“استعباد جنسي ومساجد مدمرة” في مناطق سيطر عليها إسلاميون في موزمبيق
على مدى السنوات الأربع الماضية هجر العديد من السكان القرى والبلدات في مدينة كابو ديلغادو، في موزمبيق، واستطاعت وحدة عسكرية قوامها ألف جندي من القوات الرواندية طرد مسلحين إسلاميين منها الشهر الماضي.
ولا تزال الأبنية مهدمة، والأسقف منهارة، فضلا عن آثار القصف أو الانفجارات، كما تداعت الجدران ونمت أعشاب داخل مساكن كان تؤوي أصحابها في يوم من الأيام.
كنت واحدة من مجموعة صحفيين رصدوا، لأول مرة، حجم الدمار الذي خلفه بعض المسلحين الإسلاميين، المعروفين لدى السكان المحليين بالاسم العربي “الشباب”.
وهؤلاء المسلحون لا تربطهم أي صلة بالجماعة المعروفة التي تحمل نفس الاسم ومقرها الصومال، ويقال إنهم ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال الكولونيل رونالد رويفانغا، المتحدث العسكري الرواندي: “إنه انتماء أيديولوجي بدرجة أكبر”.
أخذتنا القوات الرواندية في جولة داخل المنطقة، متبعة الطرق التي سلكتها خلال الأسابيع القليلة الماضية.
انتقلت إحدى المجموعات من بالما في الشمال، التي كانت مسرحا لهجوم استهدف فندقا قُتل فيه العشرات في مارس/آذار الماضي، وعُثر في وقت لاحق على بعض الضحايا مقطوعي الرأس وكانت أياديهم مقيدة خلف ظهورهم. وقد دفع الهجوم عملاق الطاقة الفرنسي “توتال” إلى إغلاق مصنع للغاز الطبيعي هناك.
وتقدمت مجموعة ثانية من غرب المنطقة مع تحرك كل من الفرقتين التابعتين للقوات الرواندية نحو مدينة موسيمبوا دا برايا الساحلية، والتي سيطرت عليها في 8 أغسطس/آب الماضي، حيث قطعت القوات البحرية الموزمبيقية الوصول إلى البحر.
وقال الكولونيل رويفانغا إنهم واجهوا كمائن ومناوشات على طول الطريق، بعد أن فر المسلحون جنوبا باتجاه غابات حديقة “كيريمباس” الوطنية مع أسراهم وضحاياهم.
وأضاف أن نحو 100 مسلح قُتلوا وفقدت رواندا أربعة أفراد من قواتها في الهجوم.
وفي المقرات العسكرية والروحية للإسلاميين في مباو، بدا أن العديد من المنازل قد هُجرت لفترة أطول بسبب تدهورها، وقال الجنود إنهم وجدوا مخابئ هناك.
- أمهات في موزمبيق يتحدثن عن مسلحين “قطعوا رؤوس” أطفالهن
- تنظيم الدولة الإسلامية: هل ظهر في موزمبيق وهل أرسلت قوات أمريكية إليها؟
مساجد دُمرت
سمعنا في مدينة واحدة فقط، كويتوندا، أصوات الأطفال المفعمة بالحيوية وهم يلعبون كرة القدم، ورأينا رجلا في الثمانينيات من عمره، جلس على جذع شجرة، يشاهد المباراة.
قال لي: “لا نعرف ماذا يريد المتمردون. دمروا مساجدنا وهاجموا الكنائس”.
كان الرجل قد قصد المكان بعد أن سمع أن المسلحين قد غادروه.
يرغب الرجل في العودة إلى منزله في مدينة موسيمبوا دا برايا الساحلية، لكنها خربة، إذ لم تسلم أي بناية رأيتها هناك من آثار سنوات من القتال.
وفي مهبط للطائرات بالبلدة، أظهر لنا جنود روانديون الأسلحة التي استعادوها من المسلحين، معظمها بنادق كلاشينكوف إيه كيه-47، وطُلي بعضها بأسماء مقاتلين كانوا يمتلكونها ذات يوم على الأرجح.
كما عثر الجنود على قذائف صاروخية وأسلحة مضادة للطائرات.
قابلنا هناك أيضا أسير حرب، صياد سابق يبلغ من العمر 18 عاما، أخبرني أن مقاتلين أسروه وجنّدوه بالقوة.
استعباد جنسي
كانت بعض النساء اللواتي أنُقذن من الأسر أكثر صراحة، والتقينا بهن في بيمبا، التي فر منها كثيرات.
أخبرتني أم لستة أطفال أنها أخُذت من مزرعتها مع ثلاثة من أطفالها الصغار، وأُجبروا على المشي لمدة أسبوع على الأقل بفترات استراحة قصيرة.
وقالت: “كانوا يضربون الأطفال إذا اشتكوا من التعب”.
واحتفظ المسلحون بالسيدة مدة تجاوزت العام بهدف الاستعباد الجنسي.
أثناء حديثنا، أرضعت طفلها الذي حملته وولدته أثناء وجودها في الأسر.
وقالت لي: “لم يكن هناك ما يكفي من الطعام أو أي إمدادات أخرى”.
استطاعت السيدة وأخريات الفرار عندما حلقت مروحيات فوقهم في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي دفع المقاتلين إلى الفرار.
أخبرتني أسيرة سابقة أخرى، تبلغ من العمر 24 عاما، أنها شاهدتهم يقتلون امرأتين حاولتا الفرار.
زرع المسلحون الخوف وعدم الثقة بينهن، وكانت بعض الأسيرات يبلغن بعضهن بعضا إذا سمعن عن خطط للفرار.
أخبرتني أن المسلحين كانوا ينشطون في الليل، ويجبروهن على النوم أثناء النهار.
كانوا يأخذون النساء إلى القرى التي يسيطرون عليها لجني الطعام، معظمه من نبات الكسافا. لكنها كانت بالكاد تكفي لإطعام المقاتلين وأسراهم.
وتوسلت لي قائلة: “أرجوكم تقديم المساعدة لإنقاذ أولئك اللواتي مازلن في الأسر”.
ترغب السيدة في العودة إلى المنزل لزوجها وأطفالها، لكنها لا تعرف كيف سيكون رد فعلهم. لن تكون حياتها كما كانت عليه ابدا.
وتتمركز قوات موزمبيق حاليا في المناطق التي احتلها المتشددون مؤخرا، ويلاحظ المرء كيف أن الجيش الرواندي مجهز ومنسق بشكل جيد بالمقارنة.
وفي بيمبا، سألت الرئيس الرواندي، بول كاغامي، أثناء زيارته عن تكلفة العملية، التي مولتها حكومته كما قيل لنا.
أجاب: “إنها مكلفة في الحقيقة، لذا نحتاج إلى مزيد من الدعم”.
ويتعرض الرئيس لانتقادات بسبب الطريقة التي يتعامل بها مع المعارضة في رواندا، لكنه أصبح بطلا في موزمبيق.
فخلال مناسبة نظمتها الحكومة، لوح سكان محليون بالأعلام وصور له.
وتحث حكومة موزمبيق المواطنين على العودة إلى ديارهم.
وسوف تبقى القوات الرواندية في كابو ديلغادو حتى ينتهي تسكينهم.
وعلى الرغم من أن المتشددين في موقف ضعيف على الأرجح، إلا أن السكان يخشون من أن الصراع لم ينته بعد.
Comments are closed.