عاجل

سرطان الثدي: كيف يساعد الدعم النفسي المصابات في رحلة العلاج؟

صورة تظهر شعار أكتوبر لمحاربة سرطان الثدي

Getty Images
الشريط الوردي يعد شعاراً عالمياً لحملات التوعية بسرطان الثدي.

“اسمحي لنفسك بالبكاء” لكن “عليك التوقف عن أي تفكير سلبي.” تقول جولي وهي واحدة من ملايين النساء المصابات بسرطان الثدي. إذ تم تشخيص إصابة 2.3 مليون امرأة في عام 2022، وسُجلت 670 ألف حالة وفاة بسببه في العالم.

لا تنكر جولي أنه في بعض الأوقات خاصة في” الليل” قد تسيطر عليها بعض الأفكار السلبية، إلا أنها تؤكد أن الامتنان لوجود الأحبة والعائلة يساعدها في التخلص من هذه الأفكار، بالإضافة إلى اعتمادها على ثلاثة مبادئ تقودها في حياتها: “الإيمان، الضحك والإيجابية”.

“أتعالج من سرطان الثدي منذ 11 عاماً ونظرتي للحياة إيجابية”

في عام 2013 اكتشفت جولي ريحاني ( 48 عاماً) إصابتها بسرطان الثدي، لتخوض رحلة علاج طويلة، وفي عام 2017 تقول جولي “شعرت بألم في الظهر” لتكتشف انتشار المرض إلى العظام ثم إلى الكبد.

تضيف جولي لبي بي سي، “لدي إيمان كبير ومتفائلة، لن أبكي على شيء فالحياة جميلة” وتؤكد أنه “دون دعم الأهل والأصدقاء… كل شيء كان سيتغير”.

الأجواء الإيجابية في عائلة جوليا، ساهمت في رفع معنوياتها خلال جلسات العلاج المكثفة، وساعدتها في تخطي الصعوبات بطريقة “إيجابية”، خاصة في تولي مهامها اليومية.

وتضيف جولي أن بعضاً من النساء المصابات لا يجدن الدعم الكافي من عائلاتهن، ويُجبرن على أداء مهامهن على أكمل وجه، دون مراعاة ظروفهن الصحية.

صورة تظهر أخصائية أشعة تفحص أشعة سينية للثدي

Reuters
أخصائية أشعة تفحص الثدي بالأشعة السينية بعد إجراء فحص طبي للوقاية من السرطان، في 3 أبريل 2008.

تؤكد منظمة الصحة العالمية أن معدلات سرطان الثدي تزداد بشكل أكبر مع زيادة العمر، وتكشف التقديرات العالمية بحسب المنظمة، أنه في “البلدان التي لديها مؤشر تنمية مرتفع جداً، تُشخّص امرأة واحدة من كل 12 امرأة بسرطان الثدي وتموت واحدة من كل 71 امرأة بسببه”.

في حديث لبي بي سي مع الدكتورة جيلان أحمد المديرة التنفيذية لمؤسسة بهية – مصر، تؤكد أن “سرطان الثدي ليس مرضاً مرعباً ويمكن هزيمته بكل سهولة”، وتشير إلى أن أي سيدة تمر بتجربة الإصابة بسرطان الثدي ممكن أن تمر بالتجربة بكل “بسهولة”.

ويحتل سرطان الثدي المرتبة الثانية عالمياً من بين 10 أنواع من السرطان شكلت مجتمعة حوالي ثلثي الحالات الجديدة والوفيات على الصعيد العالمي في عام 2022.

إذ أظهرت بيانات 185 بلداً و36 نوعاً من السرطان وفق المرصد العالمي للسرطان التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان، أن سرطان الثدي لدى الإناث احتل المرتبة الثانية بواقع (2,3 مليون حالة، 11,6في المئة).

بحسب منظمة الصحة العالمية فإن تأخر التشخيص بسرطان الثدي، وقصور إتاحة العلاج الجيد للمصابات به، يجعل النساء أكثر عرضة لخطر الوفاة.

وفق منظمة الصحة العالمية “سرطان الثدي مرض تنمو فيه خلايا الثدي غير الطبيعية بشكل خارج عن السيطرة وتشكل أوراماً. ويمكن للأورام إذا تركت دون علاج أن تنتشر في جميع أنحاء الجسم وتصبح قاتلة”.

تؤكد الجمعية الأمريكية للسرطان أن معظم كتل الثدي حميدة وليست سرطانية (خبيثة) حيث تعد أورام الثدي غير السرطانية نمواً غير طبيعي، لكنها لا تنتشر خارج الثدي. وهي ليست مهددة للحياة، ولكن بعض أنواع كتل الثدي الحميدة يمكن أن تزيد من خطر إصابة المرأة بسرطان الثدي.

كيف يمكنك دعم المصابات من حولك؟

يؤكد استشاري الطب النفسي الدكتور عبدالله أبو عدس، أن المناعة النفسية تعتبر من أهم مقومات العلاج الشمولي التي ترافق التشخيص ورحلة العلاج. ويضيف أن الرعاية النفسية الأولية، مع التشخيص ومن ثم الرعاية الداعمة اللاحقة، تعد من أهم ركائز البرامج الشمولية في علاج السرطان.

ويوضح أبو عدس خطوات هامة يجب توافرها في خطة الدعم النفسي :

  • تقبل المصابة غير المشروط.
  • التكيف مع التغيرات التي قد تحدث مع السيدة دون انتقاد.
  • الاستماع المتواصل وإعطائها الفرصة للتعبير المفتوح عن أفكارها ومشاعرها.
  • المساعدة في المهام المطلوبة على مستوى العمل أو الأسرة كمساعدة إيجابية وليس كحالة من إشعارها بالعجز.
  • الدعم من خلال الحقائق العلمية وليس الافتراضات والحقيقة أن الحالات قابلة للعلاج خاصة وإن تم اكتشافها في مراحل مبكرة وفق الصحة العالمية.
  • أهمية إشراك المصابة بمجموعات الدعم المجتمعي.
  • التوجيه والتشجيع المستمر على مراجعة الفريق الطبي والنفسي المختص للمشورة الأسرية مع الأخد بالاعتبار خصوصية الحالة.

“لم أتوقع بحياتي أن تمرض والدتي بهذا المرض”

الانتشار الواسع لسرطان الثدي بات مؤثراً على المرضى وعلى عائلاتهم، دانا، 30 عاما،ً وهي ابنة إحدى المصابات بسرطان الثدي تروي لبي بي سي تجربتها، وتؤكد أن ما تعيشه يعد “أصعب تجربة ممكن أن يعيشها الإنسان في حياته”.

تصف دانا صدمتها بإصابة والدتها بعمر صغير وتقول” والدتي في بداية الخمسينات، وهي أول من تصاب به في العائلة”. وتؤكد أن ما صعّب العلاج، هو اكتشاف المرض في مراحله المتأخرة، معتقدة أن كل العلاجات لهذا المرض في مراحله المتأخرة مجرد “تجارب”.

مريضة بالسرطان تجلس في عيادة

Getty Images
مريضة بالسرطان تشارك أعراضها مع طبيبة

بالرغم من ارتفاع الأرقام المسجلة بالإصابات بسرطان الثدي، إلا أن ما يبعث على التفاؤل بأن الكشف المبكر يساهم بشكل كبير في العلاج.

تقول الدكتورة جيلان إن الهدف الحقيقي هو الكشف المبكر، لأن السرطان إذا كان في مرحلة صفرية أو مرحلة أولى

يساهم في ارتفاع نسب الشفاء عن 98 في المئة، بالإضافة إلى أنه يسهل ويقصر، رحلة الشفاء ويحسن النتائج.

في حال وجود تاريخ وراثي في العائلة بالإصابة بسرطان الثدي، تقول الدكتورة جيلان أحمد، إن على السيدات الفحص قبل موعد الإصابة ب 5 سنوات، أي إذا أصيبت والدتها في عمر الأربعين، عليها الكشف بعمر الخامسة والثلاثين.

توضح الدكتورة جيلان أحمد، إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين الكشف المبكر والتشخيص المبكر، لافتة إلى أن الكشف المبكر يعني أن يتم تشخيص المرض في المرحلة الصفرية أو المرحلة الأولى، بينما الكشف المبكر، يعني أن السيدة تجري الفحص قبل ظهور أية أعراض.

ما قبل الأربعين: على السيدة أن تبدأ بفحص الثدي ذاتياً في آخر يوم في الدورة الشهرية، لتبحث عن أي جسم أو تكتلات في الثدي، أو تغير في ملمس الجلد أو أي إفرازات من الحلمة، وفي حال وجدت أي من هذه الأعراض، عليها التوجه إلى الطبيب فوراً، وتضيف جيلان إلى أنه بمجرد بلوغ السيدة سن الأربعين، عليها أن تبدأ فحص الماموغرام والسونار.

تقول الدكتورة جيلان إن سرطان الثدي من الأمراض الخاضعة للأبحاث والدراسات بشكل مستمر، لأنه مرض يتأثر بالهرمون والتركيب الجيني لكل سيدة، الأمر الذي أتاح إمكانية توفيرعلاج جيني ومناعي.

بحسب الخبراء فإن الوعي بالحقائق المتعلقة بسرطان الثدي يعد أمراً أساسياً لتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات قد تحمي حياتهم و حياة أفراد عائلاتهم.

وتدعو جيلان أحمد السيدات، إلى التوقف عن التدخين والكحول، وتجنب العلاجات الهرمونية، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة حيث تؤثر على مستوى الأنسولين والمواد التفاعلية للالتهاب، وتؤكد أن “ممارسة الرياضة يومياً لساعة تقلل من فرصة الإصابة بسرطان الثدي”.

هل سيصبح علاج سرطان الثدي أسهل مستقبلاً؟

صورة تظهرعالمة تعرض شريحة زجاجية عليها عينة من ورم كبير

Getty Images
عالمة تعرض شريحة زجاجية تحتوي على عينة من ورم كبير

في عام 1985 تبنت جمعية السرطان الأمريكية لأول مرة حملة للتوعية بسرطان الثدي، إذ كانت تستهدف الترويج لتصوير الثدي بالأشعة السينية كأداة مهمة لاستخدامها في مكافحة سرطان الثدي. وفي عام 1992 تم تقديم الشريط الوردي لأول مرة كجزء من حملة التوعية بسرطان الثدي.

يأمل الباحثون أن يحسّن اختبار دم “فائق الحساسية” التنبؤ باحتمالية عودة سرطان الثدي قبل عام من ظهور أعراضه.

حيث يلتقط هذا الاختبار آثار الحمض النووي للورم قبل حدوث انتكاسة كاملة، وقد ثبت أنه دقيق بنسبة 100 في المئة في التنبؤ بعودة السرطان إلى المرضى، إلا انه لا يزال في مراحله المبكرة.

وبحسب الخبراء، فإن الركائز في خفض معدل الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي تشمل: التثقيف في مجال الصحة العامة لتعزيز الوعي بين النساء وأسرهن بشأن علامات سرطان الثدي وأعراضه، والتشخيص المبكّر بالإضافة إلى العلاج الشامل لسرطان الثدي.

وتهدف منظمة الصحة العالمية إلى خفض معدل الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي في العالم بنسبة 2.5 في المئة سنوياً، وبالتالي تجنب 2.5 مليون حالة وفاة جراء سرطان الثدي على مستوى العالم بين عامي 2020 و2040.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.