كيف أصبح لبنان أتعس دول العالم؟

لبنان أتعس دول العالم

لم يضف الخبر جديدا لبلد يشعر أهله وسكانه بالتعاسة بالفعل، لكنه زادهم إحباطا، فالأوضاع السياسية والاقتصادية تزداد سوءا في ظل عدم الاتفاق على تسمية رئيس جمهورية جديد منذ عام كامل، وصراعات طائفية وخلافات حزبية لا تتوقف ليل نهار.

وفي التقرير الذي ‏يصدر بإشراف الأمم المتحدة حصدت فنلندا لقب «أسعد بلد في العالم لعام 2023» للسنة ‏السادسة على التوالي، حيث شمل التقرير 13 دولة عربية من 22 دولة عضوا في جامعة ‏الدول العربية.

مرجع عالمي
ووفقا لتقرير لصحيفة «إندبندنت عربية» ربط الفيلسوف الهندي أمارتيا سين السعادة بقدرة الفرد على القيام باختيارات مصيرية حرة من ‏دون ضغوط ترغمه على ذلك، لذلك، اعتمد هذا المبدأ ضمن المعايير التي يستند إليها التقرير ‏لتحديد مستويات السعادة في الدول وفي تصنيفها، ويقيس التقرير مستويات الدعم الاجتماعي ‏والدخل والصحة والحرية، والفساد على أساس استبيان تجريه شركة «غالوب للأبحاث» وأسئلة ‏تطرحها في الدول.

ويوضح الاستشاري الباحث في التنمية المستدامة كميل حاماتي أن هذا الإحصاء يعتمد ‏ منهجية معترفا بها علميا ويعد مرجعا من هذه ‏الناحية، إذ يستند في البيانات إلى مقابلات تجريها شركة «غالوب للأبحاث» بشكل استبيان من ‏خلال مكاتب ومندوبين لها في مختلف دول العالم.

6 معايير
وفي التقرير تؤخذ البيانات من الشركة التي ‏تعد مصدرا موثوقا ولها منهجية علمية في إجراء الاستقصاء الذي يضم 1000 شخص ‏سنويا على مدى ثلاث سنوات.

ويعتبر حاماتي هذا الأسلوب في ‏الاستقصاء لتصنيف الدول «مسطحا» لأن المعايير تختلف بين الدول والتعميم غير ممكن، فلا ‏يجوز وضع مبادئ معينة ومقاييس وتعميمها، لأنها لا تنطبق على الدول كافة والشعوب.

‏المنهجية المعتمدة فيه تبسط مفهوم السعادة بشكل مبالغ فيه، وتستند إلى مبدأ أن الأشخاص ‏الميسورين ماديا يستمتعون بحياتهم بشكل أفضل ويمرحون بحرية من دون عوائق.‏

ويستند تقرير مؤشر السعادة السنوي إلى ستة معايير أساسية لتصنيف الدول بين تلك الأكثر ‏سعادة وتلك الأتعس في العالم.‏

أسباب التعاسة
وأقر المتخصص في مواد الديموغرافيا الباحث الدكتور عطية شوقي أن تقرير السعادة السنوي علمي وتجريه هيئة تابعة للأمم ‏المتحدة، ويشير إلى أن فنلندا تحتل مركز الصدارة فيه من سنوات عديدة، فيما يسجل تراجع ‏في مرتبة لبنان من سنوات عدة، حتى بلغ أدناها ليصل إلى المرتبة 136 في التصنيف.

وأعتبر مركز تعاسة لبنان أمرا طبيعيا بالنظر إلى ما حل بلبنان في السنوات الأخيرة وانتقاله إلى وضع مختلف ‏تماما عما كان عليه؛ لذا من الطبيعي أن يكون في مرتبة متدنية في التصنيف.

«يدعو ‏التقرير إلى تصنيف سعادة الفرد من صفر إلى عشرة، وبواسطة المؤشرات الستة التي يستند إليها التقرير. بالنظر إلى مستويات الدخل في ‏لبنان، على رغم وجود مستويات دخل فردي مرتفعة بين فئات معينة، هناك مشكلة فعلية لدى شريحة كبيرة من ‏الناس ولا يخفى على أحد التدني الكبير في ‏مستويات الأجور بالمقارنة مع المراحل السابقة». ‏

فوضى لبنان
ويؤكد أنه بالنسبة للتضامن الاجتماعي، لا يزال لبنان موجود بمعدلات أقل من السابق، خصوصا أنه ‏يقصد به أيضا التضامن بين الدولة والأفراد، ما لا يمكن التعويل عليه بغياب مؤسسات الدولة، ‏وهذا تحديدا ما يسبب للمواطن شعورا بالتعاسة وبعدم الأمان». ‏

وفيما يتعلق بالحرية كمقياس، يصفها عطيه بأنها أقرب إلى الفوضى.

«ليست حرية ‏مسؤولة، بوجود هذا التفلت السائد في الحريات الذي يقود الناس إلى مكان فيه كثير من ‏انعدام الاستقرار والأمان، فالوضع الحالي لا يعكس ديمقراطية بقدر ما هي حريات غير ‏مضبوطة، وإن كان الوضع في لبنان في هذا المجال قد يكون أفضل من دول أخرى، إلا أن ‏بقية الدول تؤمن للأفراد كامل حقوقهم فيما تنقص الحرية لديهم، مؤشر الكرم لا يزال موجودا ‏ربما في لبنان، إلا أن اللبناني في إجابته يقارن ما بين وضعه قبل سنوات مضت وما هو عليه ‏اليوم».

انتشار الفساد
وفيما يتعلق بالفساد، يضيف عطية «يعلم الكل أنه مسيطر على مختلف القطاعات والمؤسسات، والمواطن يدرك ‏ذلك جيدا، ما يسهم في خفض التصنيف أيضا هنا».

لكن، يشدد عطيه أن السبب ‏الأساسي لهذا التصنيف ليس في كل مقياس على حدة، وإلا لما كان لبنان في هذه المرتبة ‏المتدنية؛ لأن وضعه في كل منها هو أفضل من دول أخرى، وفي الواقع هذا التصنيف سببه أن ‏المواطن اللبناني يقارن وضعه الحالي بما كان عليه قبل سنوات مضت. ‏

وحين تطرح الأسئلة على المواطنين حول معدلات الفساد في بلادهم ومدى تأثيره في حياتهم، مما ‏لا شك فيه أن أجوبة الناس في الغالب ستأتي سلبية، حيث ينتشر الفساد بشكل كبير بين السياسيين على وجه الخصوص. ‏

أزمات متتالية
ويرجع التقرير تعاسة لبنان إلى انخفاض الناتج المحلي، حيث تؤكد المؤشرات انخفاض الناتج بشكل كبير في السنوات الماضية، مع تزايد نسب الفقر الذي تجاوز 50% من معدل السكان.

وأثرت الأزمات المتتالية والعديدة التي مر بها لبنان في متوسط العمر فيه، إلا أن التقرير يعتبر أن متوسط ‏العمر في لبنان هو 66 سنة، فيما أصبح في الواقع في لبنان 78 سنة. ‏

وفيما يتعلق بمعيار الكرم لا يمكن وضع كل الدول والثقافات في الكفة ذاتها، خصوصا أن الاستبيان لا يتناول مختلف ‏شرائح المجتمع من المناطق كافة، بل يحصل بطريقة عشوائية، خصوصاً أن شعب لبنان يتميز بمستوى عال من التكافل والتضامن.‏

معايير مؤشر السعادة العالمي

  • الناتج المحلي الإجمالي.
  • معدل العيش أو متوسط العمر.
  • معيار الكرم.
  • معيار الفساد.
  • القرارات المصيرية.
  • شبكات التضامن الاجتماعي.

الدول الأكثر سعادة عربيا في 2023

  • الإمارات
  • السعودية
  • البحرين
  • الجزائر
  • العراق
  • فلسطين
مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.