء ضمن صفوف الفريق وحتى وإن لم يضمن اللعب أساسيا.
وبدأ محمد النني مسيرته مع الأهلي المصري منذ الخامسة من عمره ثم انتقل لناشيء المقاولون العرب وهو في عمر السادسة عشر لينضم سريعا للفريق الأول قبل أن يبدأ رحلة الاحتراف خارج مصر مع بازل السويسري في يناير/كانون الثاني عام 2013.
يروي النني في حديثه لأحمد حسام ميدو، في برنامجه “ريمونتادا” كيف كانت تصحبه والدته وهو طفل صغير إلى النادي الأهلي من مدينة المحلة الكبرى إلى القاهرة، حيث كانت تبدأ يومها في الثالثة فجرا لكي تصطحبه إلى القاهرة من أجل اللحاق بالتدريب في العاشرة صباحا، وما انطوى عليه ذلك من السير في طرق وعرة ثم ركوب القطار، الأوفر اقتصاديا، وانتظار حافلة النقل العام، لأن الوضع المادي لا يسمح سوى بهذه الوسيلة، حتى يتمكنا من العودة بعد انتهاء التدريب إلى منزلهم.