تغييرات ما بعد غزة.. ما مدى جهوزية لبنان؟

كتبت يولا هاشم في المركزية: الشرق الأوسط بعد عملية “طوفان الاقصى” في 7 تشرين الاول لن يكون كما قبله. هذا ما يجمع عليه المحللون السياسيون، مؤكدين ان المنطقة مقبلة على تغييرات جذرية، وأن على البلدان المحيطة ان تكون جاهزة كي تكون جزءا من الحل لا أن يكون الحل على حسابها. فهل لبنان جاهز؟

العميد المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ”المركزية” ان “الجميع يتحدث عن اليوم الثاني من غزة، لكن من المؤكد أن الصورة غير واضحة حتى الساعة ودونه صعوبات لدى كافة الأطراف، لأن اسرائيل لم تحقق أهدافها حتى تتحكم في اليوم الثاني من غزة، بالتالي الوجود الاسرائيلي الدائم يشكل في غزة عبئاً على تل أبيب، وفق آراء الصحافة العالمية. ولذلك، من الأفضل لاسرائيل الانسحاب الكامل من غزة وترك مسؤولية إعادة إلاعمار والبنية التحتية والمستشفيات والجرحى وإعادة الحياة الى القطاع، لأن في حال بقائها سوف تتحمل هذا العبء. أولاً، لماذا عليها ان تتحمله، وثانيا، تتحدث عن منطقة عازلة في القطاع بطول كيلومتر، في بقعة مساحتها 365 كلم وعرضها بين 5 و7 كلم، فأين سيعيش أهل غزة في حال اقتطاع كلم من أرضهم، هم الذين في الأصل يعيشون فوق بعضهم البعض، والاعلى من حيث الكثافة السكانية في العالم. وماذا يفيد اسرائيل هذا الاقتطاع؟ ينتشر اليوم على الحدود الجنوبية اللبنانية نحو 15000 من قوات الامم المتحدة اليونيفيل و8000 جندي من الجيش اللبناني، لكن رغم الانتشار والدوريات الدائمة لم يستطيعوا تأمين منطقة عازلة. وثالثا، حتى عندما كان جدار الفصل حول قطاع غزة، كانت المظاهرات تحصل حوله بشكل أسبوعي، وكانت التحضيرات للعمليات العسكرية تجري على مرأى من العدو الاسرائيلي، لكنه لم يستطع منعها، لذلك الكلام حول اليوم التالي لغزة ليس بيد اسرائيل”.

ويضيف: “هذا من الناحية العسكرية، أما سياسياً، فحتى الولايات المتحدة وكل ضغوطها على مصر وقطر والاردن لصياغة اليوم الثاني من غزة لم تفلح حتى اليوم، اولا لأن الضغط باتجاه تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وُجِهَ منذ اليوم الاول لعملية الدخول البري الاسرائيلي، سواء من مصر او الاردن. ثانيا حتى السلطة الوطنية الفلسطينية التي يجتمع فيها وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن والاميركيون والاوروبيون لم يقبل رئيس السلطة الفلسطينية بأي سلطة الا تلك التي يحكمها فلسطينيون دون تدخل خارجي، وهذا يعني أن السلطة الوطنية الفلسطينية ما زالت موجودة لكنها ضعيفة، ونشير هنا إلى البيان الذي صدر منذ أيام، يمثل الفصائل الخمسة، المشاركة في الاجتماع وهي حركتا “حماس” والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة)، والتي شددت على إجراء انتخابات فلسطينية ما بعد غزة، وحكومة فلسطينية تعيد التمثيل الصحيح لما بعد الانتخاب بما يمثل الشعب الفلسطيني. لكن ما بعد غزة، لا تستطيع السلطة الوطنية الفلسطينية حكم القطاع رغم أنها لم تخرج منه، وهي موجودة وما زالت تدفع رواتب ولديها شرطتها وجنودها وآلية الادارة كجهاز رديف يتبع للضفة”.

أما عن لبنان، فيقول ملاعب: “قبل ان نتحدث عن العامل الخارجي وتداعياته، نذكّر بما قاله الوزير السابق غسان سلامة، ومن الموقع الدولي الهام الذي يشغله والذي شارك في اتفاق الطائف، قال عنه انه “اتفاق نهاية حرب وليس مُنزَلاً”. لبنان يعاني من أزمة كبيرة. عندما لا يستطيع السياسيون التمديد لقيادة الجيش أو إجراء انتخابات بلدية او حتى تشكيل حكومة قبل 4 أشهر وانتخاب رئيس قبل سنة أو سنتين، هناك مشكلة في هذا النظام الذي صُنِع لإنهاء حرب وهو ليس متكاملاً. طبعا التغيير لن يكون على يد المسؤولين في السلطة حاليا لأنهم سبب هذا النظام وبقاؤه. كما أنه لن يكون بواسطة الهبة الشعبية وانتفاضة الرأي العام العشوائي الذي لا يُنتج مبادئ عامة موحدة وقيادة واحدة، لذلك ما شهدناه من الربيع العربي وتحركات وسائل التواصل الاجتماعي لا تنتج نظاما جديداً. لبنان يعاني من مشكلة كبيرة قبل تداعيات غزة، لكن ضمن هذه الخاصرة الرخوة التي اسمها لبنان، وهذا الفراغ في الرؤية وفي السلطة والاداء، لا ننتظر أي دور للبنان في هذا الموضوع. لبنان يُملى عليه، وبالتالي ستكون التداعيات على حسابه. كيف؟ حتى الآن صورة الحل لما بعد غزة غير واضحة، لكن من الملاحظ ان وجود محور الممانعة وعلى رأسه في المنطقة حزب الله والذي يسمح للقادة الفلسطينيين بالعمل من داخل لبنان، حتى المؤاتمرات والقرار السياسي لحماس والجهاد الاسلامي يصدر من لبنان، هذا لا يشجع كثيرا مستقبل لبنان بعد غزة، طالما ان هناك سلطة خارج سلطة الدولة وقرارها خارج قرار الدولة وتتصرف بهذه الدولة كما تشاء دون حسيب او رقيب، ستكون هناك تداعيات على لبنان مهما كان الحل في اليوم التالي لغزة”.

وعن ربط مصير لبنان بمصير غزة، يؤكد ملاعب ان الأمر غير صحيح الى هذه الدرجة لأن المنطقة ستخضع للقرار الاميركي في النهاية. كيف سيكون الحل في غزة، طبعا نشيد هنا بالمقاومة الفلسطينية للاحتلال الاسرائيلي والذي من الممكن ان يعيد القضية الى مسرح دولي يحقق بعض المكاسب للفلسطينيين، يوقف مسار التطبيع مع اسرائيل الذي كان على قاب قوسين من التقدم الكبير، لكن هذا لا يعني ربط مصير بيروت بغزة. أما عن جهوزية لبنان للعمل مع تداعيات هذا الموقف، فمن المؤكد انه غائب ويعاني من خواء إداري وسياسي أمام ما يحصل في غزة، وأي حل محتمل سيكون على حسابه دون ان يتمكن من فعل شيء، إذ لا يحمي لبنان وجود سلاح خارج الدولة يرتبط بعوامل خارجية أي حل سيكون لصالح هذه العوامل الخارجية على حسابه”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.