لماذا أشارك في الأولمبياد بينما يموت الناس في بلدي؟

جينيا كازبيكوفا تستعد لدورة الألعاب الأولمبية في باريس

Getty Images
جينيا كازبيكوفا تستعد لدورة الألعاب الأولمبية في باريس

عندما استيقظت المُتسلقة الأوكرانية جينيا كازبيكوفا فجرا على أصوات القنابل وهي تدوي في العاصمة الأوكرانية كييف، لم يكن لديها الوقت الكافي لاستيعاب ما يجري وفهم مدى التغيير الكبير الذي سيطرأ على حياتها.

“لقد كانت واحدة من أكثر التجارب المروعة التي مررت بها في حياتي”.

وتشرح كازبيكوفا قائلة :”استيقظت ونظرت إلى أمي وتساءلت، ما هذا؟ ما تلك الأصوات؟ وبدأنا في البحث على وسائل التواصل الاجتماعي، لنعرف ما يجري. انهمرت أخبار الانفجارات من كل مكان في جميع أنحاء أوكرانيا، وأتذكر أنني كنت أحاول حزم أغراضي بيدين مرتعشتين وقلب يرتجف”.

جدل على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تمثيل لاعبة الدراجات شهد سعيد لمصر في أولمبياد باريس 2024

المغربية نور السلاوي تصنع التاريخ في باريس

وبعد مرور عامين، تستعد المتسلقة الرياضية البالغة من العمر 27 عامًا للمنافسات الأولمبية في نوعين من التسلق الرياضي – منافسات البولدر والليد- وتعرف بمنافسات الكومبايند التي تجمع بين البولدرينغ وتسلق الليد.

وهذا إنجاز لم يكن بوسع كازبيكوفا أن تتخيله عندما اضطرت هي وعائلتها كالملايين إلى اللجوء من أوكرانيا بعد انلاع الحرب في فبراير/شباط من عام 2022.

وقالت كازبيكوفا لراديو بي بي سي “كان الجميع يفرون، يحاولون النجاة، لقد كان وقتا فظيعا. انقطع الطعام ولم يعد لدينا أي شيء ولم يسمح لنا حتى بالتوقف”.

قادت كازبيكوفا، مع شقيقتها ووالديها، السيارة لمدة أربعة أيام للوصول إلى ألمانيا وكان عليها الانتظار لمدة يومين لعبور الحدود البولندية.

وقالت: “تستمر في السير، وأحياناً تكون في طابور يبلغ طوله خمسة كيلومترات إلى الحدود وتتحرك خمسة أمتار كل بضع دقائق. ولا يمكنك النوم، ولا يمكنك الاعتناء بنفسك بشكل صحيح”.

وأضافت كازبيكوفا قائلة :”وصلنا إلى ألمانيا منهكين تمامًا، لكن على الرغم من التجربة الصعبة، فنحن نعد من المحظوظين إذ كانت لدينا الفرصة للهرب، فهناك الكثير من الناس اضطروا إلى البقاء في أوكرانيا”.

“لماذا أتنافس بينما يموت الناس في بلدي؟”

التسلق هو الشيء الثابت في حياة كازبيكوفا، وهو “آلية التكيف” الأساسية التي تعتمد عليها خلال فترة الاضطرابات والصدمات.

وقد ساعدها مدربها مالك على إدراك أهمية السعي وراء أحلامك. فهو عاش ظروفا مماثلة إذ فر هو نفسه من الحرب في وطنه لبنان وهو في الـ18 من عمره.

وتقول كازبيكوفا: “كان يدرك بالضبط ما كنت أمر به دون أن أضطر حتى إلى إخباره، وتمكن من إنارة طريقي وإخراجي من ظلمة الحزن والضياع”.

“لم أر هدفاً من التسلق والناس في بلدي يموتون ولم أعد أرى أو أشعر بأي فائدة من المسابقات والتنافس في ظل الموت”.

“مدربي مالك تمكن من توسيع مجال تفكيري وجعلني أدرك مدى أهمية حضوري، وأهمية أن أجعل حتى ولو شخصا واحدا يهتم، أن أجعل شخصا ما يفهم ما يجري في بلادي، أن يساعد بطريقة ما ولو بسيطة.”

كازبيكوفا بطلة رياضة التسلق الأوكرانية من عام 2012 إلى عام 2021

Getty Images
كازبيكوفا بطلة رياضة التسلق الأوكرانية من عام 2012 إلى عام 2021

التسلق “جزء من إرث العائلة”

إن التسلق، بالنسبة لكازبيكوفا، ليس مجرد رياضة، إنه شيء يتعلق بإرث الأسرة على مدى أجيال.

فقد تنافس أجدادها ووالداها على المستوى الدولي في هذه الرياضة، وتتذكر كازبيكوفا أنها ترعرعت في الملاعب، فقد اصطحبها والداها إلى كأس العالم والبطولات منذ طفولتها.

وقالت كازبيكوفا: “إن التسلق هو في الواقع جزء من إرث عائلتي، هذا هو الشيء الذي أبقاني على قيد الحياة وحافظ على اتزاني. فهو الوسيلة الوحيدة التي تمكنني من ترك هاتفي جانباً والتركيز على نفسي والتوقف عن متابعة الأخبار والتوقف عن القلق والقيام بما أحب فحسب”.

والآن تتجه أنظار كازبيكوفا بقوة إلى الألعاب الأولمبية المقامة في العاصمة الفرنسية باريس إذ تظهر رياضة التسلق للمرة الثانية فقط في الألعاب الأولمبية.

وستظهر كازبيكوفا لأول مرة في الأولمبياد بعد أن غابت عن طوكيو قبل ثلاث سنوات بعد معاناتها من الإصابة بفيروس كوفيد.

وتقول كازبيكوفا: “إن وجودي في باريس، والقدرة على ارتداء الزي الرسمي الأوكراني وإظهار مدى قدرة الأوكرانيين على الصمود، هو الحلم الذي أصبح حقيقة، وهذا هو الدافع الأكبر لدي الآن”.

وحجزت كازبيكوفا مكانها في باريس من خلال سلسلة التصفيات الأولمبية في شنغهاي وبودابست في الشهر الماضي، حيث احتلت المركز السادس في الترتيب العام.

وأضافت قائلة: “كم يعني الآن بالنسبة لأوكرانيا أن يكون لها تمثيل في العالم لمواصلة تذكير الناس بأننا ما زلنا بحاجة إلى المساعدة، وما زلنا بحاجة إلى الدعم، وأننا مازلنا نناضل بقوة في معركة تعني الكثير”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.