خبراء أمميون يبدون مخاوفهم حول الأوضاع في “سجن جو” البحريني، فماذا يجري؟

بوابة سجن

Getty Images

“لا أعرف شيئا عن حال أولادي، لا أعلم ما إذا كانوا قد أكلوا أو شربوا، وهذا شعور مؤلم جدا لقلب أمّ”، بغصّة تتحدث هذه الوالدة لثلاثة معتقلين في سجن جو المركزي في البحرين منذ 10 سنوات، والمحكومين بالسجن المؤبد.

تفضّل عدم ذكر اسمها، وتقول إن أبناءها موقوفون سياسيون، وفقدت الاتصال معهم منذ شهر يونيو/حزيران الماضي.

تنقل الأم عن أبنائها في الاتصال الأخير أن مياه الشرب مقطوعة عنهم، وتقول إن جسدهم أصبح هزيلا جدا، إذ لا يُسمح لهم بالتوجه للبقالة على الرغم من أن الأهالي هم من يدفع التكاليف.

المطلب الأساس لهذه الأمّ كغيرها من أهالي الموقوفين، هو الإفراج عن أولادها ضمن عفو ودون قيد أو شرط.

كيف بدأت حركة الاحتجاج؟

بحسب مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية سيد أحمد الوداعي، بدأت حركة الاحتجاج في شهر مارس/آذار الماضي عندما توفي السجين “حسين خليل ابراهيم كاظم” في سجن جو، في حادثة قالت وقتها الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل إنه “سقط مغشيا عليه أثناء ممارسته رياضة كرة القدم حيث أعلنت المستشفى وفاته بعد نقله إليها بسيارة الإسعاف”، في حين قالت منظمات محلية مدافعة عن حقوق السجناء إن إدارة السجن تعمّدت الإهمال الطبي على الرغم من أن الموقوف كان قد طلب علاجه.

الوداعي وفي حديث لبي بي سي، أوضح أن سجن جو المركزي يضمّ 13 مبنى مخصصا للسجناء، من بينها 4 مباني خاصة بالسجناء السياسيين على الرغم من وجود بعضهم في مبان أخرى، وهؤلاء يبلغ عددهم الكلي 540 سجينا.

ويضيف أن موقوفي المباني الأربعة بدأوا احتجاجا رفضوا من خلاله الدخول إلى الزنزانات، مطالبين بالإفراج عنهم والحصول على حقوقهم مثل الرعاية الطبية وقضاء وقت أطول خارج الزنزانة في باحة السجن، وتحسين أوضاع السجون، بالإضافة للحصول على فرص التعليم وتحديدا التعليم الجامعي وبرامج تأهيلية في السجن.

https://twitter.com/moi_bahrain/status/1772564459724099724

وتحت شعار “إنهاء سياسة الموت البطيء” كما يسميها السجناء، توسّعت رقعة الاعتصام وانضمّ إليهم في أول أسبوع موقوفو مبنيي 5 و6 اللذان يضمّان سجناء غير سياسيين، وفي الفترة الأخيرة سُجل انضمام السجناء السياسيين في مبنى رقم 2، وبحسب الوداعي، فإن المشاركين في الحركة الاحتجاجية حتى اليوم، أكثر من 500 سجين سياسي.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أي الشهر الذي تلا بداية الاحتجاجات في سجن جو، أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مرسوماً ملكياً بالعفو الشامل عن 1584 سجيناً من المحكومين في قضايا جنائية إضافة إلى محكومين في قضايا إثارة الشغب، وذلك بمناسبة اليوبيل الفضي لتوليه مقاليد الحكم وتزامناً مع الاحتفالات بعيد الفطر المبارك، في أكبر عفو من نوعه منذ سنوات.

ولكن على الرغم من تلك الخطوة استمرّت الحركة الاحتجاجية داخل سجن جو بحسب الوداعي، حيث خرجت الأمور عن سيطرة إدارة السجن، فبدأ المعنيون سياسة التضييق.

وبحسب الوداعي، اتُخذت إجراءات في المباني التي شهدت وتشهد حركة احتجاجية فقط لا غير، فغُيّبت الخدمات الأساسية بدءً بتضييق وجبات الطعام وتخفيض الكمية في الوجبات المقدمة، كما تم منع السجناء من التوجه لبقالة السجن بعدما كان مسموحا مرّة كل شهر لشراء السندويشات وغيرها.

والأخطر يقول الوداعي، قطع الكهرباء بشكل كامل وتعطيل المكيفات في درجات حرارة مرتفعة وحرّ شديد، كما مُنعت الزيارات وقُطعت الاتصالات بشكل كامل.

ويقول أحد الموقوفين في سجن جو في تسجيل حصلت عليه بي بي سي: “نحن نعيش في مكان أشبه بمغارة في الحرّ والظلام، لا مقومات حياة موجودة هنا”.

ويضيف أن السجناء يتعرضون لسياسة الضغط والتعذيب النفسي للتراجع عن مطالبهم، إذ قُطعت عنهم الكهرباء ووسائل التبريد والتكييف ومياه الشرب الباردة فضلا عن إدخال وجبة طعام ومنع أخرى عنهم، على حد قوله.

خبراء أمميون يتحركون، والحكومة تنفي

ووجه ثلاثة خبراء أمميين مستقلين دعوة إلى البحرين لاتخاذ إجراءات فورية من أجل ضمان حقوق المحتجزين في سجن جو بعد ادعاءات مفادها أنهم يواجهون ظروف اعتقال سيئة.

وفي بيان نُشر على موقع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، طلب الخبراء الأمميون من البحرين ضمان ظروف احتجاز تُستوفى بموجبها سلامة ومعايير النظافة لجميع الموجودين في السجن، وبدء حوار حقيقي مع السجناء وعائلاتهم لتحسين ظروف الاحتجاز.

وأوضح الخبراء المستقلون المكلّفون من الأمم المتحدة أنهم تلقوا ادعاءات “مقلقة” مفادها أنه منذ أذار/مارس الماضي، وردا على احتجاجات السجناء من أجل تحسين ظروفهم، يُحرم المحتجزون في بعض مباني السجن من الرعاية الطبية اللازمة ولا يحصلون بشكل منتظم على الغذاء الكافي ومياه الشرب، وأضافوا أن الادعاءات تشير إلى أن السلطات أوقفت عمل مكيفات الهواء ما يعرض السجناء لحرارة شديدة مع وصول درجات الحرارة إلى 50 مئوية ما اعتبروه أمرا “مقلقا بشكل خاص”، كما طالبوا بإلغاء القيود المفروضة على تنقل السجناء وقطع الاتصالات مع عائلاتهم.

https://twitter.com/UN_SPExperts/status/1824012489895370824

البيان الموقّع من قبل المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري ورئيسة أمانة مبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب أليس جيل إدواردز والمقررة الخاصة المعنية بالحق في الصحة تلالينغ موفوكينغ، أشار كذلك إلى أنهم أثاروا مخاوفهم ومطالبهم مع الحكومة، وأن أهالي السجناء أثاروا هذه المسألة أمام هيئات المراقبة الوطنية، ورغم الضمانات التي قُدِّمت لهم، لم يتغير الوضع.

في المقابل، أعلن متحدث حكومي بحريني أن جميع المحتجزين في مملكة البحرين يتمتعون بنفس الرعاية الصحية التي يتمتع بها عامة الناس من المواطنين والمقيمين، والتي تشرف عليها المستشفيات الحكومية بشكل مباشر.

وفي تعليق لبي بي سي أضاف أن الالتزام بالحفاظ على بيئة آمنة وسليمة داخل جميع مرافق الإصلاح والتأهيل إلى جانب تقديم معايير عالية لا يزال قائماً، وأي تلميحات بخلاف ذلك هي “كاذبة”، لافتا إلى أن هذا الالتزام يتماشى مع مهمة البحرين “الأوسع نطاقاً للحفاظ على الأمن والنظام العام والاستقرار” في جميع أنحاء البلاد.

وفي ما يتعلق بمنشأة جو، قال المتحدث الحكومي البحريني إن مركز الإصلاح والتأهيل حصل العام الماضي على الاعتماد الدولي من الجمعية الإصلاحية الأمريكية من خلال اجتياز واستكمال كل المعايير المتعلقة بالسلامة والأمن والنظام والرعاية الصحية والبرامج والأنشطة والعدالة والإدارة والتنظيم، مشيرا إلى أنه يتم الحفاظ على حقوق المحتجزين والخدمات كما هو موضح في قانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل، كما أن برامج وإجراءات إعادة التأهيل تلتزم بمعايير حقوق الإنسان ما يعكس التزام البحرين بنظام عدالة جنائية تقدمي، على حد تعبيره.

وتابع المتحدث الحكومي البحريني أنه ولضمان سلامة المحتجزين بشكل أكبر، تسهّل الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل الاجتماعات بين المحتجزين ومنظمات حقوق الإنسان المختلفة والهيئات الحكومية وكيانات الرقابة المستقلة، الأمر الذي يوفر منصة للتواصل المفتوح ومعالجة المخاوف وضمان الوفاء بحقوق السجناء.

من جهتها، ذكرت هيئة شؤون الأسرى في البحرين أن جلسات من التفاوض عُقدت بين الموقوفين المعتصمين في سجن جو المركزي من جهة، ووزارة الداخلية والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان من جهة أخرى لوقف احتجاجهم المستمر.

وبحسب المتحدث الرسمي للهيئة جعفر يحيى، جرى التوافق على تنفيذ اتفاق على ثلاث مراحل ينتهي بوقف الحركة الاحتجاجية والإفراج عن الموقوفين، ولكن لم يحصل عليه إجماع من قبل المعتصمين لعدم وجود ضمانات كافية في ما خص عملية الإفراج تحديدا.

ويوضح يحي أنه في المرحلة الأولى ستعيد إدارة السجن تشغيل الكهرباء وإعادة الموقوفين المعزولين وعددهم نحو 62، وتحسين الوجبات المقدمة للسجناء والسماح لهم بالشراء من بقالة السجن، ولكن لم تنفّذ أي من بنود الاتفاق حتى اليوم، وأبسطها إعادة التيار الكهربائي على حد قوله.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.