“الغرب عاجز وإسرائيل تزعم بتحقيق أكبر انتصار لها على حزب الله”

تصاعد الدخان جرّاء ضربة إسرائيلية في بيروت.

Getty Images
الانفجارات كانت أقوى من سابقاتها في بيروت، حسب سكان المدينة.

علينا أن نتوقف الآن عن القول إن الشرق الأوسط على شفا حرب شاملة. فبعد الهجمات الإسرائيلية المدمرة على لبنان، التي قُتل فيها زعيم حزب الله حسن نصر الله، يبدو أنها الحرب فعلا.

بدأت الهجمات بسلسلة من التفجيرات الضخمة، حسب الموجودين في بيروت. وقالت لي زميلة، تقيم في المدينة، إن هذه الحرب أقوى من كل الحروب التي عرفها لبنان من قبل.

وبينما كان عمال الإنقاذ يبحثون بين الأنقاض، ظل حزب الله صامتاً بشأن مصير زعيمه ـ قبل أن يؤكد مقتله بعد ظهر يوم السبت.

ويعزز مقتل نصر الله اعتقاد الإسرائيليين بأنهم حققوا أكبر انتصار حتى الآن على عدوهم الأكبر.

وقد حشدوا المزيد من الجنود، ويعتزمون تشديد الضربات. وربما كانوا يفكرون في توغل بري في الأراضي اللبنانية.

إنه تصعيد غير مسبوق. فعلى امتداد 11 شهرا الماضية، لم يتوقف الطرفان عن الضربات المتبادلة، وإن كان الضغط الأكبر من الجانب الإسرائيلي.

ولكنهم قرروا الآن أن يواصلوا الضغط.

وسيكونون سعداء بما فعلوه -على النقيض من الحرب ضد حماس، والتي لم يتوقعوها- إذ كانوا يخططون لهذه الحرب منذ عام 2006، عكس الحرب المفاجئة مع حماس. وهم ينفذون الآن هذه الخطط.

ويجد حزب الله نفسه أمام تحديات كبيرة، بعد مقتل أمينه العام. فقد سقطت صواريخ الحزب مرة أخرى في إسرائيل صباح السبت، واستهدفت مواقع أبعد جنوبا. وهذا يعني أنهم يردون الضربات، ولكنهم يمرون بفترة من الغموض.

والغموض جزء من الخطر. ففي حرب الاستنزاف التي دامت شهورا، كان الناس يتوقعون ما سيحدث. أما الآن فهم لا يعرفون شيئا.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، كانت هناك آمال ضعيفة معلقة على أن يقبل نتنياهو، على الأقل، مناقشة مقترح وقف لإطلاق النار مدته 21 يوما. وكان المقترح من الولايات المتحدة وفرنسا. وحظي بدعم أقوى حلفاء إسرائيل في الغرب.

ولكن نتياهو ألقى خطابا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تميّز بالتحدي والعدوانية أحيانا. ولم يتحدث عن الدبلوماسية مطلقا.

وقال “إن إسرائيل لا خيار أمامها إلا محاربة الأعداء المتوحشين، الذي يسعون إلى القضاء عليها. سيهزم حزب الله. وسنحقق نصرا تاما على حماس يضمن عودة الرهائن الإسرائيليين”.

وأضاف “أن إسرائيل اليوم تنتصر. فلم نعد نساق إلى المذبحة كالنعاج”. وهذه عبارة تستعمل أحيانا في إسرائيل للإشارة إلى المحرقة النازية.

وكان للهجوم الضخم على بيروت، الذي تزامن مع انتهاء خطابه، إشارة أكثر تأكيدا على أن وقف إطلاق النار في لبنان ليس على جدول أعمال إسرائيل.

ويبدو أيضا أن توقيت الهجوم كان مقصودا لتأكيد تهديدات نتنياهو بأن إسرائيل تستطيع ضرب أعدائها أينما كانوا.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنها لم تُخطر مسبقا بالهجوم.

عمال يحفرون بين الأنقاض بحثا عن ناجين بعد الإضرابات يوم الجمعة.

Reuters

ونشر مكتب رئيس الوزراء نتنياهو في القدس صورة تظهره أمام تجهيزات للاتصال في ما يشبه فندقه في نيويورك. وقال تعليق الصورة إنها تُظهر اللحظة التي أعطى فيها الإذن بشن الهجوم.

ودافع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن السياسة التي عمل عليها منذ شهور. وقال إن المجال مازال متاحا للمفاوضات. ولكن تصريحاته تبدو الآن كلمات جوفاء.

ولا تملك الولايات المتحدة أي وسيلة تضغط بها على أي من الأطراف المتنازعة. فالقانون يمنعها من التواصل مع حزب الله وحماس، لأن أمريكا تصنفهما تنظيمين أجنبيين إرهابيين. ولأن الانتخابات الأمريكية على بُعد أسابيع قليلة، فالولايات المتحدة أقل قدرة على ممارسة أي ضغط على إسرائيل من العام الماضي.

وكانت أصوات قوية في الحكومة والجيش الإسرائيلي تريد ضرب حزب الله وحماس معا، عقب هجمات أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، معللة بأن إسرائيل يمكنها إلحاق هزيمة حاسمة بعدوها في لبنان. ولكن الأمريكيين أقنعوهم بالعدول عن ذلك. وكانت حجتهم أن الاضطرابات التي قد تحدث بالمنطقة سوف تنسف أي فوائد أمنية محتملة لإسرائيل.

ولكن خلال العام الماضي اعتاد نتنياهو على تحدي رغبات الرئيس جو بايدن حول الطريقة التي تقاتل بها إسرائيل. وعلى الرغم من تزويد بايدن لإسرائيل بالطائرات والقنابل التي شنت بها الهجوم على بيروت، فإنه وفريقه كانوا مجرد متفرجين على المشهد.

وتمثلت سياسته العام الماضي، باعتباره مساندا أبديا لإسرائيل، في محاولة التأثير على نتنياهو بإظهار التضامن والدعم، بالأسلحة والحماية الدبلوماسية.

واعتقد بايدن أنه يستطيع إقناع نتنياهو، ليس بتغيير طريقة القتال، التي قال الرئيس الأمريكي مرارا وتكرارا إنها أسرفت في قتل المدنيين الفلسطينيين، فحسب، وإنما بقبول الخطة الأمريكية لما بعد الحرب، والتي ترتكز على إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.

ورفض نتنياهو الفكرة جملة واحدة. وتجاهل نصيحة بايدن.

وبعد الهجوم على بيروت، كرر بلينكن وجهة نظره بأن إجرءات الردع والدبلوماسية مجتمعة جنّبت الشرق الأوسط حربا أوسع نطاقا. ولكنه لم يعد يقنع أحدا، بعدما أخذت الأحداث تخرج عن يد الولايات المتحدة.

ولكن المنطقة تنتظرها قرارات كبرى.

أولا، حزب الله سيكون عليه اتخاذ قرار بشأن كيفية استخدام ما بقي لديه من أسلحة. فهل سيشن الحزب هجمات أكبر على إسرائيل؟ وإذا لم يستخدموا الصوراريخ المخزنة لديهم فإنهم يعتقدون أن إسرائيل ستعود لتدمير المزيد منها.

وسيكون على إسرائيل أيضا اتخاذ قرارات لها تبعات كبيرة. فقد سبق لهم أن تحدثوا عن عملية برية على لبنان. وسيكونون من أجل ذلك بحاجة إلى استدعاء قوات الاحتياط. وقال الجيش السبت إنه “جاهز لتصعيد أوسع”.

ويعتقد البعض أن حزب الله قادر، في الحرب البرية، على كسر بعض القوة العسكرية الإسرائيلية.

ويأمل دبلوماسيون غربيون، بينهم داعمون لإسرائيل، أن تهدأ الأوضاع، داعين إسرائيل على قبول حل دبلوماسي. وهم ينظرون الآن إلى الأحداث بقلق، وهم عاجزون عن فعل أي شيء.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.