مصطفى الكاظمي: هل يدفع حادث محاولة الاغتيال العراق إلى هاوية سياسية وأمنية؟ – صحف عربية
أدان كتّاب في صحف عربية محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في هجوم بطائرات مسيرة على مقر إقامته في المنطقة الخضراء المحصنة في العاصمة بغداد.
وحذر بعضهم من سقوط العراق مجددا في هاوية الصراعات، بينما حمّل بعضهم الميليشيات الموالية لإيران مسئولية الحادث.
وجاءت محاولة الاغتيال بعد يومين من اشتباكات عنيفة في بغداد بين قوات الحكومة وأنصار أحزاب سياسية مدعومة من إيران خسرت عشرات المقاعد في البرلمان في الانتخابات العامة التي جرت في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول.
“تدهور أمني سريع”
قال فاتح عبدالسلام، في صحيفة “الزمان” العراقية: “لا يمكن النظر إلى محاولة اغتيال رئيس الحكومة من منظار الصدفة الانفعالية الظرفية لتصعيد تظاهرات أو لتداعيات انتخابات أو تظلم ما، فالهدف هو ضياع البورصة وخلط الأوراق كنوع من الصدمة التي تأتي بعدها صفحات أخرى يكون مخططا لها بحسب من يريد وضع البلد على حافة الهاوية”.
وأضاف الكاتب: “قرار الاغتيال هو الصفحة الأولى من الانقلاب الفوضوي ولا أقول العسكري، وإن المحاولات ستتكرر نحو أهداف أخرى، ما دامت اللادولة طليقة، والدولة المرجوة والمتوقعة رهن الاعتقال التعسفي بأسماء شتى منها دستور معطل وقوانين محّنطة وتوافقات وإرادات إقليمية ودولية ضاغطة”.
وقال حمادة فراعنة، في “الدستور” الأردنية: “محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي واستمرارية الاحتجاجات المنظمة من قبل أدوات إيران، رسائل ضاغطة لإلغاء نتائج الانتخابات، ورفض خيارات العراق العربية، ومنع تطلعاته لاستعادة دوره ومكانته لدى المجموعة العربية، خاصة بعد الاتفاق الثلاثي بين بغداد وعمان والقاهرة، وخشيتهم للتمدد نحو دمشق والخليج العربي”.
وقالت صحيفة “عكاظ” السعودية في مقال بعنوان “المليشيات الولائية تنشر الفوضى في العراق”: “تشي الملامح الأولية لمحاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس (الأحد)، إلى تورط المليشيات ‘الولائية’، خصوصا الكتل الغاضبة من نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد إخفاقها وتراجع حظوظها”.
وحذرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية من أن الوضع في العراق “يتدحرج نحو تدهور أمني سريع، نتيجة الانسداد السياسي الذي تسبّبت به الانتخابات المبكرة المثيرة للجدل، بعدما عمّقت الانقسامات بين أطياف الشعب، وسمحت بنفاذ القوى الخارجية، ولا سيما أميركا والسعودية والإمارات، إلى الداخل العراقي”.
وأشارت الصحيفة إلى أن محاولة اغتيال الكاظمي وقبلها إطلاق الرصاص على المتظاهرين في المنطقة الخضراء جاءت لتضاعف “خشية العراقيين من دخول البلاد مجددا في دوامة الفوضى الأمنية وعدم الاستقرار، مع استمرار الصراع الناتج من شكل الحكم وهوية الحاكمين وامتداداتهم الداخلية والخارجية”.
وقال حمزة الخنسا، في الصحيفة ذاتها: “تقدم المشهد العراقي خطوة إضافية نحو ‘المربع الأحمر… ما أُعلن فجْر أمس عن محاولة لاغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، باستهداف منزله بطائرات مسيرة، وُضِع سريعا في سياق التدافع والتجاذبات السياسية بين القوى والأحزاب، وأضيف إلى كومة الملفّات الخلافية بينها”.
“اغتيال العراق”
وقالت صحيفة “العرب” اللندنية: “خسرت الميليشيات الموالية لإيران في العراق، بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي نفذتها ضد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كل فرص القبول بها كجزء من الحكومة المقبلة. وأدرك الكاظمي، إنْ بقي على رأس الحكومة، أن فرص المساومات مع الجماعات الولائية لم يعد لها مكان وأنه تساهل معها بما فيه الكفاية حتى كادت تقتله”.
ويرى عبد الله بن بجاد العتيبي، في “الاتحاد” الإماراتية أن الكاظمي “شكّل للشعب العراقي بارقة أمل في إمكانية أن يعود العراق ليصبح دولة مستقلة ذات سيادة تفرض هيبتها على كامل أراضيها، وترفض ‘الاحتلال’ و’الاستعمار’، أياً كانت الدولة التي تقف خلفه، غربية كانت أم شرقية، قريبة أم بعيدة، والشعب العراقي قال كلمته في الانتخابات الأخيرة”.
وتقول افتتاحية “الخليج” الإماراتية: “محاولة الاغتيال التي تعرض لها صباح أمس، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بواسطة طائرة مسيّرة، لا تستهدفه في الحقيقة كشخص فقط، إنما تستهدف اغتيال العراق، وإدخاله مجددا في أتون الحرب الأهلية، وإثارة فتنة لا تبقي ولا تذر، وتقضي على ما تبقى من عافية لهذا البلد العربي المنكوب بسياسييه ومعظم أحزابه وميليشياته، من جراء بلاء الطائفية والمحاصصة الذي زرعه الاحتلال الأمريكي، واستهوى بعض القوى التي اعتبرته مغنما لا تتنازل عنه، ووسيلة تمارس من خلاله كل أساليب الهيمنة والسيطرة والفساد”.
وأضافت: “لعل هذه المحاولة الإرهابية تفتح أعين العراقيين وتبقيهم في حالة يقظة وحذر تجاه ما يهدد وطنهم من مخاطر … ويدخل في نهر من الدم، أو أن يتحول إلى لقمة سائغة في أشداق المتربصين به شراً والطامعين بثرواته”.
وتبنت افتتاحية “القدس العربي” اللندنية رأيا مشابها إذ قالت “يعتبر الهجوم على مقر الكاظمي، مع ذلك، اختراقا للخطوط الحمراء، وإشارة إلى أن القوات التي ساهمت في مواجهة تنظيم ‘الدولة تحوّلت من حام للدولة والمنظومة السياسية العراقية إلى تهديد لهما، وإذا لم يكن بإمكان الميليشيات تغيير نتائج الانتخابات، فهي تظهر أنها قادرة على تهديد كل المنظومة التي صنعت الانتخابات”.
وحذر عثمان المختار، في “العربي الجديد” اللندنية، من أن “محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرّض لها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فجر أمس الأحد، تستلزم ترقب المزيد من التطورات في المشهدين الأمني والسياسي المرتبكين في البلاد”.
وأشار الكاتب إلى أن محاولة الاغتيال “بوصفها محاولة قتل للكاظمي”، يُتوقع أن تُستثمر سياسيا لصالح القوى الفائزة في الانتخابات “مقابل تضييق مساحة الحركة على القوى المعترضة والرافضة لنتائج الانتخابات، تحديدا تحالف ‘الفتح’، الجناح السياسي لفصائل ‘الحشد الشعبي’، الذي يتصدر الحراك الاحتجاجي منذ أسابيع في محيط المنطقة الخضراء. كما يُتوقع أن يُفتح ملف خروج القوات الأميركية القتالية المقرر من البلاد نهاية العام الحالي، ومدى إمكانية القوات العراقية الحفاظ على استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد بمفردها”.
Comments are closed.