طبول الحرب تُقرع مجددًا: لبنان أمام خيار صعب بين السلاح والسيادة
تصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل في ظل ضغوط دولية متزايدة لمعالجة ملف سلاح "حزب الله"، وتشييع مؤثر لزياد الرحباني وسط ترقب سياسي وأمني حذر.

لا جديد في المشهد السياسي اللبناني، مع توالي ارتفاع إيقاع طبول ضربة إسرائيلية متوقعة لتحريك ما تعتبره إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ركودا في ملف سلاح «حزب الله»، ودفعا بـ «النار» لإحداث تبديل في الموقف اللبناني الرافض تقديم تنازلات من دون مقابل، أقله تأمين التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع 27 نوفمبر 2024 برعاية فرنسية ـ أميركية، أو المضي باقتراح المبعوث الأميركي توماس باراك وفق سياسة «خطوة مقابل خطوة».
وبدا واضحا رفض إسرائيل مدعومة بموقف أميركي لتقديم ضمانات طلبتها السلطات اللبنانية، سواء لجهة وقف الضربات الجوية على اختلاف أنواعها من مسيرات وطيران حربي وتوغل بري، والانسحاب ولو من واحدة من التلال الخمس التي احتلها الجيش الإسرائيلي بعد وقف إطلاق النار.
إلا ان اللافت في المشهد، ما يتناهى عن ردود متوقعة من «حزب الله»، بشن عمليات ضد الجيش الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية التي يحتلها، أو التصدي لعمليات التوغل التي تقوم بها قوات مؤللة إسرائيلية تحت شعار «تحرك الأهالي».
بين مطالب داخلية محلية تقوم على تحرير الأرض ودحر الاحتلال وإطلاق عملية إعادة الإعمار، وأخرى خارجية لا ترى غير حصرية السلاح تحت راية السلطة الشرعية اللبنانية.. يقف أركان الدولة اللبنانية في محاولة يائسة لإمساك العصا من منتصفها، ذلك ان الضغوط الدولية تزداد، مرفقة بمطالب داخلية واسعة بتفادي الصدام مع المجتمع الدولي، ونزع الذرائع التي قد تسبب ضربات إسرائيلية تتفاوت بين اعتداءات وحرب مصغرة.
وقد ارتفعت أصوات داخلية كثيرة مطالبة بالانتهاء من ملف السلاح، الذي لطالما قوض صورة الدولة اللبنانية منذ منتصف ستينيات القرن الماضي أيام المنظمات الفلسطينية، وصولا إلى سلاح «الحزب» وحلفائه من الجماعات اللبنانية وغيرها كحركة «حماس» وجهات أخرى ترتبط بالخارج. مطالب بدولة قوية سيدة على أراضيها كاملة من دون شريك، تحمي نفسها بالنأي عن الدخول في صراعات إقليمية تجعل من لبنان صندوقة بريد لإيصال الرسائل، وخط تماس لـ «حروب بالواسطة». ولطالما عبر رئيس الجمهورية العماد جوزف عون «ان لبنان تعب من حروب الآخرين»، إلا انه أكد في مناسبات تزامنت مع اعتداءات إسرائيلية واسعة «ان لبنان لن يرضخ»، في إشارة إلى رفض تمرير رسائل على اختلاف أنواعها من الساحة اللبنانية.
بين كل ذلك، يبدو ان شهر أغسطس سيكون حارا كطقسه، لجهة نهاية المهل الخارجية المعطاة للدولة اللبنانية لمعالجة ملف السلاح، ووضع روزنامة كاملة قصيرة المدى بنزعه من «حزب الله» وسائر المنظمات الأخرى المسلحة في البلاد. وكذلك تحديد «الجانب الآخر» شهر سبتمبر موعدا للتحرك والرد بعد التزام بكامل اتفاق وقف إطلاق النار منذ يومه الأول في نوفمبر الماضي، من دون التوقف عن القيام بأنشطة على الأرض تدرج بين عسكرية وإعادة بناء قدرات.. وقد أكد ذلك سقوط أكثر من 200 قتيل من صفوف «الحزب» بضربات إسرائيلية غالبيتها عمليات اغتيال نفذت بالمسيرات.
وقال مصدر مقرب من مرجع رسمي لـ «الأنباء»: «لا يمكن تجاهل المواقف والإشارات الدولية الجامعة التي تقول بأنه لا يمكن ان تنتظر لبنان والمسؤولين فيه طويلا لاتخاذ القرارات المطلوبة، او ان تتحرك على توقيت ساعة المسؤولين في لبنان لحل الأزمة التي ترتبط بأزمات المنطقة، وتشكل إحدى حلقاتها الرئيسية».
وأضاف «أعلنت دول عربية ودولية عدة صراحة، انه لا يمكن اتخاذ اي خطوات عملية باتجاه مساعدة لبنان قبل حل موضوع بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وفق جدول زمني محدد، بعدما مضى على اتفاق وقف إطلاق النار ثمانية أشهر بالتمام والكمال، وملاحظتها انه لم تحصل في هذه المدة أي خطوات واضحة من قبل السلطات اللبنانية».
وأشار إلى ان «بعض المسؤولين اللبنانيين وردا على المطالبة بضمانات وبداية الانسحاب الإسرائيلي أولا، سمعوا كلاما صريحا من أكثر من جهة دولية انه لا يمكن تكرار تجربة العام 2006، بتمرير الوقت والدخول في شروط وشروط مضادة للقفز فوق الاتفاق وعدم تنفيذه كما حصل بالنسبة إلى قرار مجلس الأمن وقتذاك الرقم 1701، والتأكيد مجددا ان المدخل لأي حل هو حسم موضوع السلاح ولو ضمن جدول زمني غير قريب».
من جهة أخرى، توقفت مصادر مطلعة عند تصريح الموفد الاميركي باراك عن الحديث حول «مزارع شبعا» والتخفيف من أهميتها، والإشارة إلى انه يمكن مبادلتها، وقالت «لا يمكن المرور على هذه التصريحات من دون التوقف عندها. وقد سمع بعض المسؤولين، ولو تلميحا، ان المبادلة قد تكون في منطقة البقاع الشمالي وتحديدا في القرى الشيعية الموجودة داخل الحدود السورية، والتي تشكل دائما مصدرا للفوضى الأمنية والتهريب».
على الصعيد الاصلاحي، اقترب مشروع قانون هيكلة المصارف او إعادة تنظيمها، وهو أحد المطالب الدولية، من نهايته مع انجازه في لجنة المال والموازنة التي عكفت على مدى أسابيع في دراسته والبحث فيه بالعمق، ويتوقع ان يقر في جلسة قريبة لمجلس النواب. وقد نص المشروع على هيئة مصرفية عليا مستقلة عن السلطة السياسية وحيادية، بهدف استعادة الثقة بالقطاع المصرفي محليا ودوليا.
في هذا السياق، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى اجتماع لهيئة مكتب المجلس الأولى اليوم، تمهيدا للدعوة إلى جلسة عامة مرجح عقدها الخميس.
في المشهد الداخلي اللبناني أيضا، تشييع الفنان زياد الرحباني في كنيسة رقاد السيدة في المحيدثة ببلدة بكفيا الجبلية المتنية الشمالية، ومتابعة اللبنانيين عبر شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، «الرحلة الأخيرة» لزياد من مستشفى خوري بالحمرا إلى الكنيسة صعودا من انطلياس، ثم ووري الثرى بحضور والدته السيدة فيروز وأفراد العائلة.
وفي موجة الحر التي تضرب لبنان، توقعت دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني ان يكون الطقس اليوم غائما جزئيا مع انخفاض ملموس بدرجات الحرارة في المناطق الجبلية وطفيف في المناطق الساحلية والداخلية. وأشارت إلى رياح نشطة أحيانا وتكون الضباب على المرتفعات المتوسطة.
في يوميات الجنوب، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية «أن قوات العدو (الإسرائيلي) قامت بتمشيط بالاسلحة الرشاشة من موقع الراهب في اتجاه اطراف بلدة عيتا الشعب».
الانباء ـ ناجي شربل وأحمد عز الدين
🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.