إختتام تساعية الصلاة من أجل السلام بقداس وتطواف بالقربان.. المطران روحانا: السلام الذي يعطيه العالم ناتج عن استقواء الأقوياء والمتجبرين على الضعفاء

ترأس راعي أبرشية صربا المارونية المطران بولس روحانا يعاونه لفيف من الكهنة في كنيسة مار تقلا – جل الديب، قداس ختام تساعية ” الصلاة من أجل السلام في لبنان والمنطقة والعالم”، التي نظمتها جمعية أصدقاء مريم ملكة السلام – عائلة مديوغوريه في لبنان، والذي شارك فيه حشد من المؤمنين من مختلف المناطق اللبنانية وخدمته جوقة أصدقاء مريم ملكة السلام بقيادة غبريال صاصي.

العظة

بعد تلاوة نص “التطويبات” من إنجيل متى ألقى المطران روحانا عظة تمحورت حول عيش التطويبات كخارطة طريق لبلوغ السلام المنشود والصعب المنال وقال: “”ها أنا معكم، يا أصدقاء مريم ملكة السلام ويا عائلة مديوغوريه في لبنان، أرأس القداس الإلهي في تساعية صلاة وصوم أقمتموها، كما في كل سنة للإحتفال بعيد مريم ملكة السلام، كما عرفت عن نفسها في أول ظهوراتها في مديوغوريه في الخامس والعشرين من شهر حزيران عام 1981، أي منذ ثلاث وأربعين سنة”.

أضاف: الكلام عن السلام هو جوهري ومحوري في حياة الناس عموما، وفي حياة المؤمنين خصوصا، إنّما السلام هو أنشودة ننشدها ليل نهار لكن الحصول عليه وتحقيقه يتطلب الجهد الإنساني والروحي الكبير، ولا نستطيع الوصول إليه إلا بالتعاون مع الرب”.

وتابع: ” يقول البابا بنديكتوس 16 في الإرشاددالرسولي “الكنيسة في الشرق الأوسط”،في العدد التاسع، حيث يتحدث عن السلام في الكتاب المقدس، إن السلام يعني الكمال، أي الشيء الذي هو بدون عيب؛ ويتابع “السلام هو حال الإنسان الذي يعيش بتناسق وانسجام مع الله أولا، ومع ذاته ثانيا، ومع القريب ومع الطبيعة. فقبل أن يكون السلام أمرا خارجيا، هو أمر داخلي، هو بركة، هو أن انشد واقعا أتمناه، وفي الشرق بقدر ما يتوق الإنسان إلى السلام، أصبح هو التحية العادية بيننا، فوي الشرق الأوسط نحيي بعضنا بقول: السلام عليكم”.

وأردف: “علينا إذن أن نسعى لبلوغ هذا السلام بالتناسق والإنسجام مع الله ومع الذات ومع القريب ومع الطبيعة، وهذا هو التحدي الكبير؛ أمّا العظة على الجبل، هذا الإنجيل الذي اخترته اليوم، يمكن أن يكون بالنسبة إلينا خارطة طريق للوصول إلى هذه الحالة من السلام”.

أضاف: “في التطويبات يعطينا يسوع علامات، كيف نسعى لنحقق السلام الذي نحن نتوق إليه؛ فبطولة أن يرحم الإنسان الآخرين، وأنقياء القلوب هم أبطال السلام. طوبى لفاعلي السلام أي الذين يسعون لأن يحلوا السلام حولهم، لأنهم سيدعون أبناء الله. والسيد المسيح في الإنجيل وفق يوحنا يقول: “السلام أستودعكم، سلامي أعطيكم، لا كما يعطيه العالم أنا أعطيكم، لا يضطرب قلبكم ولا يخف. المسيحي يسعى ليدرك الفرق بين السلام الذي يعطيه المسيح والسلام الذي يعطيه العالم”. وسأل: “ما هي مسيرتنا كمؤمنين مع سلام المسيح؟” وأجاب: “تبدأ مسيرتنا مع سلام المسيح في قلوبنا عندما يشعر كل منا أنه مختار ومدعو من قلب الرب يسوع ليكون تلميذا رسولا له. بهذه الطريقة الرب يسوع يشركنا، من خلال التتلمذ له، بشرعة الإنجيل، بالعظة على الجبل، بكل هذه التعاليم الجميلة، التي كلما تمرسنا عليها تمدد قلبنا ويتسع للآخرين ويحقق يوما بعد يوم السلام الداخلي”.

وقال: “عندما يختارنا الرب كي نكون له تلاميذ كما فعل قديما مع الرسل الإثني عشر، لا يختار أناسا كاملين أو قديسين من اللحظة الأولى، بل يختار الرب أناسا عاديين، ضعفاء، يشتركون في هشاشة الطبع البشري مثل سمعان بطرس الذي كان له دور أولي في الكنيسة ولكنه أنكر المسيح، ويعقوب ويوحنا، أصحاب تصور للسلطة لا ينسجم مع تعليم يسوع حول السلطة التي هي خدمة، ومتى العشار الذي كان يجبي الضرائب بشكل ظالم، وتوما الذي شك بقيامة الرب، ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلم يسوع؛ لذا لا يمكننا أن نكون فاعلي السلام ما لم نتتلمذ على شرعة الإنجيل”.

وتابع: “هذا هو التتلمذ الرسالي الذي تقدس به القديسون الذين نعرفهم، وبهذا التتلمذ الرسالي  إستشهد الشهداء حبا بالمسيح، فالقديس لا يرتجل، والشهيد لا يرتجل، بالتتلمذ الرسالي على شرعة الإنجيل نصبح قديسين وشهداء حتى بذل الذات”. وقال: “الرب يسوع يريدنا جماعة، وليس أفرادا متناثرين، يريدنا جماعة متضامنة، علينا أن نتتلمذ على الصعيد الفردي وعلى صعيد الجماعة: هذا هو رونق الكنيسة، نحن جسد”.

وأردف: “بدون هذا التتلمذ أيها الأحبة تصبح الكنيسة فريسة تكتلات بشرية تقودها وتحكمها، الغيرة بين الناس، والحسد والكيدية والأنانيات والجشع المالي والتمييز بين الفقراء والأغنياء، وبالتالي لا يكون في هذه الكنيسة سلام المسيح، بل يحل مكانه السلام الذي يعطيه العالم، وهو سلام ناتج عن استقواء الأقوياء والمتجبرين على الضعفاء بمالهم وترساناتهم العسكرية وأحلامهم التوسعية بعيدا عن العدل والإنصاف والمساواة والحرية وكرامة الشخص البشري”.

وقال: “رسالة مريم في مديوغوريه عن السلام، وهي ملكة السلام، بالغة الأهمية، فطالما لا يسعى الإنسان إلى أن يكون تلميذا حتى ينظف وينقي قلبه من الضغائن، لا يمكنه أن يكون فاعل سلام”.

وختم: “نصلي اليوم إلى الله بشفاعة مريم ملكة السلام، كي يحرك في قلوبنا الرغبة الصادقة إلى سلام المسيح، عل هذا السلام يتسلل إلى قلوبنا ونحن نتتلمذ ليسوع من خلال اتباعنا الوسائل الخمس التي تطلبها عذراء مديوغوريه من المؤمنين، مشاركة منهم في فعل السلام طريقا للقداسة؛ وذلك من خلال صلاة الوردية والمسبحة التي هي مختصر للإنجيل، ومن خلال الصوم، ومن خلال القراءة اليومية للكتاب المقدس، ومن خلال الإعتراف الدوري حتى ندخل في توبة صادقة وفرحة، ومن خلال المشاركة في الإفخارستية، في ذبيحة الفداء؛ بهذه الأفكار أود أن أنضم إلى فرحكم والى تقواكم في الإحتفال في العيد السنوي لمريم ملكة السلام، في 25 حزيران من هذا العام، بعدما احتفلت معكم منذ خمس سنوات. عسى أن يكبر السلام سنة بعد سنة في قلوبنا جميعا لنكون شهودا للسلام وفاعلي السلام وفق شرعة الإنجيل”.

وفي ختام القداس، تم تطواف بالقربان المقدس في الشوارع المحيطة بكنيسة مار تقلا وتليت المسبحة الوردية على نية المحافظات اللبنانية.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.