العبسي افتتح مؤتمر الانتشار الأول: الملكيون صناع وحدة أينما حلوا.. بخاش: لعدم تحويل الهجرة الموقتة الى دائمة

افتتح بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي مؤتمر الانتشار الأول للروم الملكيين الكاثوليك الذي تنظمه الجمعية الرومية الملكية العالمية، بعنوان “معاً نعزز الوحدة الملكية” في مركز “لقاء” في الربوة، بمشاركة رئيس الجمعية البروفسور يوسف بخاش وحضور النائب ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الوزير جورج كلاس ممثلا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ومطارنة من لبنان ودول الاغتراب، اضافة الى وزراء ونواب وهيئات دبلوماسية وقنصلية عربية واجنبية وقيادات امنية وعسكرية وهيئات قضائية وجمعيات وحشد من رجال الدين ورؤساء ورئيسات رهبانيات وحشد من رجال اعمال من لبنان ودول الانتشار وهيئات اقتصادية ورؤساء الروابط المسيحية وحشد من المهتمين.

العبسي
والقى العبسي كلمة قال فيها:” فرحي كبير إذ أتوجّه إليكم في اليوم الملكيّ للانتشار وأخاطبُكم عمّا طُبعت عليه كنيستنا وعمّا يجمع أبناءها في بلاد المشرق وبلاد الانتشار”.

اضاف: “في أنطاكية تفتّحت المسيحيّة وترسّخت ونمت بحيث إنّ المسيحيّين الذين كانوا فيها دُعوا هم أوّلًا بهذا الاسم، إلّا أنّ القدّيسين الرسولين بولس وبرنابا اللذين أسّسا الكنيسة في تلك المدينة لم يريدا أن تكون المسيحيّة محصورة فيها وحُكرًا عليها لأنّ المسيح جاء من أجل الناس أجمعين ويريد، كما يقول بولس، إنّ الله يريد أنّ جميع الناس يخلصون ويبلغون إلى معرفة الحقّ، ولأنّ الناس كلّهم إخوة في المسيح. حتّى إنّ بولس اضطرّ إلى أن يقاوم بطرس الذي كان يريد أن تبقى المسيحيّة محصورة في اليهود، أي أن تبقى منغلقة على نفسها. فانطلق لذلك إلى أصقاع الأرض كلّها يبشّر بالمسيح وانطلق معه وانتشر الإيمان المسيحيّ في المسكونة كلّها، فتمّ بذلك قول صاحب المزامير: “في كلّ الأرض ذاع منطقهم وإلى أقاصي المسكونة كلامهم”.

وتابع:” إنّ كنيستنا ابنة تلك الكنيسة ومن سلالتها هي بالتالي، على مثال الكنيسة الجامعة، كنيسة لا ترتبط بمكان واحد، بأرض واحدة، بشعب واحد، لأنّ المسيح هو هوّيتنا، فيه تتجاوز الكنيسة الحدود السياسيّة والجغرافيّة والثقافيّة والإثنيّة وغيرها. لقد أدرك آباؤنا أنّ أنطاكية هي مدينة روحيّة تحيا في القلب وأنّ أنطاكية انتماء إلى كنيسة تسعى إلى العيش بروح الإنجيل المقدّس وتحقيق دعوة السيّد المسيح بالانفتاح على الجميع. كنيستنا الملكيّة الأنطاكيّة، على رغم جراحاتها وآلامها، تتغذّى وتحیا من هذا الفكر ومن هذا التطلّع إلى تجاوز كلّ الحدود وكلّ محدوديّة لتصل إلى حيث يهبّ الروح الذي يجمعنا ويوحّدنا أينما كنّا في العالم، كما هو فاعل في هذا اليوم الآن وهنا. ففيما نشير إلى كنيسة أنطاكية كأمّ الكنائس، من المهمّ أن ندرك أنّ الكنيسة الملكيّة، في كل بلد من بلاد الانتشار، جزء لا يتجزّأ من التراث الأنطاكيّ حيث تكمن وحدتنا في انتمائنا إلى جسد المسيح الواحد وفي التزامنا قيم كنيستنا ومبادئَها. أنتم الآن تجسّدون هذه القيم والمبادئ فتذكّروا ضرورة العمل بجدّ للحفاظ على الروابط القويّة والفعّالة بين مختلف أعضاء جسدنا الواحد، لضمان بقاء صلتنا قويّة وحيويّة”.

وعن الكنيسة في البلاد العربيّة، قال:”انطلاقًا من المبادئ التي ذكرناها كانت كنيستنا الملكيّة تتأقلم مع الثقافات واللغات والعادات التي مرّت عليها. على هذا النحو أخذت بنقل تراثها إلى اللغة العربيّة عندما صارت هذه اللغة لغة شعبها بعد مجيء العرب إلى بلادنا وبادرت إلى نقل وطبع كتبها ومنها كتبُ الصلاة باللغة العربيّة. وهوذا نحن الملكيّون منتشرون في المشرق العربيّ منذ أجيال وصارت والأرض أرضنا فيها نشأت المسيحيّة وفيها جذورنا. نحن مقتنعون أنّ وجودنا هنا هو بإرادة الله لنكون خميرة في هذا الأرض الخيّرة والتي تحمل الكثير من الجراح. الحفاظ على جذور المسيحية وحيويّتها مسؤولية مشتركة يجدر بنا أن نتحمّلها كلّنا وأن نسهم كلّنا في ازدهار تراثنا المسيحي. وما حدث في المشرق من أمر التأقّلم حدث كذلك في بلاد الاغتراب حيث تبنّت كنيستنا في صلواتها اللغات المحلّيّة وانثقفت في حضارة أهلها ونقلت كتبها إلى لهجاتها وكيّفت موسيقاها. وهذه الظاهرة كانت الأولى بين الكنائس الشرقيّة. وهذا أمر طبيعيّ إذا ما نظرنا في طبيعة كنيستنا منذ نشأتها، كنيسة غير منغلقة وغير متقوقعة، منفتحة على الغير، كما أسلفنا”.

واكد العبسي، ان” كنيستنا في بلاد الانتشار في خدمة المجتمع”،وقال:”عند التأمّل في تاريخنا الغنيّ، نجد أنّ العديد من أبناء كنيستنا كانوا وما زالوا روّاد فكر وعمل لهم إسهامات عظيمة في خدمة الخير العامّ وحضورٌ في الحياة العامّة.كان الملكيّون دائمًا ومازالوا، بفضل انفتاحهم وليونتهم، في المغتربات كما في أوطانهم، منتبهين لمجتمعاتهم وفاعلين نشطين فيها بشكل ملحوظ، فشملت اهتماماتهم ونشاطاتهم القطاعات الماليّة والاقتصادية. لقد أسّسوا وأداروا العديد من المؤسّسات التجاريّة والصناعيّة التي لم تسهم فقط في تحقيق الازدهار الاقتصادي في بلاد الانتشار، بل وفّرت أيضًا فرص عمل للكثيرين وأسهمت في تحسين مستوى المعيشة في مجتمعاتهم. ولم تتوقّف مشاركتهم عند هذا الحدّ بل امتدّت إلى المجالات التعليميّة والصحيّة وشملت أيضًا الأنشطة الاجتماعيّة، الخيريّة والإنسانيّة، وحتّى السياسيّة، مؤكّدين ومثبّتين حضورهم في الحياة العامّة، ومؤكّدين التزامهم العميق بخدمة الإنسان والسعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعيّة والتضامن المجتمعيّ حيثما وُجدوا”.

وذكر ان “الملكيين صنّاع وحدة، فكلّ ما سبق وغيره الكثير الذي لا مجال للحديث عنه في وقت قصير يجعل منّا وكلاءَ للوحدة وصنّاعًا لها، بدءًا من منازلنا وأسرنا، مرورًا بعملنا وأحيائنا، وصولاً إلى كنيستنا ومجتمعنا الأكبر. تحقيق هذه الرسالة يتطلّب التزامًا حقيقيًّا بإنجيلنا وتفانيًا غير مشروط، يدفعنا لتجاوز رغباتنا الشخصيّة ورؤيتنا الضيّقة. فأحرّضكم على التفكير في هذه الدعوة والبحث عن طرق لتفعيلها وتعزيزها في عالمنا”.

وقال العبسي:” في هذه السنة اليوبيليّة، التي قرّرها ووضعها سينودس كنيستنا تحت شعار المسيرة المسكونيّة، نحن مدعوّون إلى الصلاة والتفكير كيف يمكننا تفعيل دور كنيستنا المسكونيّ، في العلاقة مع إخوتنا الأرثوذكس. من المهمّ جدًّا أن نعمل على تجاوز الحواجز التي تفصل بيننا وعلى السعي إلى لقاء الآخر، وخاصّة المختلف عنّا. بتضافر جهودنا، يمكنّنا التغلب على التحّديات وبناء مستقبل نكون فيه كلّنا أكثر تضامنًا وأكثر قربًا. فلنسعَ بالمحبّة والنيّة الحسنة والإرادة الصُلبة إلى البحث عمّا يجمعنا بدلًا من التركيز على اختلافاتنا. من خلال تبنّي موقف إنجيليّ منفتح تجاه وجهات النظر المختلفة، نستطيع أن نسهم في خلق بيئة تعزّز التبادل المثمر والتقابس البنّاء وصولًا إلى وحدة المسيحيّين المنشودة”.

وختم العبسي:” اشكر جميع المشاركين سواءٌ بالحضور أو عَبر الأثير. أشكر الدكتور يوسف بخّاش مع كلّ الذين عملوا معه وتعبوا من أجل تنظيم هذا اللقاء رغم كلّ التحدّيات والأجواء السلبيّة التي نعيش فيها. أشكر وسائل الإعلام التي تغطّي هذا المؤتمر. كنيستنا كنيسة حيّة تعمل وتجاهد، متمّمة قول الربّ يسوع لها: “سيروا ما دام لكم النور”. كنيستنا، بتضافر جهود كلّ أبنائها، تسير في النور الذي هو السيّد المسيح. وهي، بنعمة الله تعالى، باقية على مسيرتها رُغم الجراحات ورغم قسوة التاريخ. أسأل الربّ أن يفيض عليكم بركاته الوفيرة ويعزّزكم في مسيرتكم وعملكم في خدمة الانتشار وتعزيز الوحدة بين أبناء كنيستنا في العالم كلّه”.

بخاش

من جهته، قال بخاش: “نلتقي اليوم تحت جناح صاحب الغبطة يوسف العبسي وبرعايته لنستعرض سويا التحديات التي تهدد وجودنا كمسيحيين عموما وملكيين خصوصا في ظل توترات سياسية وحروب مدمرة تعصف بالمنطقة التي طالما كانت عبر التاريخ مهد المسيحية . تلك الحروب الممتدة منذ قرون ، والتي شكلت واحدة من الاسباب الرئيسية للهجرة من المشرق العربي والانتشار في اصقاع الارض ، ونحن نشهد اليوم واحدا من ابشع وجوه هذه الحرب التي شكلت تحديا للمضي قدما في التحضير لهذا المؤتمر بما يليق بكنيستها ورعاتها وعلى رأسهم ابينا يوسف الاول والخروج بتوصيات بعد تواصل مع الانتشار دام لاشهر طويلة”.

اضاف: “نتكلم اليوم عن الانتشار وما ادراكم ما الانتشار وما معنى الهجرة بحثا عن حياة كريمة واعتقد في هذا السياق ان لكل بيت في هذه المنطقة مهاجر بحيث ان العائلات باتت موزعة بين الشرق والغرب مع ما يعني ذلك من فروقات في الثقافة لا سيما على سبيل العائلة ما يمكن اعتباره تشتيتا للعائلات الملكية ولابناء كنيستنا الرومية”.

وتابع: ” في هذا السياق لا بد من الاخذ بالاعتبار انواع الهجرة هناك الهجرة الدائمة التي ترفد الانتشار وهي تتجه نحو الغرب والاميركيتين، والهجرة الموقتة التي عادة ما تكون باتجاه دول الخليج بقصد تحسين مستوى العيش والبحث عن فرصة نجاح غير متوفرة في بلادنا بسبب الحروب والازمات الاقتصادية والحصار المفروض على كثير من دول المنطقة، وهنا علينا التركيز لعدم تحويل الهجرة الموقتة الى دائمة عبر الانتقال الى بلاد الانتشار”.

وبالعودة الى الانتشار، توقف بخاش عند” ابرز تحدياته وتتمحور بشكل اساسي حول الاندماج في المجتمعات الغربية واكتساب عاداتها وتقاليدها وثقافتها ما اسس ويؤسس للابتعاد عن تقاليدنا وشرذمة العائلات الواحدة وبالاخص الابتعاد عن الكنيسة الام وما تحمله من انتظام عائلي وتعاليم اخلاقية، ناهيك عن انقطاع التواصل مع الكنيسة الام ، وهنا نتوقف عند الالتزام المنقوص اكان لجهة العائلة الصغيرة ام العائلة الكبيرة واعني هنا العائلة الملكية”.

وختم: ” لم نكتف في هذا المؤتمر بعرض التحديات بل تضمن اربع ورش عمل انعقدت صباح اليوم بادارة اصحاب السيادة اضافة الى متخصصين في مجال الاغتراب والانتشار في محاولة جادة للخروج بتوصيات علمية قابلة للتنفيذ، ورسم خريطة طريق لاستخلاص الحلول العملية ومتابعة التواصل عبر ابتكار رق حديثة والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتشكيل قاعدة بيانات توضع بتصرف البطريركية وابناء الطائفة”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.