غياب النقاط الأساسية لاتفاق الترسيم سيؤدي إلى تأخيره ويخشى أن يكون الرد الرئاسي بعرقلة تشكيل الحكومة

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستقبلا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيت تركيا بنيويورك

الاهتمام الذي حصل عليه لبنان في الدورة السابعة والسبعين للأمم المتحدة فاق المنتظر، والى جانب اللقاءات المكثفة التي أجراها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي مع رؤساء الدول والحكومات المشاركة والفاعليات الدولية، فإن البيان السعودي ـ الاميركي ـ الفرنسي المشترك والمتناول بالدعم لكل النقاط السابحة في بحر الازمات اللبنانية، كان الحصيلة الأكثر تميزا لمهمة الوفد اللبناني.

البيان تناول الوضع الحكومي، والاستحقاق الرئاسي وخطة التعافي الاقتصادي، وقال البيان بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية «واس»، إن وزراء خارجية هذه الدول الثلاث عبروا «عن دعم بلادهم المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، ومع استعداد البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية جديد، شدد الوزراء على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وفق الدستور اللبناني، وانتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية».

ودعا الوزراء إلى تشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية اللازمة لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وتحديدا الإصلاحات الضرورية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

كما عبر الوزراء عن استعدادهم للعمل المشترك مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الإصلاحات الأساسية التي تعد حاسمة لمستقبل الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان.

كما أكدوا على دور القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي اللبناني المسؤولين عن حفظ سيادة لبنان واستقراره، مع أهمية استمرارهما بالقيام بدور أساسي في حماية الشعب اللبناني في ظل أزمة غير مسبوقة.

وأكد الوزراء ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن (1559) و(1701) و(1680)، (2650) والقرارات الدولية ذات الصلة بما في ذلك تلك الصادرة من جامعة الدول العربية، والالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان.

وفي تغريدة لسفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري حول اتفاق الطائف، الذي انهى الحرب الأهلية في لبنان، استحضر قولا لرئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، الذي لعب دور المهندس لهذا الاتفاق وفيه: الطائف غير صالح للانتقاء وغير قابل للتجزئة.

القوات اللبنانية قالت ان هذا البيان هو اول الغيث، وقد تعقبه بيانات تلوح بعقوبات، في حال الاصرار على انتخاب رئيس للجمهورية يواصل الانقلاب على اتفاق الطائف، والمهم ان عواصم القرار المعنية بلبنان كانت شديدة الوضوح في بيانها، الذي صدر في التوقيت الصحيح، ابان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية.

ورأى عضو اللقاء الديموقراطي النائب مروان حمادة في تصريحه، أن البيان الثلاثي «وضع خارطة طريق لتعافي لبنان سياسيا وأمنيا واقتصاديا وصولا الى تطبيق الطائف وإرساء الاستقرار، بمعنى أوضح أن البيان كان بمنزلة وثيقة يبنى عليها».

وكان الرئيس ميقاتي جدد في كلمته امام الامم المتحدة التزام لبنان باتفاق الطائف، وبسياسة النأي بالنفس لإبعاده عما لا طاقة له عليه، مؤكدا حصول تقدم بشأن ترسيم الحدود، والتمسك المطلق بسيادة لبنان وحقوقه في مياهه الاقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة.

وشملت لقاءات ميقاتي الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الذي ظهر ميقاتي في الصورة معه وخلفهما العلم الايراني وحده، الامر الذي أثار لغطا في بيروت، قبل ان يوضح مصدر مطلع ان البروتوكول لا يسمح برفع علم دولة رئيس الحكومة، عندما يكون مجتمعا برئيس جمهورية بلد آخر، علما ان هذا التوضيح يتناقض مع ظهور العلم العراقي في صورة اللقاء بين رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي والرئيس الايراني، كما في صورة لقاء رئيس وزراء اليابان مع رئيسي.

والتقى ميقاتي ايضا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وفيما يتعلق بالوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة بين كل من لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية يبدو انها لم تصل بعد الى اتفاق، ما يقلل من دقة المعلومات التي تحدثت عن توافق شبه تام، وهنا يقول الرئيس ميقاتي: «نريد ان نتشاور، لا استطيع ان اجزم ولا استطيع ان انفي قبل أن يكون هذا الأمر في جو سياسي ملائم في لبنان، لا يحق لفرد وحده ان يتخذ هذا القرار، مشددا على ان الامر متعلق بالرئيس ميشال عون».

المصادر المتابعة في بيروت، قرأت في تصريحات ميقاتي في نيويورك هذه، ما يعني انه ومعه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليسا مستعجلين على عملية الترسيم، بل المستعجل هو الرئيس عون الذي اوفد مفوضه الى هذا الملف نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب الى نيويورك لهذه الغاية، حيث أجرى محادثات مكثفة مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.

واعتبرت المصادر أن غياب النقاط الأساسية لاتفاق الترسيم سيؤدي الى تأخيره ويخشى ان يكون الرد الرئاسي بعرقلة تشكيل الحكومة، حيث توقعت أن يطرح الرئيس عون معادلة «مرروا لي اتفاق الترسيم، الذي يستعجل توقيعه قبل انتهاء ولايته كي يسجل لنفسه انجازا، أمرر لكم تشكيل الحكومة».

على أي حال، فإن عودة الرئيس ميقاتي من نيويورك قد تحسم الاتجاهات، وتبين ما اذا كانت ايجابيات تشكيل الحكومة التي لاحت على ألسنة كل من تطرق اليها في نيويورك، ستتقدم، أم انها مجرد إنذار خاطئ.

الانباء ـ عمر حبنجر

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.